ما أن أعلنت مصادر سعودية نبأ وفاة الأكاديمي البارز عبدالله الحامد بعد تدهور وضعه الصحي، إلا وانطلقت عدة أوسمة وأوصاف للداعية الراحل ما بين “شيخ الإصلاحيين” و”شيخ الإصلاح” و”مؤسس حسم”، و”المناضل”، ذلك لأن الحامد هو أبرز المعتقلين في سجون السعودية، وتعاقب الملوك عليه وولاة العهد لكن جميعهم قرر التضييق عليه وتوافقوا على سجنه، وتمادوا في الانتهاكات ضد بدءا من الإهمال الطبي المتعمد وصولا إلى التعذيب.
من هو عبدالله الحامد؟
عبد الله الحامد هو ناشط وشاعر وباحث ومفكر سعودي ولد في 12 يوليو/تموز عام 1950 في مدينة بريدة، حصل على الدكتوراه في الأدب من كلية اللغة العربية جامعة الأزهر في القاهرة، قبل أن يعود إلى السعودية ويؤسّس “لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعيّة” و”جمعية الحقوق المدنية والسياسيّة” (حسم).
درَّس في قسم الشريعة بكلية الشريعة واللغة العربية في القصيم مادة “الثقافة الإسلامية” 15 عاماً، قبل أن يشارك في عام 1993، بإنشاء لجنة حقوق الإنسان، وفُصل على أثر ذلك من الجامعة.
اعتُقل بعد ذلك ثلاث مرات، دامت كل منها بضعة أشهر خلال الأعوام 1994، و1995، و1996، ثم اعتُقل في المرة الرابعة عام 2004. كما تكرر اعتقاله بعدها فترات لم تدم طويلاً.
ويعد “الحامد” من أبرز المعتقلين السياسيين في السعوديّة، وواحدًا من ثلاثة حقوقيين اعتقلوا عام 2004 على خلفيّة مطالبتهم بـ”إصلاح سياسي”، وعرفت قضيّتهم إعلاميًا باسم “الإصلاحيين الثلاثة”.
وبرز “الحامد” منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما طالب حينها بـ”ملكية دستورية”، ومن أبرز ما قاله في كتاب “حقوق الإنسان”، عبارة “لا صاحب سمو ولا صاحب دنو في الإسلام”.
وحُكم على “الحامد”، في 9 مارس 2013، بالسجن 11 سنة، في محاكمة جمعية “حسم”، واعتُقل يومها حتى وفاته فجر اليوم بعد أزمة صحية حادة.
الحامد وتأسيس حسم
ويعتبر الحامد أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية المعروفة اختصاراً باسم “حسم”، وهي جمعية أسسها نحو 12 ناشطا حقوقيا وأكاديميا عام 2009، وكان أول ظهور بارز للجمعية عقب السيول التي شهدتها مدينة جدة في 2009، وأصدرت وقتها بياناً أدانت فيه ما سمته “الفساد السياسي”، داعيةً ملك البلاد إلى تشكيل برلمان منتخب بصلاحيات أكبر تمكنه من حساب المسؤولين.
ولاحقت السلطات السعودية مؤسسي جمعية “حسم” ملاحقات أمنية شرسة منذ عام 2011، حيث اعتقلت محمد البجادي في 21 مارس 2011، وحُكم عليه بجلسة سرية في 10 أبريل 2012، بالسجن 4 سنوات. وفى 22 مايو 2012، صدر قرار يقضي بمنع فوزان الحربي من السفر. وفي 12 ديسمبر، اعتُقل سليمان الرشودي، ويُذكر أن الرشودي كان محكوماً عليه بالسجن 15 عاماً في القضية التي عٌرفت باسم “إصلاحيي جدة”.
وفي 9 مارس 2013، أصدرت المحكمة الجزائية بالرياض حكماً في محاكمة “حسم”، شمل حل الجمعية ومصادرة أملاكها فوراً، واعتقال مؤسسيها، الذين كان أحدهم “الحامد”، إضافة إلى المعتقل محمد القحطاني، الذي حُكم عليه بالسجن 10 سنوات.
وتهدف الجمعية، بحسب بيان إشهارها آنذاك، إلى التوعية بحقوق الإنسان، مركِّزة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، في ظل انتهاكات السلطات السعودية المستمرة ضد نشطاء الرأي بالمملكة.
أفكار إصلاحية قيمة
وللحامد أفكار إصلاحية متعددة أرقت بن سلمان وولاة السعودية باستمرار، حيث رفض الحامد الحكم المطلق في السعودية، وأكده أنه لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل ولابد أن يتحول النظام الملكي المطلق إلى ملكية دستورية بأن تكتفي الأسرة المالكة بالعرش وولاية العهد ثم بعد ذلك توجد أحزاب بحيث لا يصل إلى منصب وزاري إلى من فاز حزبه ثم يخضع أي مسؤول في الدولة للمحاسبة والمراقبة والعزل.
الي ما يعرف مين الدكتور #عبدالله_الحامد رحمه الله؟
ولماذا سجن ٨ مرات ومات في سجنه..؟1- اكتفاء اسرة ال سعود بالملك وولاية العهد.
2-فتح الباب للمشاركة السياسية الشعبية بشكل سلمي منظّم ينتج كفاءات قادرة على تطوير الدولة ومحاربة الفساد.. على غرار النظم الديموقراطية الملكية????????????????. pic.twitter.com/i2DMbkAoJx— ..???????? (@KhalidAldossri) April 24, 2020
كما اعترض على نظام الحكم في المملكة واعتبر أنه يتضمن استبدادا مركبا دينيا وسياسيا، رافضا استخدام لفظ ولي الأمر، وقال إن ولي الأمر هو الشعب وليس الحاكم، فالشعب ولي أمر الحاكم وليس العكس.
ويرى أن الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد لا يمكن أن ينشأ في ظله قضاء مستقلا على الإطلاق، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الثقافة الدينية الرسمية في المملكة هي ثقافة قمعية فهي توالي الحاكم أيا كان من خلال نشر ثقافة الاستسلام والتسليم.
كما يرفض الحامد اختطاف مفهوم الجهاد ليكون حكرا على الجهاد العسكري ضد العدوان الخارجي ويرى ضرورة أن يشمل الجهاد المدني ضد الأنظمة المستبدة، فيقول “أليس من المشروع للمصلح الديني والسياسي اليوم أن يقول:إن الجهاد الأكبر الذي تركه المسلمون، فخربوا بيوتهم بأيديهم؛ هو جهاد الفرعنة السياسي السلمي؟، أوليس ذلك من باب جلاء العقيدة أم أنه إخلال بها.”
كما لفت الأنظار إلى معاصٍ ومنكرات سياسية مسكوت عنها؛ إذ يقول في كتابه حقوق الإنسان بين نور الإسلام و غبش الملك العضوض: “ولا يجوز السكوت عن المنكرات السياسية، لأنه من الكبائر والمعاصي الكبرى، التي تفضي إلى هدم الدولة والملة، حتى لو عرض الناس أنفسهم للاضطهاد والاستشهاد”.
اقرأ أيضًا: بن سلمان قتلهما.. خاشقجي دعم الحامد وسعى لترشيحه لجائزة نوبل
اضف تعليقا