المعارضة السورية تتهم السعودية بالتدخل في شؤونها بهدف تغيير “هيئة التفاوض” لأغراض سياسية
اتهم رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية “نصر الحريري“، المملكة العربية السعودية، بالتدخل المباشر و”الصارخ” في آليات عمل الهيئة، في رسالة داخلية، تم الكشف عنها بعد دعوة مسؤول سعودي لإجراء انتخابات جديدة للهيئة.
وكان مدير دائرة الشؤون العربية في وزارة الخارجية السعودية “سعيد سويعد”، قد دعا لإجراء انتخابات جديدة للهيئة، والاستعاضة عن الأعضاء المستقلين، بكتلة جديدة تم اختيارها في وقت سابق.
كما وجّه “سويعد”، رسالة إلى مكونات وشخصيات من الهيئة لـ”استئناف اجتماعاتها إلكترونياً، بمشاركة المستقلين الجدد، لسدّ الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس لها”، في خطوة يربطها البعض بمحاولات سعودية لتغيير الهيئة الحالية لأسباب سياسية.
وهو ما استدعى أن يشير إليه “الحريري”، في رسالته التي تم توجيهها إلى أعضاء الهيئة، إلى أنّ ما قام به المسؤول السعودي “يخرج عن كل العهود والمواثيق، وعن نصّ استضافة خادم الحرمين الشريفين للسوريين وهيئتهم التفاوضية”.
وشدد “الحريري” قائلاً: إن “سعيد يتدخّل بشكل صارخ في شؤون الهيئة، خلافاً لتاريخ المملكة، وسياسة وزير الخارجية (الأمير فيصل بن فرحان) والوزير ثامر السبهان المسؤول عن الملف السوري، كما تمّ إبلاغنا بذلك”.
كما أضاف جملة من الأسباب التي تحول دون قبول الرسالة التي وجهها “سويعد”، ودعوته بخصوص الانتخابات، منها أن “هذا الإجراء ينسف جوهر الرسالة المشتركة التي أبلغنا بها عن المجموعة المصغرة في احترام الهيئة واستقلالية قرارها”.
ووفقًا لـ “الحريري”، فإن الرسالة تخرج عن الأساس المرجعي وشرعية ما تمّ الاتفاق عليه في مؤتمر “الرياض 2″، وتحاول فرض أعضاء جدد في الهيئة دون تصويت.
وأوضح “الحريري”، أنّ الرسالة “تتجاهل النظام الداخلي للهيئة والمقرّ من قبل أعضائها، والذي ينصّ على عدم قبول استبدال أي من أعضائها دون إجراء التصويت القانوني”.
كما اعتبر أن دعوة المسؤول السعودي، “تمثّل امتهاناً لكرامة السوريين ومحاولة فرض الوصاية عليهم، وإظهار أنهم غير قادرين على إدارة شؤونهم، وهذا بطبيعة الحال سيؤكّد فيما لو تم دعاية النظام وحلفائه في ارتهان المعارضة لجهات خارجية”.
كما أشار الحريري إلى أنّ الرسالة “تتحدث عن انتخابات وفراغ رئاسي”، مشدداً على أنّ “السوريين وحدهم من يحددون ذلك”.
وتابع: “لا يوجد أحد في الهيئة يرفض إجراء الانتخابات، بل هي موجودة كنقطة أولى في جدول الأعمال، وما الإشاعات التي تسمع هنا وهناك عن قضية الانتخابات إلا محاولات هروب إلى الأمام وابتعاد عن الحقيقة”.
واعتبر رئيس هيئة التفاوض في المعارضة السورية، أن هذا التصرف “يهدد وحدة الهيئة، وينذر بتقويض كل الجهود التي بذلت في سبيل التوصل إلى حل سياسي”.
وحذّر من أن ذلك “يفتح المجال أمام العديد من الدول والأطراف في المستقبل للتدخل في الهيئة وقراراتها، بما يجعلها رهينة التجاذبات والمصالح الإقليمية والدولية، وهذا ما لا يجب السماح به”.
وأشار إلى أن الرسالة “تخالف قرار هيئة التفاوض في اجتماعها الذي تم بالتنسيق مع الأشقاء في المملكة والأصدقاء من المجتمع الدولي، والذي أبقى الرئاسة الحالية حتى يتم انتخاب هيئة رئاسية جديدة بأسرع وقت ممكن”.
ووفق مراقبين، فإن رسالة “الحريري”، إلى أعضاء الهيئة، تكشف سعي الرياض إلى ترتيب أوراق المعارضة السورية، بما يتناسب والسياسة السعودية، التي شهدت في الآونة الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في ثوابتها تجاه القضية السورية، وخصوصاً لجهة الإصرار على استبعاد رئيس النظام “بشار الأسد” وأركان حكمه من السلطة.
ولم يصدر أي تعليق من السلطات السعودية على رسالة “الحريري”.
ورفضت شخصيات عدة لها ثقل في المعارضة السورية التعليق على رسالة “الحريري” لأعضاء الهيئة، ولكن مصدراً رفيع المستوى في الأخيرة (فضّل عدم ذكر اسمه)، اعتبر في حديث لـ”العربي الجديد” أنّ “من سرّب هذه الرسالة الداخلية، يعتقد أنه وجد صيداً ثميناً للتخريب”.
وأضاف: “هذا تسريب مغرض من طرف له ثأر لدى السعودية”.
ونفى المصدر وجود تدخل سعودي رسمي في شؤون هيئة التفاوض، وقال: “إذا حاول موظّف التدخل فذلك لا يعني أنّ المملكة تتدخل”.
وانبثقت هيئة التفاوض السورية، عن مؤتمر “الرياض 1” الذي عقد في العاصمة السعودية أواخر عام 2015، وذلك من أجل خوض المفاوضات مع النظام السوري تحت إشراف أممي، بوفد موحّد من المعارضة.
وتشكّلت الهيئة من “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، و”منصة القاهرة” التي شاركت في المؤتمر في خانة المستقلين، و”هيئة التنسيق الوطني” (معارضة الداخل)، وبعض الفصائل المسلحة، إضافة إلى شخصيات مستقلة.
وفي 2017، انعقد مؤتمر “الرياض 2″، وسط تدخلات عربية وإقليمية، ما دفع أبرز أعضاء هيئة التفاوض، وفي مقدمتهم رئيسها “رياض حجاب” إلى الاستقالة.
وتتهم الهيئة في دورتها الثانية بالرضوخ لضغوط عربية وإقليمية من خلال إعطاء المسألة الدستورية الأولوية على حساب الانتقال السياسي وفق قرارات الشرعية الدولية.
وكانت مصادر مطلعة قد ذكرت أنّ الرياض استبعدت قيادة الهيئة بنسختها الأولى بسبب رفضها أي تنازل تحت ذريعة “الواقعية السياسية”.
والعام الماضي، استضافت الرياض اجتماعات لشخصيات “مستقلة سورية معارضة”، اختاروا ممثلين مستقلين جدداً في الهيئة، وهو ما اعترض عليه “الحريري”، معتبراً أنّ ما جرى لا يستند إلى أي إجراء قانوني.
اقرأ أيضًا: انقلاب جنوب اليمن ..هل ينذر صراع المصالح بنهاية الحلف السعودي الإماراتي؟
اضف تعليقا