في الوقت الذي يقوم فيه النظام المصري بإرسال التبرعات إلي أمريكا و دول أوروبية، كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أن الحكومة تجري مناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على قرض جديد، فيما تتزايد مخاوف مواطنين من إجراءات قد تصل هذه المرة إلى عمليات تسريح واسعة للموظفين في الجهاز الإداري للدولة، بعد أن عانوا من إجراءات مؤلمة بعد حصول الدولة على القرض السابق.
وفي مؤتمر صحفي الأحد، قال مدبولي إن المناقشات مع الصندوق ستبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفا أن المجموعة الاقتصادية وضعت سيناريوهات في حالة استمرار الأزمة لوقت طويل، ومن المتوقع مناقشة إجراءات البرنامج (القرض) الجديد مع صندوق النقد خلال الأيام المقبلة دون أن يوضح حجم الدعم المالي المحتمل، لكن مصادر توقعت أنه يتراوح ما بين 3 و4 مليارات دولار ولمدة عام.
وقال صندوق النقد الدولي في بيان صدر اليوم الأحد إنه يتوقع عرض طلب مصر للتمويل السريع على مجلس إدارته خلال أسابيع، بدورها، قالت كريستالينا جورجيفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي في البيان “ندعم بالكامل هدف الحكومة، في الحفاظ على المكاسب الكبيرة التي تحققت في ظل تمويل الصندوق الممتد لثلاث سنوات، والذي تم الانتهاء منه بنجاح العام الماضي”.
من جانبه قال طارق عامر رئيس البنك المركزي أن “الحكومة اتخذت مع البنك المركزي إجراءات ناجحة للغاية، وهو ما جعل الاقتصاد المصري مرناً في مواجهة الأزمات”، مردفاً “صندوق النقد الدولي متحمس للغاية إزاء البرنامج الجديد مع مصر، والذي تبلغ مدته عاماً واحداً فقط، مع الوضع في الاعتبار أن احتياطي البلاد من النقد الأجنبي يستطيع تحمل صدمات أزمة كورونا لمدة عام أو عامين”.
تداعيات كورونا
وقبل أيام، قالت وكالة “رويترز” إن فيروس “كورونا” تسبب في خفض توقعات نمو الاقتصاد في مصر للعالم الحالي، وتابعت أن من المتوقع أن ينمو اقتصاد مصر بنسبة 3.5% في السنة المالية، التي تبدأ في يوليو/تموز، انخفاضا من 5.9% التي توقعها اقتصاديون قبل 3 أشهر فقط قبل اجتياح فيروس كورونا للعالم.
وبحسب متوسط توقعات 20 اقتصاديا شملهم الاستطلاع في الفترة من 12 إلى 20 أبريل/ نيسان، فإن معدل النمو في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو/حزيران و يتوقع أن يسجل 3% انخفاضا من 5.8% في التقديرات السابقة.
وقالت وزارة التخطيط إنها أيضا عدلت تقديراتها بالخفض، متوقعة نموا عند 4.2% في 2019-2020، ونموا عند 3.5% في 2020-2021 .
ومنذ تفشي فيروس كورونا، انهارت السياحة، وهوت أسعار الغاز الطبيعي، وتهددت تحويلات العاملين في الخارج مع تراجع إيرادات النفط بدول الخليج، حيث يعمل عدد كبير من المصريين.
وجراء انتشار الفيروس، انكمشت أنشطة القطاع الخاص غير النفطي في مارس/آذار بأسرع وتيرة منذ يناير كانون الثاني 2017، بعد فترة وجيزة من تطبيق مصر إجراءات تقشف يدعمها صندوق النقد الدولي بحسب مؤشر آي.اتش.اس ماركت لمديري المشتريات بمصر، ما ينذر بفقدان الدولة مليارات الدولارات خلال الأشهر المقبلة.
ووفق خبراء، فإن فيروس كورونا يهدد مصر بالتخلف عن سداد الديون، بعد إصابته قطاعات حيوية تمثل المورد الرئيسي للنقد الأجنبي للدولة، التي فتحت باب الاقتراض على مصراعيه منذ وصول السيسي إلى الحكم قبل نحو ست سنوات، رغم التحذيرات المتزايدة من خطورة الاقتراض غير المحسوب.
وما يضاعف القلق حول الاقتصاد المصري، أن بيانات حديثة صادرة عن البنك الدولي كشفت أن الديون المقرر أن تسددها مصر خلال العام الجاري فقط تتجاوز الـ18.6 مليار دولار، وتمثل إجمالي الأقساط والفوائد التي تتحملها الدولة.
إجراءات تقشف جديدة
ويتوقع خبراء أن يكون للقرض الجديد حال إتمامه، تأثيرات بالغة علي الحياة اليومية للمصريين نظراً لما يفرضه صندوق النقد الدولي من اشتراطات تدعو إلى اتخاذ سياسة التقشف من قبل الحكومة .
وكانت الحكومة المصرية قد طبقت إجراءات تقشف صارمة، التزاماً بشروط برنامج قرض حجمه 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وقعته في أواخر عام 2016، والذي تضمن إجراءات “قاسية” دفع ثمنها المواطن غالياً، على غرار زيادة الضرائب، ورفع الدعم نهائياً على أسعار الوقود والطاقة وخفضها على خدمات أخرى.
وشملت الإجراءات تعويم الجنيه (تحرير سعر الصرف أمام العملات الأجنبية)، ما أدى إلى تهاويه بأكثر من 100%، وحدوث موجة غلاء غير مسبوقة قفز معها معدل التضخم لأكثر من 33% في العام 2017، قبل أن تصدر الحكومة بعدها بيانات تظهر تراجعه تدريجاً، حتى وصل إلى 5.1% في فبراير/ شباط 2020، رغم استمرار الشكاوى من الغلاء.
وقفز الدين الخارجي في مصر بنسبة تصل إلى 138%، منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، إذ لم يكن يتجاوز 46 مليار دولار منتصف عام 2014، ووصل إلى 109.36 مليارات دولار بنهاية سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، في حين تلتزم مصر بسداد نحو 18.6 مليار دولار خلال العام الجاري، وهو مجموع الأقساط والفوائد التي تتحملها الدولة.
وتشير تقارير محلية إلى أن الحكومة بدأت عمليات تسريح لموظفين حكوميين خلال الأيام الأخيرة، لكن الحكومة خرجت لتنفي الأمر الجمعة الماضي، وفق بيان صادر عن جهاز التنظيم والإدارة.
ووفق مراقبين فإن المواطن المصري على موعد مع إجراءات تقشفية جديدة تنعكس على حياته اليومية، يدفع فيها المواطن البسيط ثمن فشل الحكومة المتكرر في إدارتها للأزمات، ولجوئها إلى الحلول المؤقتة السريعة دون النظر إلي عواقب هذه القرارات الوخيمة علي حياة المصريين في المستقبل
.
اقرأ أيضاً: السعودية ومصر: رمضان مخيف في “أسوأ السجون للصحفيين في العالم”
اضف تعليقا