ما إن شرع أعضاء حزب البناء والتنمية والجماعة الإسلامية في كتابة عبارات الحمد والفرحة عبر حساباتهم على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بعد قرار إخلاء سبيل القياديين صفوت عبد الغني وعلاء أبو النصر، حتى قررت نيابة أمن الدولة الاستئناف على القرار.

وتعتبر الجماعة وحزبها أحد مكونات التحالف الوطني لدعم الشرعية الموالي للرئيس الأسبق محمد مرسي بعد الإطاحة به من الحكم في 2013، قبل أن يجمدا عضويتهما في التحالف.

وبدا أن تجميد العضوية في التحالف كان بابا لتهدئة الأوضاع مع النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، والابتعاد عن فكرة عودة مرسي إلى الحكم والدفع باتجاه التوصل لحل الأزمة.

” علاء أبو النصر و صفوت عبد الغني “

ولكن لماذا يرفض النظام الحالي إخلاء سبيل عبد الغني وأبو النصر؟ثم لماذا زج بهما في هذه القضية بعد قضائهما فترة العقوبة في تهمة محاولة الهروب بطريقة غير شرعية للسودان؟

رحلة من الاستئناف

ومنذ ما يزيد عن عام يخوض عبد الغني وأبو النصر رحلة طويلة من قرارات إخلاء سبيلهما ثم استئناف نيابة أمن الدولة العليا، ثم تراجع المحكمة عن قرار إخلاء السبيل، وتحدد جلسة لاستكمال المحاكمة ليتكرر الأمر.

وأنهىعبد الغني وأبو النصر فترة حبسهما لاتهامهما بمحاولة الهروب إلى خارج مصر بطريقة غير شرعية والتواجد في منطقة عسكرية محظورة على المدنيين في أسوان.

وبعد أن انتهت فترة العقوبة تم عرضهما على النيابة لاتهامهما في قضية “تحالف دعم الشرعية”، والتي أخلى سبيل أغلب المتهمين فيها، لتأمر النيابة بحبسهما 45 يوما على ذمة التحقيقات.

وبحسب محامي المتهمين عادل معوض، فإنه لم يرد اسم عبد الغني وأبو النصر في قضية تحالف “دعم الشرعية”، وكانا متواجدين في أماكن معروفة خلال التحقيق في هذه القضية ولم يتم القبض عليهما.

وأضاف معوض أن جلسة محاكمة عبد الغني وأبو النصر لا تشهد إلا مطالبات بإخلاء سبيلهما على ذمة التحقيقات، ولكن النيابة تتدخل وتستأنف على قرار محكمة الجنايات دون معرفة الأسباب.

وتابع أنه يأمل في رفض المحكمة استئناف النيابة هذه المرة، وعدم تكرار نفس السيناريو مجددا.

وحددت محكمة جنايات الجيزة يوم السبت المقبل لنظر استئناف النيابة حول قرار إخلاء سبيل عبد الغني وأبو النصر.

تفاهمات سياسية

دخلت الجماعة الإسلامية في تفاهمات مع الأجهزة الأمنية في مصر، تتعلق بطبيعة وشكل تواجدها وحزبها دون إعلان دقيق لطبيعة هذه التفاهمات.

وكان أبرز مؤشر على هذه التفاهمات، السماح لجنازة كبيرة لأمير ومؤسس الجماعة الإسلامية عمر عبد الرحمن الذي توفي في أمريكا، خاصة في ظل وجود تنسيق أمني كبير لترتيب الجنازة.

” الشيخ عمر عبد الرحمن “

وتدخل أحد المستشارين للسيسي وسهل عملية نقل الجثمان من أمريكا إلى مصر، بحسب نجله.

كما أن انتخابات حزب البناء والتنمية تمت دون وجود أي مضايقات من الأجهزة الأمنية سواء في مقر الحزب الرئيسي بالقاهرة، أو انتخابات أمانات المحافظات.

وقال أمين عام الحزب جمال سمك، إن هناك تنسيقا أمنيابشأن مواعيد إجراء انتخابات الحزب، ولم يتم منع أي عضو من الإدلاء بصوته.

وبدا أن النظام الحالي يحاول فتح صفحة جديدة واستمالة الجماعة الإسلامية، لتفكيك تحالف دعم الشرعية بسبب وجود خلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين ذاتها.

وبعد الهدوء بين الجماعة الإسلامية والأجهزة الأمنية بدأت مرحلة صدام جديدة، بعد انتخاب طارق الزمر لرئاسة “البناء والتنمية”، في خطوة ربما اعتبرها النظام الحالي تحديا كبيرا.

الزمر يعتبر أحد أبرز الرموز التي توجه انتقادات حادة من خارج مصر، وتم إدراجه على قائمة إرهاب الدول الأربعة التي تحاصر قطر.

أما لجنة شؤون الأحزاب فقد حولت ملف الحزب إلى النائب العام للتحقيق في مسألة مخالفته شروط التأسيس على الرغم من قبول الهيئة العليا للحزب استقالة الزمر، ليتم تحويل الأمر إلى مجلس الدولة، وتم تحديد جلسة في أواخر الشهر الجاري بانتظار تقرير المفوضين حول الأمر.

الإبقاء عليهما

في ضوء التفاهمات بين الجماعة الإسلامية والنظام الحالي، كان من الطبيعي إخلاء سبيل عبد الغني وأبو النصر، حتى قبل التوتر الملحوظ بسبب فوز الزمر برئاسة الحزب.

التعامل مع القياديين في الجماعة يشي بوجود رغبة في عدم إطلاق سراحهما وتعمد ذلك، بما يجعل من الصعب رفض محكمة جنايات الجيزة في جلساتها يوم السبت المقبل استئناف نيابة أمن الدولة.

 

ويأتي هذا الموقف ربما لأن القياديين يصنفان من جناح “الصقور”، وقد كانا يدافعان بشدة عن مرسي ويرفضان الإطاحة به من الحكم.

وكان عبد الغني و أبو النصر يمثلان حزب البناء والتنمية في اجتماعات التحالف الوطني لدعم الشرعية، وبالتالي فإن آراءهم صدامية من الأساس، وبالتالي فهناك تخوفات من تأثير خروجهما على خط سير الجماعة والحزب حاليا.

وقد يكون استمرار حبس القياديين نوعا من العقاب لهما على الدعم الشديد وتصدر المشهد بعد 3 يوليو وإطلاق تصريحات تنال من شخص السيسي.