أثار  تنازل أبناء الصحفي السعودي الراحل “جمال خاشقجي”، عن حق أبيهم، وعفوهم عن قتلته، وتنازلها عن المطالبة بالقصاص منهم، تساؤلات العديد من النشطاء والحقوقيين، حول ما إذا كانوا تم إجبارهم على هذا التنازل خاصة مع وجود بوادر سابقة لذلك من ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” الذي سعى لإغلاق ملف “خاشقجي” للأبد بعد أن تسبب له في إحراج دولي غير مسبوق.

وإضافة لهذه التساؤلات فقد تداول نشطاء، تغريدة لوزارة العدل السعودية منشورة في عام 2015، حول حكم القتل غدرًا “كما حدث ما خاشقجي”: حيث أشارت الوزارة أنه “لا يجوز العفو في القتل (الغدر)”.

وتساءل الإعلامي “شعيب راشد” في تغريدة له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بعد هذا التضاد الواضح في مواقف السلطات السعودية: “هل تَعتبر وزارة العدل أن العفو لا قيمة له الآن؟ وتستمر بمعاقبة المجرمين؟”

وكان “صلاح خاشقجي”، قد نشر الجمعة الماضية، بيانًا عبر حسابه بموقع “تويتر”، قال فيه: “في هذه الليلة الفضيلة من هذا الشهر الفضيل نسترجع قول الله: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين)”.

وأضاف: “لذلك نعلن نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي أننا عفونا عمن قتل والدنا لوجه الله تعالى، وكلنا رجاء واحتساب للأجر عند الله عز وجل”.

ورفض العديد من الحقوقيين والناشطين الاعتراف بهذا العفو، الذي اعتبروا أن هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتها السلطات السعودية بحق الصحفي المغدور، إنما هي جريمة رأي عام وجريمة سياسية، لا يقبل التنازل والعفو فيها أو قبول الدية.

حيث أشار الحقوقي السعودي “يحيى العسيري”، رئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان، أن قضية مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الثاني 2018 “هي قضية سياسية برمتها”، ولذا “فهي قضية الشعب السعودي، وليست قضية عائلته وحدها”.

في الوقت ذاته، وصفت المقررة الأممية “أجنيس كالامارد”، عفو عائلة الصحفي “جمال خاشقجي” عن القتلة بأنه “صادم”، لكنها اعتبرت في الوقت ذاته أنه كان “أمرا متوقعا”.

جاء ذلك في بيان صادر عنها للتعليق على تصريحات نجل “خاشقجي” بالعفو عن قاتليه، وحمل البيان عنوان: “آخر فصل في محاكاة ساخرة للعدالة.. لكنها ليست نهاية العدالة”.

Jamal Khashoggi: The latest act in a parody of justice but not the final act for justice Agnes Callamard, United…

Publiée par Agnes Callamard sur Vendredi 22 mai 2020

وأوضحت المقررة الأممية أن ذلك العفو “كان متوقعا” لأن جميع الذين تحدثوا عن “الإعدام البشع” لـ”خاشقجي” خلال الأشهر العشرين الماضية توقعوا هذه النتيجة.

وأضافت أن السلطات السعودية تلعب دورها في ما تأمل أن يكون هو الفصل الأخير في “محاكاة العدالة” التي تم ترتيبها جيداً أمام مجتمع دولي جاهز جداً للخداع.

وأشارت “كالامارد” إلى أن هناك دورا للمحاكم الأخرى أيضًا: في تركيا، يجب على المدعي العام والقضاة المضي قدمًا في محاكمتهم لقتلة “جمال” الغيابي.

وتابعت أنه في الولايات المتحدة ، يجب متابعة جميع السبل المتاحة بموجب القانون المدني والجنائي.

وفي أبريل/نيسان الماضي، كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، أن أبناء “خاشقجي” مُنحوا منازل تقدر قيمتها بملايين الدولارات ودفعات شهرية لا تقل عن 10 آلاف دولار، إلا أن “صلاح” نفى أن تكون تلك المنح لإسكاتهم عن المطالبة بحق والدهم.

بينما في شهر يناير/كانون الثاني من العام الماضي، نشرت وكالة الأنباء السعودية نتائج النيابة العامة بشأن مقتل جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وشملت المحاكمة 31 شخصاً، 11 منهم وجهت إليهم تهم، وأدين ثمانية، وحُكم على 5 بالإعدام، وعلى 3 بالسجن، لكنه حكم قابل للاستئناف.

وقد خلص تقرير للأمم المتحدة، أصدرته “أجنيس كالامارد”، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، في يونيو/حزيران 2019 ، إلى أن “جمال خاشقجي” كان ضحية “قتل خارج نطاق القضاء، وأن الدولة السعودية مسؤولة عن ذلك بموجب قانون حقوق الإنسان”.

اقرأ أيضاً: الغارديان: هل يمهد عفو عائلة خاشقجي لإطلاق سراح القتلة نهائيا؟