نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالاً للباحث السعودي عبد الله العودة، نجل المعتقل داخل السجون السعودية دكتور سلمان العودة، أكد فيه أنه لا يمكن العفو عن قتلة جمال خاشقجي، ففضلاً عن كون القضية ليست شخصية، فإن تفاصيل الجريمة تؤكد أنها “غيلة”، وهو القتل العمد الذي لا يسقط بالدية والغفران، ولكن تم التلاعب بنصوص القانون السعودي تمهيداً للإفراج عن القتلة.

وقال العودة أنه لا يستبعد تعرض عائلة الصحفي المقتول لمساومات من قبل السلطات الحاكمة في المملكة للتنازل عن القضية والصفح عن القتلة، مؤكداً أن عائلة خاشقجي لا تختلف عن أي عائلة سعودية تواجه ضغوطًا وترهيبًا هائلاً من الحكومة السعودية.

وأضاف أنهم ]جموع المعارضين[ يشهدون عدداً غير مسبوق من الحالات والوقائع التي يتم فيها استخدام العائلات كرهائن لتخويف النشطاء والكتاب والمعارضين في الخارج، مستشهداً بأحدث الأمثلة، وهو ما تم مع عائلة الوزير السعودي السابق سعد الجابري، والذي أكد نجله خالد أن السلطات السعودية قامت باختطاف شقيقيه عمر )٢١ عاماً) وسارة (٢٠ عاماً) في شهر مارس/آذار الماضي، لتنقطع أخبارهما منذ ذلك الحين، كما تم اعتقال شقيق سعد الجبري، وكلها محاولات للضغط عليه للعودة إلى البلاد.

وتحدث عبد الله العودة عن الانتهاكات التي واجهتها عائلته شخصياً للانتقام من والده المعتقل، وللضغط عليه للعودة إلى البلاد، حيث قال إن نحو 17 فرداً من العائلة ممنوعون من السفر، كما تم اعتقال عمه قبل أكثر من عامين تنكيلاً بوالده الدكتور سلمان العودة.

كما تحدث عما حدث مع عائلة الناشط السعودي عمر بن عبد العزيز، ليؤكد بكل تلك الأمثلة أن عائلة جمال خاشقجي تعرضت لضغوطات واضحة لإصدار مثل هذا البيان.

قام صلاح نجل الراحل جمال خاشقجي بإصدار بيان عفو عن قتلة والده ونشره على موقع تويتر الخميس الماضي، ليبارك هذه الخطوة العديد من الحسابات المؤيدة للسعودية في تويتر، مستشهدين باقتباسات من القرآن الكريم والشريعة حول فضل العفو بشكل عام، وفي رمضان بشكل خاص، وهو ما انتقده عبد الله العودة، قائلاً أن هذه تعتبر ازدواجية في المعايير، “لم نر هذا العفو ولا هذا الفضل في التعامل مع النساء المعتقلات كلجين الهذلول التي أكدت منظمات حقوقية كالعفو الدولية تعرضها للتعذيب والصعق بالكهرباء”، وتابع “أو في التعامل مع حالات كالاقتصادي المعتقل عصام الزامل الذي يعاني من سوء المعاملة، أو مع الإصلاحي عبد الله الحامد الذي توفي في السجن الشهر الماضي نتيجة إهمال طبي”.

ولفت عبد الله العودة إلى أن واقعة مقتل جمال خاشقجي لا يمكن العفو عن القتلة فيها وفق القانون السعودي، والذي يتبع الشريعة الإسلامية، واستشهد بقرار صدر قبل خمس سنوات عن المحكمة السعودية العليا، أعلى هيئة قضائية في المملكة، والتي قررت أن جريمة القتل التي تنطوي على استدراج الضحية إلى مكان ما لقتله هي جريمة لا يمكن العفو عنها، ولا يملك أحد صلاحية ذلك حتى لو كان من أفراد أسرته.

كما أنه في 2014، أعلن وزير العدل السعودي السابق، محمد العيسى، أن هذا النوع من القتل لا يمكن العفو عنه وفقًا للقانون السعودي.

بتحليل ما حدث مع جمال خاشقجي، فإن جريمة قتله تُعد مثالاً واضحة على ما يُطلق عليه قتل “الغيلة”، وهو القتل العمد الذي يتضمن استدراج الضحية إلى مكان لقتله، وبالتالي فإن القتلة لا يمكنهم الحصول على عفو لا من أهل القتيل ولا من الملك.

ولكن، للتغلب على هذه العقبة، قام المدعي العام السعودي في ديسمبر/كانون الأول القضية على أنها جريمة قتل عادية، وأسقط عنها صفة “الغيلة”، وبالتالي يمكن لولي الدم العفو عن القتلة.

بهذا التصنيف تُعد النيابة العامة متواطئة مع القتلة، حيث تلاعبت بنصوص القانون كي تجعل لهم مخرجاً، ويتم إغلاق القضية بالعفو عن الجناة.

واختتم العودة مقاله قائلاً إن رمضان هو شهر الرحمة… لكن الحكومة السعودية رفضت أن ترحم المفكرين والاقتصاديين والعلماء والصحفيين الذين يعانون داخل السجن من سوء المعاملة بسبب نشاطهم السلمي ودعوتهم إلى الإصلاح.

للأسف، لا تتذكر الحكومة السعودية فضائل العفو إلا عندما يتعلق الأمر بأولئك الذين نفذوا واحدة من أكثر عمليات الاغتيال وحشية في تاريخ المنطقة.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضاً: الغارديان: هل يمهد عفو عائلة خاشقجي لإطلاق سراح القتلة نهائيا؟