حسم التدخل التركي الداعم للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا، المعركة على الميدان نهائيا وأزاح أي إمكانية لعودة القوى المضادة لثورة الشعب الليبي.

فبعد الاندحار السريع الذي شهدته الميليشيات الموالية لخليفة حفتر والذي كان متوقعا بحكم عدم التجانس داخلها بسبب توزعها بين كثير من المرتزقة المستجلبة إما بالمال الخليجي أو بقهر حكومات الاستبداد في كل من مصر والسودان، علاوة على محترفي القتال وسفاكي الدماء من المرتزقة الروس التابعين لشركة فاغنار القريبة من الرئيس الروسي بوتين والتي أفادت عديد التقارير المختصة بأنها لا تعدو أن تكون فريقا تابعا للمخابرات الروسية تحت مسميات مستعارة.

وكان عدد من المراقبين توقعوا أن تستجمع هذه الميليشيات قواها وتنظم صفوفها وتعود في المعركة بعد تمكينها من تحديث تجهيزاتها وتوفير الغطاء الجوي الروسي بعد أن تم إرسال 14 طائرة من الجيل الرابع لمقاتلات سوخوي24 وميغ 29 إلى قاعدة الجفرة، وكانت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”، قد كشفت إخفاء روسيا هوية ما لا يقل عن 14 مقاتلة حربية في قاعدة عسكرية بسوريا، قبل إرسالها إلى ليبيا.

وجاء ذلك في بيان، نشرته القيادة على موقعها الإلكتروني، ضمن سلسلة بيانات تتحدث عن “الدعم الروسي” لمرتزقة شركة “فاغنر” التي تقاتل لمصلحة مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

كما أشارت القيادة الأمريكية، إلى أن أفرادا من الجيش الروسي يرافقهم مقاتلون روس يتمركزون في ليبيا، هم من نقلوا الطائرات إلى ليبيا، وأنهم هبطوا قرب مدينة طبرق شرقي البلاد للتزود بالوقود.

ورجحت القيادة أن يكون إرسال تلك المقاتلات بهدف تقديم الدعم الجوي للهجمات البرية التي يشنها مرتزقة “فاغنر” الموجودون لمساعدة “مليشيا حفتر” في نزاعها مع القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا.

غير أن الواقع على الأرض لم يتغير بل على العكس من ذلك ترسخ بشكل ينبئ بعدم الرجوع إلى الوراء، فقد اعترفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أول أمس أن ميزان القوى على الأرض في ليبيا تغير بسبب المساعدة الخارجية لأطراف النزاع دون أن تحدد الجهة المقصودة.

وأضافت زاخاروفا أنه ليس مجرد وضع صعب في ليبيا بل إن الوضع آخذ في التدهور ويشمل التدهور في الوضع السياسي والعسكري على السواء خاصة أن الهدنة التي تم الاتفاق عليها في شهر يناير معطلة بصورة كاملة بعد أن استؤنفت العمليات العسكرية على أكثر من محور.

وتابعت المتحدثة لقد اختلف الوضع الآن على الأرض اختلافا كبيرا وأدى ذلك إلى تغير ميزان القوى بفضل المساعدة الخارجية لأطراف النزاع.

وتشير عدة تقارير إلى أن حسم المعركة على أرض الميدان يعود الى أسباب مختلفة كان على رأسها الدعم التركي عبر الطائرات المسيرة حديثة الصنع التي فاجأت الملاحظين بقدراتها العالية، غير أن ذلك لا يحجب الأخطاء الفادحة التي ارتكبها خليفة حفتر مما ساهم في هزيمته السريعة وعلى رأسها سوء إدارته للمسألة السياسية بعد أن أعلن نفسه حاكما شرعيا على ليبيا وتنصل من اتفاق الصخيرات المعترف به دوليا وهو ما أحرج العديد من القوى الدولية وجعلها تعجل بالتنصل منه.

لقد تغير الوضع في ليبيا بشكل نهائي وانتهت معه حظوظ خليفة حفتر في أن يكون له دور محوري في مستقبل ليبيا رغم أن مناورات أعداء الثورة والشعب لم تنته بعد وقد تتواصل ولكن بصيغ أخرى بعد أن تحول حفتر الى عبء ثقيل يحاول الجميع التخلص منه.

وسيسجل التاريخ أن الدولة التركية هي التي أنقذت الشعب الليبي على الأقل في هذه المرحلة من سيناريو مخيف كانت تعده القوى الظالمة المعادية لحرية الشعوب العربية وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة.