شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً كبيراً في الجهود الدولية المبذولة للضغط على السلطات السعودية من أجل إطلاق سراح الأمير سلمان بن عبد العزيز، المعتقل منذ أكثر من عامين مع والده دون أن يقدم إلى محاكمة أو تُوجه له اتهامات رسمية واضحة.

الضغوطات والحملات الدولية المطالبة بالإفراج عنه كانت على مستوى الحكومات والجهات الرسمية، حيث ناشد وفد من البرلمان الأوروبي السلطات السعودية الإفراج عن أفراد العائلة المالكة المحتجزين بمن فيهم الأمير سلمان خلال زيارة إلى الرياض في فبراير/ شباط.

وفي رسالة للمفوضية الأوروبية، قال مارك تارابيلا نائب رئيس الوفد البرلماني للعلاقات مع شبه الجزيرة العربية “طلب البرلمان الأوروبي بالفعل معلومات عن القضية في رسالة موجهة إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ولم يتم الرد على هذه الرسالة بعد”، وجاء في رسالته “أود أن أطلب منكم إثارة هذه القضية مع أعلى السلطات المختصة في المملكة العربية السعودية التي تطالب بالإفراج عن الأمير سلمان”.

وأضاف “ما زلت واثقاً من أن الإفراج سيؤثر إيجابياً على علاقات البرلمان الأوروبي مع السعودية”.

على الصعيد الأمريكي، حصلت وكالة فرانس برس على وثيقة من وزارة العدل الأمريكية أفادت بقيام مجموعة سونوران، وهي إحدى جماعات الضغط الرائدة في واشنطن، يرأسها روبرت ستريك، بتوقيع عقدا بقيمة مليوني دولار في مايو/أيار الجاري لتنظيم حملة من أجل إطلاق سراح الأمير مع “حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي”.

كما كشفت تلك الوثيقة عن أن تعيين روبرت ستريك -المعروف بصلاته الوثيقة مع إدارة ترامب حليف بن سلمان- جاء عن طريق هاشم مغل، وهو باكستاني الجنسية، وأحد المقربين من الأمير سلمان حيث كان المستشار المالي السابق للأمير.

ووفقاً لخبراء ومحللين فإن الجهد الدولي المبذول هو مقامرة يمكن أن تأتي بنتائج عكسية في مملكة ينفر حكامها الاستبداديون بشدة من الانتقادات العامة، ومع ذلك، لا زالت الحملة هي الأمل الوحيد في الوقت الحالي حيث تتصارع المملكة مع الركود الاقتصادي الناتج عن وباء كورونا ووسط القلق في واشنطن من سياسات ولي العهد العدوانية.

صراع العروش

تم اعتقال الأمير سلمان بن عبد العزيز في يناير/كانون الثاني 2018 ضمن حملة اعتقالات واسعة قام بها الحاكم الفعلي للبلاد الأميرة محمد بن سلمان بعد شهور قليلة من توليه ولاية العهد في المملكة، في سلوك قمعي واضح للقضاء على المنافسين المحتملين الذين يشكلون تحدياً سياسياً واقتصادياً لسيطرته على السلطة.

في بداية اعتقاله، تم احتجاز الأمير سلمان داخل سجن الحائر شديد الحراسة في الرياض، وهو سجن سيء السمعة، واستمر احتجازه داخل السجن لأكثر من عام قبل أن ينقل إلى فيلا خاصة مع والده الأمير عبد العزيز بن سلمان ليتم وضعهما تحت الإقامة الجبرية، ثم تم نقله إلى مكان غير معلوم في مارس/آذار الماضي ليتحول اعتقاله إلى اختفاء قسري صريح.

في حواره لوكالة فرانس برس، قال أحد مساعدي الأمير “هذا ليس مجرد اعتقال غير قانوني… هذا اختطاف في وضح النهار. هذا اختفاء قسري”.

حملات ابن سلمان القعمية لم تتوقف ضد منافسيه أو منتقديه، حيث قامت قواته في مارس/آذار الماضي باعتقال شقيق العاهل السعودي الأمير أحمد وابن شقيقه الأمير محمد بن نايف، الذي كان ولياً للعهد قبل عزله وتعيين الأمير محمد بن سلمان بدلاً منه في 2017.

ولم يسلم سعد الجبري أحد كبار مساعدي الأمير نايف قبل أن يتم عزله من صراع العروش السعودي، حيث تم اعتقال نجلي سعد الجبري وشقيقه، والذين وصفهم أحد المصادر بأنهم “ضحايا صراع العروش السعودي”، حيث وصفهم مصدر قريب من العائلة بـ “ضحايا لعبة العروش السعودية”، خاصة وأن النظام قام بحرمانهم من السفر خارج البلاد بعد تولي ابن سلمان ولاية العرش.

نساء العائلة المالكة لم تنجو من هذا الصراع أيضاً، حيث تم اعتقال الأميرة بسمة بنت سعود لأسباب غير معلنة، إلا أنه يقال إنها من المقربين للأمير نايف، لتظل قيد الاحتجاز التعسفي في سجن الحائر منذ أكثر من عام مع ابنتها دون تهمة.

وقال مصدر لوكالة فرانس برس أن العائلة فقدت تواصلها مع الأميرة بعد نشرها مناشدة يائسة على موقع تويتر للملك سلمان وولده ولي العهد طالبتهم فيها بإطلاق سراحها في أبريل/نيسان الماضي.

المثير للتساؤلات في حالة الأمير سلمان بن عبد العزيز أنه لم يكن صاحب نشاط سياسي منافساً لمحمد بن سلمان، بل كان رجلاً محب للأعمال والمشاريع الخيرية حول العالم، خاصة في البلدان الفقيرة.

ومع ذلك، يُرجح العديد من الخبراء أن اعتقال الأمير سلمان جاء على خلفية اجتماعه مع عضو الكونجرس آدم شيف، وهو ديمقراطي وناقد ترامب، قبل الانتخابات الأمريكية في عام 2016، والتي قال مقربون أن الاجتماع لم يحتوي على أي مناقشات سياسية، بل كان حول السعودية بشكل عام.

من جانبها صرحت كيرستن فونتينروز المسؤولة السابقة بالبيت الأبيض لوكالة فرانس برس “إن الذين دفعوا من أجل هذا الاعتقال أساءوا فهم السياسة الامريكية بشكل خطير”، وأضافت “إن سجن شخص بسبب لقائه مع نائب ديمقراطي سيجعل من الصعب على ترامب الحفاظ على علاقات وثيقة مع العائلة السعودية الحاكمة”، مؤكدة أن الأمور ستسوء إذا قاد الديمقراطيون الإدارة المقبلة.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضاً: إنسايدر: في هذا العيد… الأميرة بسمة تتلقى خيبة أمل جديدة من ولي العهد