بلهجة استجداء واستعطاف ذليلة، قام السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة بنشر مقال في الصحيفة العبرية الأولى “يديعوت أحرونوت”، كخطوة جديدة من خطى دولة الإمارات نحو التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، متذللاً لتل أبيب بالتراجع عن مخططّ الضمّ الاستعماري في الضفة الغربية المحتلة.
بعد أن قدمت أبو ظبي “عربون” صداقة للصهاينة من خلال طيرانها الحكومي الذي هبط في تل أبيب قبل يومين، بذريعة نقل مساعدات للفلسطينيين، والتي قوبلت برفض للمرة الثانية من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله خلال ثلاثة أسابيع.
وتسعى الإمارات من خلال كل تحركاتها العلنية وقواها الناعمة في الإعلام والمال المنتشر في بعض الدول العربية الذي اشترت به ضعاف النفوس في البلدان المجاورة، إلى تطبيع متصاعد مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لتمثل بذلك رأس الحربة التي تضرب في خاصرة الواحدة العربية ضد أي حركة تطبيع منذ احتلال الصهاينة للقدس الشريف.
تتبعها في هذه الأيام السلطات السعودية في تطبيعها مع إسرائيل، والتي أصبحت تسبح بحمد الإمارات، بفضل ولي عهدها “محمد بن سلمان” الذي يعمل على هدم كل ثابت في دولة “آل سعود”
وعن تطبيع الصحافة والإعلام فقد سارت الإمارات على هدى تطبيع السعودية مع إسرائيل.
حيث أجرت صحيفة سعودية، ذات يوم، حديثا مطولا مع رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت الذي تحدث عن مخطط فرض السيادة وعن خصمه السياسي نتنياهو، علما أن “إيلاف” سبق وأجرت مقابلات مع مسؤولين في حكومة الاحتلال عدة مرات في السنوات الأخيرة، وهذا ما اعتبرته إسرائيل أيضا نوعا من التطبيع معها.
** جهود التطبيع
ويوضح العتيبة في مقاله باللغة العبرية بعد ترجمته عن الإنجليزية، أن إسرائيل لن تستفيد من “خطوة الضمّ” محذرا من أنها ستضر بجهود التطبيع مع العالم العربي، واعتبر أنه سيحول بالتأكيد وعلى الفور، دون جميع التطلعات الإسرائيلية لتحسين الأمن والاقتصاد والثقافة مع العالم العربي.
ورأى العتيبة أن إعلان الضم سيكون إجراء أحادي الجانب، وأنه “استيلاء غير قانوني على الأراضي الفلسطينية، ويتحدى الإجماع العربي بل والدولي، فيما يتعلق بحق الفلسطينيين في تقرير المصير”. وأضاف السفير الإماراتي الذي سبق والتقى عددا كبيرا من المسؤولين الإسرائيليين في الماضي في الولايات المتحدة، أن الضم “سيشعل العنف ويوقظ المتطرفين”. وتطرق العتيبة إلى الأردن، فقال في مقاله الذي يتركز على الحديث عن ميزان الربح والخسارة لإسرائيل، إن الضم سيكون له تأثير كبير على المملكة الأردنية، مشيرا إلى أن “استقرار الأردن، الذي يعتبر أحياناً أمراً مفروغاً منه، يفيد المنطقة بأكملها، ويفيد إسرائيل على وجه الخصوص”.
وفي مقاله، يحاول العتيبي التزلف لإسرائيل، فيشرح لها ما ستخسره في حال قامت بالضمّ، فيقول إن الإمارات تريد أن تؤمن أنها “فرصة لا عدو، فرصة لعلاقات دافئة أكثر”.
** “حزب الله الإرهابي”
ويمضي العتيبة بقوله إن الإمارات أيدت طيلة سنوات السلام في الشرق الأوسط، وعملت على تقليص النزاعات وتقديم محفزات لأجله عن طريق تقديم “الجزر بدلا من العصي” لمنفعة كل الأطراف. وتابع مساويا بين الاحتلال وبين ضحاياه: “عارضت الإمارات العنف من الطرفين، وقمنا بتعريف حزب الله كتنظيم إرهابي، ونددنا بتحريض حماس، واستنكرنا الاستفزازات الإسرائيلية، وبقينا دائما مناصرين متحمسين للشعب الفلسطيني، ومناصرين قدامى لمبادرة السلام العربية “.
ويعترف العتيبة بإجراء الإمارات اتصالات سرية مع إسرائيل في الماضي، بإشارته لـ” مداولات دبلوماسية هادئة”، منوها لإرسال رسائل علنية أيضا من أجل تغيير ديناميكية التقدم، مفاخرا بكونه أحد السفراء العرب الثلاثة الذين شاركوا في المؤتمر الصحافي مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي ترامب عن “صفقة القرن” مطلع العام الجاري.
وتابع العتيبة متحاشيا استخدام كلمة “دولة فلسطينية”: “عملت بشكل وثيق مع إدارة أوباما، ومن ضمن ذلك دفعنا خطة تهدف لبناء ثقة تمنح إسرائيل الامتيازات -على شكل علاقات متطورة مع دول عربية مقابل حكم ذاتي كبير للفلسطينيين والاستثمار بهم. نحن في الإمارات وقسم كبير من العالم العربي كنا نريد أن نصدق بأن إسرائيل فرصة لا عدوا. نحن نقف أمام مخاطر مشتركة ونرى الفرصة الكبيرة لعلاقات حميمية أكثر، وقرارها بالضمّ إشارة لا يمكن فهمها خطأ.. الضم سينقلب فورا على طموحاتها ببناء علاقات تعاون في الأمن والاقتصاد والثقافة مع العالم العربي ومع الإمارات”.
** في الأمن والماء والغذاء
ضمن محاولاته المستميتة للتقريب بين إسرائيل والإمارات، يقول العتيبة إنهما تملكان اثنين من أكثر الجيوش تطورا في المنطقة، ويجمعهما “قلق مشترك من الإرهاب والعدوانية” مثلما أن لهما علاقات وطيدة وعميقة مع الولايات المتحدة، ولذا بمقدورهما إنتاج علاقات تعاون أمني وثيق وناجع أكثر.
ويضيف: “لكون إسرائيل والإمارات تمتلكان اقتصادا متطورا ومتنوعا، فإن توسيع الأعمال والعلاقات الاقتصادية بينهما من شأنها أن تدفع بنمو واستقرار المنطقة كلها في الشرق الأوسط “.
ويواصل العتيبة محاولة استجداء التطبيع، بالقول إن المجالات المشتركة بين إسرائيل والإمارات في موضوع تغيّر المناخ والأمن والماء والغذاء والتكنولوجيا والعلوم، تستطيع أن تحفّز المزيد من الابتكار والتعاون.
وعلى خلفية وصول طارئتين إماراتيتين لمطار بن غوريون في تل أبيب قبل أيام، يقول العتيبة أيضا، إنه “بما أن الإمارات مركز لشركات طيران دولية وللتربية والاتصالات والثقافة، فإنها تستطيع أن تكون بوابة تدخل منها إسرائيل للمنطقة وللعالم”.
في المقابل، يقول العتيبة إن الضمّ سيجعل النظرة العربية لإسرائيل “أكثر قسوة” تزامنا مع فتح المبادرات الإماراتية فرصا للتعاون الثقافي وللتفاهم الواسع أمام إسرائيل.
وتابع ضمن تزلفه لدولة الاحتلال: “الإمارات شجعت الإسرائيليين على التفكير بالجانب الإيجابي الكامن في علاقات طبيعية ومفتوحة، مثلما فعلت أمرا مشابها مع الإماراتيين والعرب. على سبيل المثال: دعوة إسرائيل للمشاركة في معرض إكسبو الدولي للطاقة المتجددة في العام القادم في دبي برعاية الأمم المتحدة”. كما استذكر العتيبي إنشاء الإمارات مركزا دينيا في أبو ظبي يشمل مسجدا وكنيسا وكنيسة بعنوان “بيت عائلة إبراهيم” منوها لتدشين خط جديد في الإمارات لتقديم غذاء خاص باليهود فيها والآخذ عددهم بالازدياد.
** إسرائيل ليست بحاجة لغور الأردن
وكانت صحيفة “إيلاف” السعودية، قد أجرت الخميس لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت حول الضم، واتهم فيه نتنياهو بأنه يسعى لإشعال الشرق الأوسط من خلال خطة الضم، مشيرا إلى أن إسرائيل “ليست بحاجة الى غور الأردن”، ونوّه “بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
واعتبر حزب الليكود الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو أن تصريحات أولمرت غير مسؤولة، وقال الحزب في بيان: “بعد أن كان أولمرت مستعدا للتخلي عن حائط المبكى ( حائط البراق) لماذا لا يرغب في التخلي عن غور الأردن الحيوي من أجل أمن إسرائيل؟
وتابع الليكود في بيانه: “تصريحات أولمرت غير مسؤولة وغير ذات أهمية. يقولون إن ضم غور الأردن ضرورة أمنية لإسرائيل. أريد أن أقول إن هذا هراء. فنحن لسنا بحاجة إلى غور الأردن من أجل أمن إسرائيل. نستطيع أن نحافظ على حدودنا من دون الغور وكل من يقول إن الغور مهم للأمن يكذب على الشعب. أقول لك ذلك كرئيس حكومة إسرائيلي سابق وانا إسرائيلي ووطني إسرائيل”.
** فضل نتنياهو
وكرر أولمرت قوله إنه توصل إلى اتفاق في حينه مع الملك الأردني عبد الله الثاني، معتبرا أنه لن يكون ممكنا التوصل إلى حل مع الفلسطينيين دون انسحاب من غور الأردن.
ويضيف: “قلت للملك: هل أنت مستعد لنشر قوات الناتو على الحدود الإسرائيلية مع الفلسطينيين في الجانب الأردني من الحدود من أجل منع انتقال السكان وتغيير الميزان الديموغرافي للأردن أو للأراضي الفلسطينية؟ أجابني الملك عبد الله: نعم. وكنت قد أطلعت الإدارة الأمريكية على ذلك، وحصلت على موافقة الرئيس جورج بوش وإدارته، حتى أن وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس التقت الملك عبد الله الثاني فأكد لها موافقته على الأمر”.
كما يوضح أولمرت أنه خلافا للتقارير السابقة، فقد قال إنه خلال حرب لبنان الثانية عام 2006، لم تكن إسرائيل تريد أو تحاول القضاء على الجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي كان داخل مخبأ في لبنان، بينما كان في غرفة واحدة مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وأضاف: “نتنياهو صوّر كل خصومه السياسيين خونة ويساريين ومستعدين للتنازل عن كل شيء وعن أمن إسرائيل، فشنّ حربا ضد الشرطة وضد الادعاء العام وضد الجهاز القضائي، وهذا أمر غير مسبوق وتسبب في أجواء الانقسام والتحريض والتخويف، وهذا بان أيضا في مسألة معالجة جائحة كورونا.
واعتبر أولمرت أن “نتنياهو هو المسؤول عن الإنجاز الكبير الذي حققته القائمة المشتركة بحصولها على 15 مقعدا، الأمر الذي ما كانت لتحلم به القائمة لولا سياسة التخوين والتفرقة والتحريض التي انتهجها نتنياهو، والتي لم تعط الناخب العربي أي إمكانية للاختيار غير القائمة المشتركة؛ بسبب الخوف والكراهية التي كانت ضدها وضد الجماهير العربية”.
اقرأ أيضاً: التطبيع مستمر .. طائرة إماراتية تحط في إسرائيل للمرة الثانية خلال 3 أسابيع
اضف تعليقا