تعمد -خلال الأيام القليلة الماضية- عديد الصحف والقنوات التلفزية والصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، شن حرب شعواء على التجربة التونسية التي أبهرت العالم كأول ثورة شعبية سلمية يقودها الشعب الأعزل ضد جلاديه وتنتهي باندحار الظلم والاستبداد وانطلاق عنان الحرية والديمقراطية في هذا البلد الصغير.
الغريب أن الدعوات المسمومة والتحريض الأسود ضد هذه التجربة الحالمة في تاريخ الأمة العربية لم يأت إلا من جهة واحدة بعينها تتربص بكل ما يمكن أن يؤدي إلى صحوة في الضمير العربي والمسلم وهي الإمارات العربية المتحدة وأذنابها في بعض الدول العربية الذين تستعبدهم بالمال الفاسد الذي تسرقه من عَرق أبنائها وتوظفه ضدهم وضد أي بارقة وعي تستهدفهم.
تشكل قنوات سكاي نيوز والعربية والحدث والغد وغيرها كثير، إضافة إلى عدد من المواقع والصحف الرديئة مثل العين الإماراتية واليوم السابع المصرية، رأس حربة التظليل والإفك الرخيص ضد كل القيم والمبادئ السامية، إذ تعمد إلى اختلاق الأكاذيب او اجتزاء وقائع وإخراجها عن سياقها والتدليل بها عن مكبوتات غريبة لا توجد إلا في أنفس مريضة تنقاد إلى النخاسين عن طواعية.
آخر هذه الشطحات المفلسة ما نشرته صحيفة اليوم السابع المصرية بأسلوب ركيك تدّعي فيه أن أحد أعضاء المكتب التنفيذي لحركة النهضة التونسية قدم استقالته ونشر بياناً ينتقد فيه رئيس الحزب وهو خبر مكذوب لا يمت للواقع بأي صلة لأسباب كثيرة، أولها أنه لا يوجد في المكتب التنفيذي لهذا الحزب أي شخص يحمل الاسم المذكور ولمن أراد إعمال عقله والاجتهاد قليلا يمكن الاطلاع على قائمة أعضاء المكتب التنفيذي المنشورة على الموقع الرسمي للحركة المفتوح للعموم على شبكة الانترنت، وثاني الأسباب أنه تم منذ أسبوعين حل المكتب التنفيذي برمته من قبل رئيس الحزب وتشكيل آخر ما زال لم يعرض بعد على مجلس الشورى لنيل التزكية وفقا للنظام الداخلي لهذا الحزب، وثالثها أن هذه الصحيفة الصفراء لا تفرق سواء عمداً أو جهلاً بين المكاتب المحلية والجهوية واللجان المتخصصة والاستشارية والهيئات العامة والخاصة الكثيرة التي توجد في حركة النهضة بما لا تصله أفهام من حرروا الخبر بحكم القصور المعرفي والكسل السمين الذي غذته أموال النضال المكدس المرسلة من إمارة الإبل على الانفتاح على التجارب السياسية المنتشرة في عديد البلدان الأخرى.
أن ينسحب أحد الأعضاء من الصف العاشر، لأي سبب كان، مسألة ممكنة ومفهومة ومحدودة الأهمية إلا في أذهان الحمقى والمغفلين والأفاقين الذين يحاولون أن يغيروا الصفة في محاولة إعطائها طابع الأهمية المزعومة.
في ذات السياق ينبري منذ مدة أحد أبواق السيسي، غفير الأمن ” أحمد موسى” إلى التحريض على التجربة التونسية عموماً وحركة النهضة على الخصوص ويبث عبر شاشات قناة صدى البلد كلاماً أشبه بمياه المجاري والمستنقعات، فلا فائدة ولا معنى ولا طرافة ولا فكرة، حتى ليسأل المرء نفسه هل يوجد من يستمع إلى هذا الهذيان السخيف، وكيف يمكن لأي جهة كانت من الإنس أو من الجن أن تدفع مالاً لمثل هذا الكاريكاتير التافه؟، ألا يدرون أن ما يقوم به يرتد عليهم سلباً؛ فمن ينصت إلى كلامه يسب مباشرة صبي الإمارات الأحمق وانقلابي مصر الغبي.
إن ما تقوم به هذه المؤسسات الرخيصة التي أحدثت بقرارات مرتجلة بهدف الإساءة والتوجيه والتشويه لن تفلح في ارباك التونسيين الذين يعرفون واقعهم أكثر من غيرهم ويدركون نضالات الإسلاميين منذ أربعين عاماً وكانوا شهوداً على ما لحقهم من قمع وسجون ومنافي ومصادرة ممتلكات، كما خبروا وفاءهم بعهودهم وبأنهم حافظوا طوال مسيرتهم على طابعهم السلمي ولم تستطع أجهزة الاستبداد العربية ولا أسيادهم من الحكومات الغربية أن يثبتوا أي انحراف في مسيرتهم ولذلك فإن ما تقوم به هذه الشرذمة من المرتزقة لن يزيد التجربة التونسية إلا نجاحا ولن تفيد شيوخ الخمارات العربية إلا حسرة وخساراً.
اقرأ أيضاً: معركة سرت: حكومة الوفاق تربح معركة اختبار موازين القوى
اضف تعليقا