تواجه العراق حالياً أزمة جديدة تُضاف إلى الأزمات التي تعاني منها البلاد على مدار أعوام، حيث تفشى وباء كورونا داخل البلاد، وأصبحت المستشفيات التي من المفترض أن تكون درعاً في مواجهة الفيروس، مكاناً لنقل العدوى بين الجميع وخصوصاً الأطباء.

مئات الأطباء مهددين الآن بالموت بعد تفشي المرض بينهم، وبالتالي أصبحت حياة آلاف المرضى في مهب الريح.

يقول موظفو إحدى المستشفيات إن الطاقم الطبي الذي تظهر عليه الأعراض يتم اخضاعه للفحوصات ثم يُطلب منه العودة إلى العمل، قبل ظهور النتائج التي لا تظهر إلا بعد أسبوع، ليضطر الجميع مخالطهم، ومن الجدير بالذكر أنه في المختبرات التي تجري فيها اختبارات للمشتبه في إصابتهم بالفيروس، يمرض الموظفون أيضًا.

في حواره مع واشنطن بوست، قال عبد الأمير محسن حسين، رئيس نقابة الأطباء العراقية، وهي هيئة مستقلة إن “المستشفيات تهدف إلى علاج الناس، ومع ذلك، بدلاً من ذلك أصبحت الآن بيئة خصبة لانتشار العدوى”.

وأضاف معلقاً على إجبار الأطباء العودة إلى العمل قبل ظهور نتائج فحوصاتهم “لقد تقاسم هؤلاء الأطباء الصالات… شاركوا غرف للنوم… في الأسابيع المقبلة، سنرى تأثير ذلك”

قفز العدد الإجمالي للأطباء المصابين بفيروس كورونا بنسبة 83 في المائة منذ منتصف الأسبوع الماضي، ليرتفع العدد إلى 592 منذ بدء تفشي المرض في العراق في مارس/آذار، وفقا للنقابة، ويقدر أن عدد المسعفين المصابين أعلى بكثير.

قالت وزارة الصحة العراقية يوم الجمعة إنها سجلت ما مجموعه 27352 حالة، مع 925 حالة وفاة.

قال طبيب يدعى ياسر -طلب عدم ذكر اسمه بالكامل” إنه كان من أوائل الأطباء في العراق الذين أصيبوا بالفيروس التاجي الجديد، تم فحصه بسرعة وأخذ إجازة من العمل في مستشفى في مدينة الصدر، إحدى ضواحي بغداد، في محاولة منه للتعافي رغم تدهور حالته الصحية وإصابته بأوجاع في جسده، وكفاحه من أجل التنفس.

أضاف الطبيب ياسر “يتم التعامل مع الأمر الآن بصورة خاطئة”، وتابع “أصدقائي من الأطباء الذين تظهر عليهم الأعراض ويخضعون للفحوصات ينتظرون الآن 10 أيام لنتائج الاختبار ويطلب منهم العمل في هذه الفترة على الرغم من تأكدهم من إصابتهم… الإدارة لا تهتم بسلامتنا، إنهم يهتمون فقط بأن الموظفين يعملون”.

لم تكشف وزارة الصحة العراقية علنا ​​عن عدد العاملين في المجال الطبي الذين أصيبوا بالمرض، لكنها أعلنت على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس أن حيدر هاشم المقصوصي، وهو ممرض يعمل في أكبر مجمع مستشفيات بالعاصمة، توفي بسبب إصابته بـ كوفيد 19.

ويقول أطباء ومسؤولون صحيون إن سوء البنية التحتية الطبية ونقص معدات الحماية الشخصية كلها مسؤولة عن زيادة الحالات في أنحاء العراق.

وقال إبراهيم -اشترط عدم ذكر اسمه بالكامل أيضاً- وهو طبيب في مستشفى الحسينية ببغداد “نخوض حربا بأسلحة معيبة”، وتابع “حلمت طوال حياتي بأن أصبح طبيباً… يؤسفني ذلك الآن”.

ذكر إبراهيم إنه رأى الكثير من زملائه في عدد من المستشفيات يصابون بالفيروس التاجي، وقال إن ابن عمه، وهو طبيب في محافظة ديالى الشرقية، توفي في مارس/آذار بعد عدم تمكنه من إيجاد سيارة إسعاف تنقله إلى أي مستشفى.

أجنحة المستشفيات العراقية ليست غريبة عن المعارك المشابهة؛ خلال الحرب الطائفية الدموية التي بلغت ذروتها عام 2007، تلقوا ضحايا القصف في معظم الأيام، كما جلبت الدولة الإسلامية المزيد من المذبحة.

لكن هذه المرة، فإن العدو مختلف، ومع تفشي انتشاره الذي يتحدى خبراء الصحة العامة في جميع أنحاء العالم، يخشى الكثيرون في العراق من أن يؤدي إلى تحطيم نظام صحي متهالك بالفعل.

بدأ الفيروس ببطء في العراق، وبما أن إيران المجاورة أصبحت المركز الإقليمي للوباء، حيث أبلغت عن إصابة أكثر من 3000 حالة بصورة يومية لمدة أسبوع تقريبًا بحلول نهاية مارس/آذار، كان متوسط ​​عدد الإصابات في العراق 80 حالة يوميًا، تم إغلاق الحدود التي يسهل اختراقها بين البلدين إلى حد كبير، لقد أغلق العراق أبوابه، ولولهة، ظن الجميع أن البلاد نجت من الأسوأ.

ولكن بعد ثلاثة أشهر، بدأت الموجة في الارتفاع، حيث قالت وزارة الصحة العراقية يوم الجمعة إنه تم تسجيل 1635 حالة إصابة منذ الخميس.

في العديد من المستشفيات وصف العاملون إجراءات الحجر الصحي بـ السيئة، بسبب شح معدات الوقاية الشخصية مع ارتفاع عدد المرضى، والإصابات بين صفوف الموظفين هناك.

زينة الربيعية، تقنية في مختبر بغداد الذي يجري اختبارات فيروسات التاجية، إحدى ضحايا هذا النظام المتهالك، تقول زينة إنها شعرت في 28 مايو / أيار أن أطرافها كانت ثقيلة للغاية بحيث يتعذر تحريكها، على حد قولها، في الغرفة المجاورة، كانت والدتها تعاني من إصابتها بالحمى.

بعد أيام، ظهرت نتائج الفحص وتأكدتا بإصابتهما بالفيروس، وأرجعت زينة سبب إصابتها إلى عملها في المختبر، وأنه السبب في إصابة والدتها التي رفضت البقاء في المستشفى وقالت إن زوجها ]والد زينة[ الطبيب يمكن أن يرعاها خاصة وأن المستشفيات غير مهيأة لذلك، إلا أنه بعد أيام توفيت الوالدة ولحق بها الوالد متأثرين بإصابتهم بالفيروس.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضاً: صحيفة فرنسية: كورونا جعل الشرق الأوسط بيئة خصبة لتفشي الأخبار الزائفة