أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطط لبدء ضم جزء من الضفة الغربية المحتلة اعتباراً من الأول من يوليو. 

في وادي الأردن أو ما يعرف بـ “غور الأردن”، يراقب الفلسطينيون التغييرات الصغيرة التي تحدث على أمل تخمين ما سيحدث لهم.

تتميز “المالح]”، مثلها مثل معظم القرى البدوية الفلسطينية في شمال منطقة “وادي الأردن”، بعدد قليل من أكواخ الصفيح المحاصرة بين الطريق والتلال القاحلة، حيث تُرعى القطعان ضمن حياة فقيرة تجد فيها صعوبة الوصول إلى المياه.

على قمة التل المقابل، تهيمن قاعدة عسكرية إسرائيلية على المنطقة، مباني بيضاء محاطة بأسلاك كهربائية.

تحدث الراعي “إبراهيم نجادة” من أمام باب منزله أن ” أعمال الضم بدأت منذ عام ونصف، لقد قاموا بتجديد كل شيء بدأً من الأرضية وصولا إلى السقف.”

ويشاع أنه في حالة ما إن قامت إسرائيل بعملية الضم، سيكون هذا هو موقع “الإدارة المدنية الإسرائيلية” في المنطقة.

تابع البدوي مشيراً إلى سياج الأسلاك الشائكة الذي تم نصبه على الحافة “في السابق: كنت أذهب إلى الجانب الآخر مع حيواناتي، ولكن أصبح ذلك مستحيلاً الآن”.

وعلى التل، في نهاية الطريق، هناك مستوطنة أخرى تم إنشاؤها قبل عام ونصف- على حد قوله- وتم إنشاء سلسلة من المستوطنات الصغيرة غير القانونية بموجب القانون الدولي، تشكل خطًا يتقاطع مع المرتفعات في جميع أنحاء المنطقة المحلية.

في هذا الجزء من غور الأردن، الجميع في منازلهم، ولا يختلط المستوطنون والفلسطينيون، يقول إبراهيم نجادة في حيرة: “أنا أختنق الآن بسبب الوضع الحالي، ولكن إذا تمت عملية الضم، فسأختنق كليا”.

ووفقاً لعوامل كثيرة، فإن سكان المالحة على يقين بأن عملية الضم ستبدأ هنا في هذا الوادي الصغير من الأراضي الخصبة في نهاية الضفة الغربية المحتلة، على بعد حوالي عشرين كيلومترًا من الحدود مع إسرائيل.

من بين الإجراءات الأولى التي أعلنتها حكومة “بنيامين نتنياهو” الجديدة في مايو، وعد رئيس الوزراء بضم جزء من الضفة الغربية في الأول من يوليو.

ومنذ ذلك الحين، لا توجد أي خريطة أو إعلان ملموس، وهذا ما أكده “أميت جيلوتز” المتحدث باسم منظمة “بتسيلم” غير الحكومية الإسرائيلية المناهضة للاحتلال: “نحن لا نعرف شيئًا”.

“ماذا سيكون وضع الفلسطينيين؟ “

يعتبر وادي الأردن من المناطق التي تطمح إليها الدولة العبرية التي تعتبرها منطقة استراتيجية لأنها تقع على الحدود مع الأردن، وهي منطقة في الضفة الغربية تتمتع بأكبر إمكانات التنمية، فقد شهدت نمو المستوطنات الزراعية الإسرائيلية التي تعتمد على تجميع الأراضي.

ويتساءل “أميت جيلوتز”، الذي تضم منظمته غير الحكومية 65 ألف فلسطيني – و11 ألف مستوطن إسرائيلي: “ما هي المنطقة التي سيتم ضمها؟

ماذا سيكون وضع الفلسطينيين الذين يعيشون هناك؟ في هذا الوادي الذي يشكل 30٪ من الضفة الغربية.

وأشار رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى أنه ليست هناك ترتيبات لمنح الجنسية للفلسطينيين، وقال نائبه “بيني غانتس”، الذي يتوقع أن يشغل المنصب في غضون عام ونصف، أنه سيعارض ضم المناطق التي يسكنها الفلسطينيون إذا لم يُمنحوا حقوقًا مساوية لحقوق الإسرائيليين.

وفي منطقة المالحة، يعتقد “إبراهيم النجادة” أنه يشعر بـ “اضطراب” بسبب الجانب الإسرائيلي، ويشير والد الخمسة أطفال وهو يدخن بهدوء سيجارته إلى ” أن المراقبة في نقطة التفتيش المتواجدة في الأعلى قليلا كانت تتم مرة كل عشرة أيام، أما الآن، فذلك يحدث مرتين في اليوم”.

وعلى مسافة عشرة كيلومترات وأربع مستوطنات إسرائيلية، يقول “معتصم” صاحب الستة عشر عامًا أن قريته “بردلة”، كانت منذ صغره تُعرف بلافتة حمراء تخبر المسافرين أنهم بصدد الدخول إلى المنطقة الفلسطينية وأن الدخول كان ممنوعا على الإسرائيليين.

ويضيف الصبي صاحب الخدين الممتلئين، والذي رفض ذكر اسمه الحقيقي، أنه خلال منتصف شهر مايو، “في اليوم التالي لإعلان الضم، أزال الجيش الإسرائيلي اللافتة”، ولا يوجد الآن ما يشير إلى أن هذا المكان فلسطيني.

“الهيمنة الاستعمارية للبحر الأبيض المتوسط ​​في وادي الأردن”

من الصعب الفصل بين ما يدل على الضم وما ينتج عن الاحتلال، وهو واقع معتاد للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ثلاثة وخمسين عامًا.

تحدثت “لبنى الشوملي”، مديرة منظمة “بديل” الفلسطينية غير الحكومية أن: “الضم وسيلة وليس غاية في حد ذاته، لكي تتمكن إسرائيل من إقامة حكم استعماري من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى وادي الأردن”.

ويشير “أميت جيلوتز”، في حديثه ضد سياسة تهدف إلى “جعل حياة الفلسطينيين لا تحتمل” ودفعهم إلى المغادرة من مناطق (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية: “كانت إسرائيل تستخدم المنطقة بأكملها لتلبية احتياجاتها الخاصة، ونقل سبل عيش السكان الأصليين إلى المستوطنين الإسرائيليين”.

ويقول “إبراهيم فوقه”، رئيس جمعية المزارعين الفلسطينيين: “أخشى أن يجبرونا على المغادرة بإغلاق صنبور المياه تدريجياً”، وأنه سيكون هناك المزيد من المستوطنين، والمزيد من الاستيلاء على الموارد، والمزيد من النازحين في حالة تمت عملية الضم، “سيصبح الأمر أسوأ”.

ومن داخل شرفته المطلة على مرتفعات “بردلة” على الوادي، يفتخر رئيس جمعية “المزارعين الفلسطينيين” بهذه الحقول الخصبة حيث “يتم حصاد أربعة محاصيل في السنة”، لكنه يقول متأسفا: “لا يُسمح لنا بالبناء، بينما يتم بناء “المستوطنات” باستمرار”.

ويتساءل البطريرك البالغ من العمر سبعين عامًا مازحا: هل سنحصل على “بطاقة الهوية الزرقاء”، مثل العرب الإسرائيليين، أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا على أراضيهم عند قيام الدولة العبرية ونصبح عرب 2020؟ في إشارة إلى “عرب 1948″، الاسم الذي أطلق على الفلسطينيين الذين تم دمجهم في الدولة الإسرائيلية في ذلك التاريخ.

رجل آخر – أب لثلاثة عشر ابنا، يضيف قائلا: “نحن لا نريد ذلك، ونحن ضد الضم بالطبع”، ويتابع: “خوفي هو أنهم سيجبروننا على المغادرة بإغلاق صنبور المياه تدريجياً، الناس يترقبون ما سيحدث وهم خائفون.”

لا مبالاة من المجتمع الدولي

يرى “أحمد أسعد”، نائب محافظ محافظة طوباس أن بعض العائلات سئمت من ظروف المعيشة في التجمعات السكنية المحاصرة بين مناطق التدريب العسكري والمستوطنات الإسرائيلية.

ويضيف، وهو جالس في مكتبه على مرتفعات المدينة، وفوقه صورتان “لياسر عرفات” والرئيس الفلسطيني الحالي “محمود عباس”، أنه يمكن أن يفقد 70٪ من الأراضي التي يديرها إذا تم ضمها.

ولم يهدّئ إعلان السلطة الفلسطينية عن إنهاء كل تعاون مع إسرائيل رداً على تهديدات الضم مخاوفه ولا مخاوف سكان “غور الأردن”.

وفي مساء يوم الاثنين 22 يونيو، تظاهر الآلاف ضد الضم في مدينة أريحا، بناء على دعوة من حركة فتح التي يتزعمها الرئيس “محمود عباس”، وذلك بحضور “نيكولاي ملادينوف”، مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط.

ويضيف “أحمد أسعد” منتقدا المجتمع الدولي الذي يعتبره لا مباليا للغاية: “بالنسبة لنا، هذه المنطقة مثل القدس، ولن نسلمها أبدا”.

للاطلاع على المقال الأصلي (اضغط هنا)

اقرأ أيضاً: لتمرير “خطة الضم” .. الموساد يمهد للأمر بالاجتماع مع رؤساء دول عربية