سرت

سرت

ترجمة العدسة عن صحيفة تايمز أوف إسرائيل (النسخة الفرنسية)

مسقط رأس الدكتاتور السابق “معمر القذافي”، ومعقل تنظيم داعش فيما بعد، “سرت” الآن مرة أخرى في مركز الصراع بين القوى المتنافسة.

المنطقة الاستراتيجية بين شرق وغرب ليبيا، “سرت”، مسقط رأس الدكتاتور السابق “معمر القذافي” ثم معقل تنظيم داعش، مرة أخرى في مركز الصراع بين القوى المتنافسة، بالإضافة إلى داعميهم الدوليين من خلف الكواليس.

اعتبرها الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، حليف اللواء “خليفة حفتر” على أنها “خط أحمر” لا يجب أن تتخطاه قوات حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والمدعومة من تركيا، مهدداً بالتدخل المباشر لبلاده في حال اقتربت منها قوات الوفاق.

تقع “سرت” على بعد 300 كيلومتر من الشواطئ الأوروبية، وفي منتصف الطريق بين العاصمة طرابلس في الغرب، وبنغازي، المدينة الرئيسية في برقة.

لطالما كانت هذه المنطقة الصحراوية بمثابة فصل بين المقاطعات الرومانية والهيلينية في شمال إفريقيا.

تتكون “سرت” تاريخياً من قرى منفصلة، مع سكان ريفيين ينتمون إلى أربع قبائل رئيسية: القذاذفة عشيرة الدكتاتور “معمر القذافي” ورفلة، الفرجان وخاصة المقارحة، الذين يعتبرون من أكثر المؤيدين المخلصين للقذافي.

كان عدد سكان المدينة يصل إلى 120 ألف نسمة، لكن العديد منهم قد فروا خلال ثورة 2011 أو بعد أن استولى عليها داعش سنة 2015، وبقي حوالي 50 ألف مواطن مدني.

على المحور الشمالي والجنوبي، يعتبر الخط الذي يربط سرت بالجفرة (على بعد 280 كم) الحدود الفاصلة بين طرابلس وبرقة، ومنذ قرون، كان موقعها الجغرافي هو أهم مميزاتها.

كما ازداد هذا التميز خلال الفترة المعاصرة نظراً لقربها من منطقة “الهلال النفطي”، شرقا، حيث تقع المحطات والموانئ الرئيسية في البلاد.

مدللة القذافي

تدهور وضع المدينة أكثر ابتداءً من سنة 1970، مع وصول “معمر القذافي” إلى السلطة.

فعل “القذافي” كل شيء لتسليط الضوء على مسقط رأسه، حتى أنه حاول جعلها عاصمة “جماهيريته”.

في التسعينيات، أمر بإنشاء وزارات في “سرت” لبعض الوقت، قبل أن يضم إليها برلمانه، ولكن لم تنجح خططه.

تمكن القذافي من إنشاء مقاطعة إدارية جديدة لمنطقته: “الوسطى”، بالإضافة إلى الثلاثة الموجودة مسبقا طرابلس، برقة وفزان.

شهد مركز مؤتمراتها “واغادوغو”، الذي أقيم لاستضافة القمم الإفريقية والدولية وخدمة سياسته نشأة الاتحاد الأفريقي، مع “إعلان سرت” في التاسع سبتمبر 1999.

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، توجه كبار الشخصيات الأجنبية إلى “سرت” لعقد لقاء مع الديكتاتور الليبي غريب الأطوار.

في خضم الربيع العربي، تم القبض على “القذافي” وقتل بالقرب من “سرت”، في أكتوبر 2011، بعد استهداف موكبه بغارة جوية شنتها قوات التحالف بقيادة فرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة.

معقل تنظيم داعش

بعد 2011، تُركت “سرت”، التي يُنظر إليها على أنها رمز للنظام القديم، لتدافع عن نفسها، في بلد يسير على غير هدى، ثم جعلها تنظيم داعش، مستفيدا من الفوضى، معقله الليبي الرئيسي.

اعتبارًا من يونيو 2015، رفرف العلم الأسود للجهاديين على المباني العامة للمدينة الساحلية، حيث يتم قطع الأيدي والرؤوس في الأماكن العامة.

في ديسمبر، وبدعم من القوات الجوية الأمريكية، طاردت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المجموعة المتطرفة بعد قتال مميت.

من حكومة الوفاق الوطني إلى حفتر

لم تنته “سرت” من النزاع الذي مزق البلاد حتى تحت ظل حكومة الوفاق الوطني.

فقد تم غزوها في يناير 2020 من قبل قوات اللواء “خليفة حفتر”، بينما قاد الرجل القوي في شرق ليبيا هجومًا للاستيلاء على طرابلس.

بدعم من مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا، تمكن المؤيدون “لحفتر” من دخول المدينة دون قتال تقريبًا، لا سيما عن طريق شراء ولاء جماعة سلفية مسلحة محلية.

وعلى الرغم من أن معسكر “حفتر” لا يزال يسيطر على المدينة، فقد تغير ميزان القوى بشكل مفاجئ في الأسابيع الأخيرة مع سلسلة الفتوحات العسكرية لقوات حكومة الوفاق الوطني، والتي استفادت من الدعم المتزايد من أنقرة.

بعد استعادة السيطرة على شمال غرب ليبيا، توجهت قوات الوفاق الوطني الليبي إلى “سرت”، واستقرت الجبهة في غرب المدينة في منتصف يونيو
.

للاطلاع على المقال الأصلي (اضغط هنا)