في تحقيق أعده الصحفي آدم راونسلي لموقع “دايلي بيست” الأمريكي، تم الكشف عن شبكة من الشخصيات الوهمية الناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي وبالتحديد على المنصات الإعلامية التابعة لليمين الأمريكي المحافظ، والتي يتم استخدامهم للإشادة بدولة الإمارات العربية المتحدة والإساءة لقطر والتحريض ضدها وضد تركيا وإيران وعدد من الدول الأخرى.
بدأ راونسلي تحقيقه بالإشارة إلى أبرز تلك الشخصيات الوهمية، وهو كاتب الرأي في موقع “نيوز ماكس”، رافاييل بيداني، والذي يعرف نفسه باعتباره خبير متخصص في سياسات منطقة الشرق الأوسط، وكثيراً ما يشارك بأفكاره فيما يتعلق بكيفية تخلص العراق من النفوذ الإيراني، والسبب وراء كون الإمارات واحة للاستقرار في منطقة مضطربة.
العديد من “مقالات الرأي” نُشرت باسم رافاييل بيداني في أبرز المنابر الإعلامية المحافظة مثل “واشنطن ايكزامينر”، و”ريلكلير ماركتس”، و”أميركان تينكر”، و”ذا ناشيونال انترست”.
وأضاف راونسلي أن الصور التي يستخدمها “بيداني” في ملفاته التعريفية تعود في الأصل لمدون صاعد غير معروف بسان دييغو، وكذلك حسابه الشخصي على موقع “لينكدإن”، فقد تم “فبركة” المعلومات الموجودة فيه، حيث ادعى أنه خريج جورج واشنطن وجورجتاون.
وكشف التحقيق أن الشبكة التي يُعد “بيداني” واحداً منها تضم 19 شخصية وهمية على الأقل، عكفت لعدة أشهر على نشر مقالات وصلت إلى 90 مقالة رأي في 46 منصة مختلفة هدفها الإشادة بالإمارات والاثناء على جهودها وقراراتها، كما دعت إلى التحريض ضد قطر وتركيا وعدد من وكلائهم باتباع نهج أكثر صرامة ضدهم.
وأشار راونسلي أن موقع “واشنطن ايكزامينر” قام بحذف مقالات “بيداني” مع ترك ملاحظة حول سبب الإزالة تقول “تمت إزالة هذه المقالة بعد تحقيق في مصدرها وتأليفها”.
من الجدير بالذكر أن موقع “تويتر” قام بتعليق حساب “بيداني” و15 آخرين يوم الاثنين متهماً إياهم بانتهاك “سياسات الشركة بشأن التلاعب بالمنصة والرسائل غير المرغوب فيها”.
جاء ذلك بعد أن قامت صحيفة “دايلي بيست” بمشاركة نتائج تحقيقها في هوية تلك الشبكة.
وأورد التحقيق تعليق مارك أوين جونز، الأستاذ المساعد في جامعة حمد بن خليفة في جامعة حمد بن خليفة على الأمر، حيث قال “إن عملية نيل النفوذ الواسعة هذه تجسد مدى سهولة قيام فاعلين ذوو نوايا خبيثة باستغلال هوية أشخاص حقيقيين، وخداع منابر إعلامية دولية، والعمل على نشر بروباغندا مجهولة المصدر من خلال وسائل إعلامية ذات سمعة”.
وبين التحقيق أن الشبكة استهدفت عدداً واسعاً من المنابر الإعلامية، ونشرت مقالات رأي تنتقد قطر، وتدعو لتطبيق عقوبات أشد على إيران، وذلك من خلال وسائل إعلام أميركية محافظة مثل “هيومان ايفنتس”، وصحف إسرائيلية وبمنطقة الشرق الأوسط مثل “جيروزليم بوست” و”العربية”، وكذلك صحف آسيوية مثل “ساوث شينا مورنينغ بوست”.
وأوضحت “الدايلي بيست” الآلية التي اتبعتها في التحقيق المُشار إليه، وكيفية التوصل إلى النتائج المعلنة، حيث أكدت أن أبرز العوامل التي ساهمت في “ربط” أفراد الشبكة معاً هو سلسلة من الأنماط السلوكية المشتركة، حيث تكرر قيام الشخصيات التي حددتها الصحيفة بشكل عام بالنشر في موقعين مرتبطين، “ذا اراب آي”، و”بيرسيا ناو”، كما أن حساباتهم على تويتر تم إنشاءها في شهري مارس أو أبريل 2020 ؛ قدموا أنفسهم للجمهور كمستشارين سياسيين وصحفيين مستقلين مقرهم في الغالب في العواصم الأوروبية؛ مع ادعاءات كاذبة في حساباتهم على موقع “لينكدإن” حول الشهادات العلمية والأكاديمية التي حصلوا عليها وكذلك في المجالات المهنية التي عملوا بها؛ كما حدث مع المدعوة سلمي محمد أو أماني شاهين.
بالإضافة إلى استخدام صور رمزية مزيفة أو مسروقة يتم التلاعب بها لإفشال عمليات البحث عن الصور العكسية؛ وأخيراً قيامهم بالترويج لمقالات وكتابات بعضهم البعض.
وأشار التحقيق إلى أن أقدم المشاركات تعود إلى يوليو/تموز 2019، والتي تم نشرها من قبل ” لين نغوين “، وهو محلل مزيف في الأمن الإقليمي لجنوب آسيا”، وانتشرت كتاباته مع كتابات ” سيندي شي” في البداية بقضايا تتعلق بمنطقة شرق آسيا، ولا سيما كيف كان اقتصاد هونغ كونغ في ظل جائحة فيروس كورونا.
ولكن سرعان ما نمت الشبكة ووسعت تركيزها نحو الشرق الأوسط، خاصة في فبراير/شباط، حيث تم تسجيل موقعين على الإنترنت، “ذا اراب آي”، و”بيرسيا ناو”، في نفس اليوم وبدأوا في الحصول على مجموعة من المساهمين.
في المنصات المشار إليها وغيرها العشرات، تبنى المساهمون المزيفون موضوعات مماثلة في مقالاتهم، إنهم ينتقدون قطر، وعلى وجه الخصوص، منفذها الإخباري الذي تموله الدولة -الجزيرة.
تحدثوا بصراحة عن انتقادهم لدور تركيا في الحرب الليبية، وهاجموها مع وصفها بتحركات تهدف إلى “الحد من تدفق موارد الطاقة الحيوية” إلى أوروبا، وإلى “الانقسام في حلف شمال الأطلسي.
في الآونة الأخيرة مثلاً، انتقدت معظم الشخصيات الوهمية المشار إليها قرار “فيسبوك” بتعيين اليمنية “توكل كرمان”، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2011، في مجلس إدارتها، متبعين الأجندة السعودية والمصرية والإماراتية، حيث شجبت وسائل الإعلام في تلك الدول قرار التعيين المشار إليها باعتبارها إحدى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي ترفضها تلك الدول.
هناك أيضاً خطوط تحريرية ثابتة يتبعها أولئك “الكتاب” مثل المطالبة بفرض المزيد من العقوبات على إيران أو استخدام النفوذ الدولي لإضعاف الجماعات الوكيلة لإيران في لبنان والعراق، مع الإشادة الدائمة بحكام الإمارات في أي تصرف، وخاصة في تعاملهم جائحة فيروس كوفيد-١٩، وعلاقاتهم الدبلوماسية القوية مع الاتحاد الأوروبي.
من المفارقات التي ألمح إليها التقرير أن موقع “ذا اراب آي” يصف نفسه بأنه حصن ضد “الأخبار الوهمية”، وأنه يرفع شعار الحياد والاستماع إلى آراء الجانب الآخر، كما أشار إلى أن موقع “بيرسيا ناو” أدرج عنوان بريد للمراسلة مقره لندن، وبالبحث اتضح أنه عنوان وهمي، كما أن رقم الهاتف المدرج في قائمة الاتصال بالموقع لا يرد على أي اتصال، وأخيراً المحررين الظاهريين للمنافذ، شريف أونيل وتيمور هول، ليس لديهم أي آثار أو سجلات على الإنترنت في الصحافة.
وبحسب التحقيق، فإن الموقعين، ظاهرياً، لا يبدو وأنهما مرتبطان، ولكن بالبحث في قاعدة بيانات RiskIQيتضح أن كلا الموقعين يشتركان في نفس حساب Google Analytics، ويتم استضافتهما على نفس عنوان IP، ويتم ربطهما من خلال سلسلة من شهادات التشفير المشتركة.
للاطلاع على التحقيق كاملاً من المصدر اضغط هنا
اقرأ ايضًا: العتيبة يشحن أمريكا ضد تركيا: صبر “الجيش المصري” كاد ينفد بخصوص ليبيا
اضف تعليقا