صارت مواقع التواصل الاجتماعي خاصة موقع التغريدات القصيرة “تويتر” منبرا للتعبير عن الرأي ومصدرا للمعلومات حول ما يدور داخل أروقة السلطة في المملكة العربية السعودية في ظل انعدام الحريات والتضييق على المعارضين والرقابة الشديدة على وسائل الإعلام.

وتشير أحدث الدراسات التي أجرتها شركة “ذا سوشيل كلينك” إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الأولى عالميا في التغريدات والتفاعل على موقع “تويتر” من خلال 5.4 مليون مستخدم بالمملكة.

وأوضحت الدراسة التي نشرت على موقع الشركة نهاية سبتمبر الماضي أن التغريدات الصادرة من المملكة تمثل 40% من التغريدات على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعدل 210 مليون تغريدة شهريا من الحسابات السعودية، وهي أيضا أعلى نسبة تغريد شهريا في العالم.

قمع المخالفين

ولعبت سياسة التهميش والكبت والإقصاء من قبل السلطة في المملكة دورا كبيرا في تحول موقع التغريدات إلى ساحة للتعبير عن الرأي والتنفيس.

وفي تقرير لصحيفة “وول ستريت” مطلع يوليو الماضي قالت إن المملكة صعدت من إجراءاتها القمعية ضد الناشطين والدعاة ذوي الميول المعارضة وأشارت إلى استدعاء وزارة الداخلية عددا من الصحفيين،وناشطين ودعاة، وهددوهم بالسجن بسبب تغريداتهم، وهو ما تم لاحقا خلال الأشهر الأخيرة حيث أقدمت المملكة على اعتقال العشرات من الدعاة والكتاب وأصحاب الرأي المعارضين.

Image result for ‫تويتر خلف القضبان‬‎

وذكر التقرير أن الفريق الذي يعمل مع محمد بن سلمان ولي العهد يعتمد على شركة “هاكينغ تيم” الإيطالية لنظم التجسس والاختراق ومراقبة المواطنين، مشيرة إلى تصاعد وتيرة الانتقادات العامة بين الناشطين والمدونين السعوديين، ولا سيما إزاء اتهام قطر بدعم الإرهاب.

كما وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية المملكة بأنها تحولت إلى زنزانة بعد صعود بن سلمان إلى ولاية العهد وأنها أصبحت حبيسة العصور الغابرة بسبب قمعها للسعوديين المتطلعين لحرية الرأي والتعبير.

الأعلى متابعة

وكان لافتا في الآونة الأخيرة قيام المملكة باعتقال أصحاب الحسابات الأكثر متابعة في المملكة وربما في العالم العربي حيث اعتقلت الداعية محمد العريفي الذي يصل عدد متابعيه على تويتر لأكثر من 19 مليون متابع وهو الحساب الأول في السعودية.

كما اعتقلت الداعية عوض القرني الذي يحل ثالثا في ترتيب المتابعة داخل المملكة بعد الداعية أحمد الشقيري حيث وصل متابعو حسابه إلى أكثر من 17 مليون متابع.

ولم يسلم من الحملة الأمنية أيضا الداعية سلمان العودة والذي يعد من أكثر علماء المملكة نشاطا على وسائل التواصل الاجتماعي وأكثرهم جرأة ويحظى بعدد متابعين يصل لأكثر من 14 مليون متابع.

Image result for ‫سلمان العودة و‬‎

سلمان العودة

 

Image result for ‫عوض القرني‬‎

عائض القرني

Image result for ‫العريفي‬‎

محمد العريفي

 

 

 

وجرى اعتقال “العودة” في 10 سبتمبر الماضي بعد تغريدة دعا فيها إلى تأليف القلوب على خلفية مكالمة هاتفية جرت بين أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

حسابات تنقل الحقيقة

واشتهرت بعض الحسابات الأخرى بنقل ما يدور داخل كواليس السلطة وأصبحت الأكثر تفاعلا وتأثيرا ومصداقية، وباتت تنقل عنها الكثير من وسائل الإعلام بعد أن أصبحت مصدرا للمعلومة في ظل التعتيم المفروض من قبل السلطة.

ويعد حساب “مجتهد” على موقع تويتر أشهر هذه الحسابات ويحظى بمتابعة ما يقرب من مليوني شخص وأخذ الحساب شهرته من خلال تسريبه لكثير من المعلومات من داخل القصر وكشف العديد من المخططات من بينها خطة اشتركت فيها كل من السعودية ومصر والإمارات وإسرائيل لإحداث تغيير ثقافي وديني واجتماعي وإعلامي في الشعب الخليجي.

كما اشتهر حساب “العهد الجديد” الذي يعرف نفسه بجملة “راصد ومحلل لمظاهر التغيير في العهد الجديد قريب من غرف صناعة القرار حيث أحاول أن أهمس من هناك”، ويتابعه نحو 220 ألف شخص.

ومن أشهر تغريداته في الفترة الأخيرة كانت التسريبات التي تحدث فيها عن استعانة المملكة العربية السعودية بوزير الداخلية المصري الهارب حبيب العادلي ضمن جهاز أمن الدولة الذي استحدثته المملكة مؤخرا.

 

حساب مجتهد على تويتر

 

حساب العهد الجديد على تويتر

 

 

كما زعم “العهد الجديد” في أحد تسريباته أن المملكة قامت بتسجيل اعترافات للعديد من الدعاة الذين تم اعتقالهم يعترفون فيها بصلتهم بجماعة الإخوان المسلمين وحصولهم على تمويلات من دولة قطر.

وفي منتصف أغسطس الماضي استدعت النيابة العامة السعودية أعدادا من المغردين “لم تفصح عن عددهم” ووجهت لهما تهمة الإساءة للنظام العام.

وقالت النيابة العامة في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية في حينها إن المغردين “أساؤوا للنظام العام من خلال التأثير على سلامة واعتدال المنهج الفكري للمجتمع بمشاركات ضارة سلكت جادة التطرف”.

وبحسب أخبار تم تداولها على مواقع سعودية مقربة من السلطة أقرت المملكة عقوبات تصل إلى السجن 5 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 3 ملايين ريال على كل شخص يبدي تعاطفه مع قطر.

وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج السوشيال ميديا بشكل كبير في نقل الحقائق وما تحاول السلطات والحكومات إخفاءه عن المواطنين، حتى استطاعت تغيير وعي شعوب بأكملها وساعدت على نجاح ثورات في بلدان واستخدمتها الحكومات أيضا لتشويه صورة المعارضين.

ففي تركيا مثلا كان لمحادثة الرئيس رجب طيب أردوغان من خلال أحد برامج السوشيال ميديا أثر كبير في نزول الأتراك للشارع وإفشال الانقلاب العسكري منتصف العام الماضي.

كما كان الفيس بوك وتويتر من أهم عوامل نجاح ثورات الربيع العربي في 2011 والتي كانت مصدرا للأخبار والتواصل وتحفيز الجماهير للنزول إلى الشارع والتعبير عن الرأي.

وبعد أن فطنت الحكومات إلى خطورة مثل هذه البرامج وسرعة انتشارها وقدرتها على فضح وتعرية الأنظمة وتسليط الضوء على أخطاء لم تكن تتصور من قبل أن يعلم عنها الجمهور شيئا، سعت تلك النظم إلى إحكام قبضتها على تلك البرامج وشددت رقابتها عليها، مثلما تفعل حاليا المملكة السعودية.