مجلس السيادة يحاكم البشير بتهمة وصوله للسلطة عن طريق انقلاب عسكري
قُدم عمر البشير، الحاكم السلطوي السابق للسودان الذي أطيح به إبان انتفاضة شعبية مؤيدة للديمقراطية العام الماضي، للمحاكمة في الخرطوم بتهمة تنظيم الانقلاب العسكري الذي أوصله إلى السلطة قبل أكثر من ثلاثة عقود.
وتأتي محاكمة البشير، المحتجز منذ إدانته بتهمة غسيل الأموال والفساد في ديسمبر/كانون الأول، في وقت تشهد فيه البلاد ذات 40 مليون نسمة تغيرات جذرية في الخريطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على حد سواء، وذلك في أعقاب الإطاحة بالبشير، الذي بقي في السلطة لمدة 30 عاماً، في 11 أبريل/نيسان من العام الماضي بعد أشهر من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية “غير المسبوقة” التي اجتاحت شوارع البلاد
المحاكمة المُشار إليها قد يواجه فيها البشير -البالغ من العمر 76 عاماً- عقوبة الإعدام في حالة ثبتت إدانته مع 10 أشخاص عسكريين و6 مدنيين، وجميعهم متهمون بالتآمر للانقلاب في 30 يونيو/حزيران 1989، عندما اعتقل الجيش الزعماء السياسيين المنتخبين ديمقراطيا في السودان، وقام بتعليق البرلمان وهيئات الدولة الأخرى، كما قام بإغلاق المطار وإعلان الاستيلاء على محطات الإذاعة.
مما لا شك فيه أن السقوط الدراماتيكي للبشير كانت له عواقب ضده، تم التأكد منها عندما تعهدت حكومة السودان الجديدة بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC) لمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية تتعلق بصراع دارفور، والتي خلفت 300000 قتيل وتشريد الملايين في “حملة الأرض المحروقة” ضد التمرد الذي اندلع عام 2003.
محاكمة البشير بتهمة الانقلاب للوصول إلى الحكم وارتكاب عدد من جرائم العنف في سبيل ترسيخ قواعد الحكم، تُعد من النوادر في هذه القارة، على الرغم من أن هناك أدلة وروايات تؤكد بأن البشير لم يكن وحده المسؤول عن انقلاب 1989، وأن العقل المدبر الحقيقي للانقلاب كان العقيد الإسلامي حسن الترابي، الذي توفي في عام 2016، لهذا، يرى البعض أن هذه المحاكمة ستكون بمثابة تحذير لكل من يحاول تدمير النظام الدستوري، وخطوة لحماية الديمقراطية السودانية، كما صرح معاذ الحضرة، أحد المحامين الذين قادوا المسعى لتقديم القضية إلى المحكمة الذي أضاف “بهذه الطريقة نأمل في وضع حد لعصر الانقلابات في السودان”، خاصة وأن السودان شهد ثلاث انقلابات منذ حصوله على الاستقلال عن بريطانيا عام 1956.
وتابع الحضرة في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن المتهمين “متهمون بارتكاب جرائم بموجب الفصل 96 من قانون العقوبات لعام 1983″، والذي ألغاه البشير حيث ينص على الحكم بالإعدام على من يحاول تدمير النظام الدستوري.
من جانبهم، قال محامو الدفاع عن البشير وآخرين، إن المحاكمة التي يخضعون إليها هي “محاكمة سياسية” تُعقد “في بيئة معادية من جانب النظام القضائي ضد المتهمين”.
وأضاف هاشم الجالي -أحد فريق الدفاع عن المتهمين- “هذه المحاكمة تستهدف الحركة الإسلامية والغرض الوحيد منها هو تقديمها كحركة إرهابية، لكننا أعددنا دفاعنا وسنثبت العكس”.
وتابع الجالي -عضو هيئة الدفاع المكونة من 150 شخصاً- بأن أحداث 1989 كانت خارج إطار قانون التقادم، وبالتالي يجب ألا يتم التعامل معها من قبل المحكمة بموجب هذا القانون.
في سياق متصل، المئات من أنصار البشير تجمعوا خارج المحكمة في الخرطوم يوم الثلاثاء وهتفوا بشعارات دينية ووصفوا الديكتاتور السابق بـ “أسد إفريقيا”، وقد حياهم البشير أثناء دخوله المحكمة وهو يرتدي ملابس تقليدية بيضاء وقناع وجه.
وذكرت شبكات التلفزيون المحلية أنه تم تأجيل الإجراءات حتى 11 أغسطس/آب وفقاً لقواعد التباعد الاجتماعي وتدابير النظافة الأخرى.
يُذكر أن الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة بعد الإطاحة بالبشير قد واجهت معارضة شديدة من المحافظين الذين ازدهروا في ظل النظام السابق، كما اندلعت احتجاجات عندما أعلن رئيس الوزراء الجديد عبد الله حمدوك مؤخرًا مجموعة من القرارات التي وصفها بالإصلاحية.
ووصف حمدوك، الذي يقود إدارة تكنوقراطيين بموجب اتفاقية تقاسم السلطة المربكة التي استمرت 39 شهرًا بين الجيش والجماعات المدنية، التغيرات الاقتصادية والاجتماعية بـ “المتسارعة.
وقد أشارت هذه الإجراءات مجتمعة إلى انقطاع حاسم مع ما يقرب من أربعة عقود من السياسات المتشددة في ظل النظام السابق ومؤيديه.
ويواجه السودان مشاكل اقتصادية حادة ويأمل في شطبه قريبا من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للدول التي ترعى الإرهاب وهي عقبة كبيرة أمام تلقي المساعدات الخارجية والاستثمار.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا