يواصل قطار التطبيع الإماراتي مع إسرائيل سيره بخطي متسارعة، حيث لم تكتف الإمارات بتطبيعها السري والمعلن مع دولة الاحتلال، ولكن سعت إلي إرساء قاعدة التطبيع عبر زج حلفاءها الذين تدعمهم في المنطقة للدخول في علاقات حميمية مع دولة الاحتلال، كما هو الحال مع المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، والذي صرح قياديوه في أكثر من مناسبة برغبتهم في تطبيع العلاقات مع الكيان المحتل.

وجاءت تلك التطورات بالتزامن مع سيطرة الانتقالي الجنوبي على جزيرة “سقطرى” الاستراتيجية، التي تقع في الخليج الهندي، ما يوحي بأن أبو ظبي قد تقدم موطئ قدم لتل أبيب عبر المجلس الانتقالي الساعي لانفصال جنوب اليمن، وفق ما يري محللون.

تطبيع الحلفاء

وكشف موقع “إنتليجينس أونلاين” الفرنسي في تقرير له، الأربعاء، أن الحكومة الإماراتية تضغط على الجهات التي تدعمها، لا سيما باليمن، بتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.

وذكر الموقع بأن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن والمدعوم إماراتياً، بات يجري محادثات سرية مع “إسرائيل”.، وأن الحليف الإماراتي باليمن قد أبدي استعداده لإقامة علاقات مع “إسرائيل”؛ وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية وأمنية.

 وأوضح الموقع أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا يسعى للحصول على دعم جديد بعد الانتكاسات المتتالية أمام حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، حيث لم تتوقف اتصالاته مع دولة الاحتلال منذ عامين.

ولفت إلى أن الفلسطينيين المقربين من محمد دحلان -المستشار الأمني الرئيس لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد- ملتزمون أيضاً بتطبيع علاقاتهم مع “إسرائيل”.

وأوضح الموقع أن الإمارات لها هدف بإقامة علاقات رسمية مع تل أبيب، وتريد من حلفائها ومن تقدم الدعم لهم السير بهذا الاتجاه، وأن سير من تدعهم الإمارات في اليمن ممثلين بالمجلس الانتقالي الجنوبي نحو تطبيع العلاقات مع الاحتلال، لم يأت صدفة، وجاء بضغوطات من أبو ظبي.

وأكد الموقع: “إنه وبعد هبوط طائرات إماراتية في مطار بن غوريون بأيار/ مايو وحزيران/ يونيو الماضيين، بات من الواضح أن أبو ظبي تسعى للتطبيع الرسمي مع الاحتلال، وجلب حلفائها خلفها.”

ونوّه إلى أن أحد أهداف التطبيع بالنسبة للإمارات مواصلة استفادتها من عقود الأمن السيبراني التي تبرمها مع شركات إسرائيلية، إضافة إلى السعي لتشكيل جبهة قوية ضد إيران.

وذكر الموقع أنه وبرغم ذلك، فإن العلاقات بين الطرفين بهذا المجال تعود إلى 13 عاما للوراء، وتحديدا في 2007 عن طريق رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوتشافي، الذي زوّد أبو ظبي بتكنولوجيا لحماية حدودها.

الصديق السري الجديد

ويبدو أن علاقة المجلس الانتقالي الجنوبي بإسرائيل تجاوزت حد التطبيع الإعلامي لتصل إلي التنسيق الأمني والعسكري، والذي يهدف وفق مراقبين إلي إنشاء دولة جديدة صديقة لإسرائيل في قلب العالمين العربي والإسلامي.

وأشارت صحيفة “إسرائيل اليوم” في تقرير نشرته في 23 يونيو 2020، إلي “قيام دولة جديدة في جنوب اليمن، ستكون مدينة عدن عاصمتها”، وأشار إلى أن “قيادتها تغازل الدولة العبرية بمشاعر ودية وموقف إيجابي”.

وقالت الصحيفة إن “خلف الأبواب أُعلِن قيام دولة جديدة في الشرق الأوسط، ليس هذا فحسب، إنما ستكون الصديق السري الجديد لإسرائيل”

وبحسب الصحيفة، رد العديد من الإسرائيليين بشكل إيجابي على هذا الود وأرسلوا تحياتهم إلى “الدولة المستقلة الجديدة في اليمن”، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم إماراتياً – الذي يسيطر على مساحات في جنوب اليمن، وخاصة جزيرة سُقطرى.

وقالت مصادر مختلفة في حديثها لـ”إسرائيل اليوم”، التي تُعد من وسائل الإعلام المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب تُجري اجتماعات سرية مع حكومة جنوب اليمن، بقيادة عيدروس الزبيدي.

وأكد هاني بن بريك، نائب رئيس ما يعرف بالمجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات، ما جاء في التقرير الإسرائيلي، قائلاً إن السلام مع “إسرائيل” بالنسبة لهم “مطمع ومطمح”، مؤكداً استعدادهم إقامة العلاقات مع أي دولة ستساعدهم على إعادة دولتهم.

وفي بث مباشر له على “تويتر” قال بن بريك: “اليهود جزء من العالم وجزء من البشرية ونحن مع السلام .. ولو كان لنا علاقة مع أبناء عمومتنا اليهود ودولة إسرائيل فسنعلن عنها”.

وأضاف معلقاً على حديث الصحيفة الإسرائيلية حول وجود اتصالات سرية بين “الانتقالي” و”إسرائيل” قائلاً: “نحن لا نعادي أي دولة في العالم ولا ديانة، إلا من يتعرض للجنوب.. هذه مسلماتنا”.

من جانبه قال الخضر السليماني، مدير مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي، إن المجلس جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية، مبدياً استعداد المجلس لإقامة علاقة مع “إسرائيل” إذا لم يتعارض ذلك مع مصالحه الوطنية، حسب تعبيره.

تطبيع متزايد

ومؤخرا تزايد توطيد الإمارات لعلاقتها مع الدولة العبرية، وجعلت من أزمة كورونا سبيلاً لإبراز تلك العلاقة والتطبيع مع دولة الاحتلال؛ من خلال إبرام عدد من الاتفاقيات العلنية، وبتغطية إعلامية إماراتية، من بينها شركات الأسلحة الإسرائيلية التي تعد من كبرى الشركات في العالم.

وفي 26 يونيو الماضي، أطلقت شركتان إماراتيتان عدداً من المشروعات المشتركة في المجال الطبي ومكافحة فيروس كورونا، وذلك بالتعاون مع شركتين “إسرائيليتين”.

وأعلنت “مجموعة 42” الإماراتية، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، توقيع مذكرتي تفاهم مع شركتين إسرائيليتين لمكافحة وباء كورونا، في 2 يوليو الجاري.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” إن “مجموعة 42” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وقعت مذكرتي تفاهم مع شركة “رافاييل” للأنظمة العسكرية المتقدمة، و”إسرائيل” لصناعات الطيران والفضاء “أي آيه أي”.

وأكد وزير الاستخبارات الإسرائيلي، إيلي كوهين، أن السعودية والإمارات ودولاً أخرى مهتمة بالتعاون مع “إسرائيل”، معتبراً أن ذلك “مسألة مصلحة مشتركة”.

وقال كوهين: “في الوقت الذي تبدو فيه آفاق الحل السلمي مع الفلسطينيين بعيدة أكثر من أي وقت مضى، (إسرائيل) واثقة من أن تقاربها مع العالم العربي سيزداد قوة، حيث تظل القضية المحددة في الشرق الأوسط هو التهديد الذي تشكله إيران”.

وأضاف كوهين، خلال مقابلة له، أمس الخميس، مع قناة “i24news” العبرية: إن “العديد من الدول العربية يتطلع إلى القيادة والابتكار الإسرائيليين المثبتين في مجال التكنولوجيا الفائقة”.

وفي 16 يونيو الماضي، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش،  إن الإمارات يمكنها العمل مع “إسرائيل” في بعض المجالات.

وفي كلمة أمام مؤتمر للجنة الأمريكية اليهودية، وهي مجموعة معنية بدعم اليهود، قال قرقاش: إن “التواصل مع إسرائيل مهم وسيؤدي لنتائج أفضل من مسارات أخرى اتبعت في الماضي”.

وفي 9 يونيو الماضي، حطت ثاني طائرة إماراتية في مطار بن غوريون الإسرائيلي في غضون شهر، في رحلة مباشرة من أبوظبي إلى “إسرائيل”، بزعم تقديم مساعدات لفلسطين، وهو ما رفضته الحكومة الفلسطينية لعدم التنسيق المسبق معها.

فيما تولى بالعام 2015 ديفيد ميدان، وهو عميل سابق للموساد، تقديم خدمات شركته الاستشارية ديفيد ميدان بروجكتس إلى شركات مثل مجموعة أن أس أو غروب المتخصصة في الاستخبارات الإلكترونية بشراكة مع محمد دحلان، على حد قول الموقع.