لا تتوقف السلطات السعودية عن شنها لحملات الاعتقال التعسفية بحق كل من لم يَثبُت ولاؤه لنظام الحكم بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، وتتنوع الاعتقالات لتشمل دعاة ومفكرين وعلماء وكتاب وصحفيين حتى وصلت مؤخرا إلى حد اعتقال المشيعين ومن ينعون وفاة أحد من المعتقلين السياسيين في البلاد.

وفي تطور جديد لسلسلة الاعتقالات، أعادت السلطات السعودية اعتقال الداعية والمفكر إبراهيم السكران مرة أخري، وذلك بعدما تم الإفراج عنه منذ ما يقارب الشهرين وضع خلالهما قيد الإقامة الجبرية، ولكن يبدو أن النظام السعودي لم يحتمل وجوده خارج السجن أكثر من ذلك فأعاد اعتقاله مرة أخري.

إعادة اعتقال “السكران”

وكشف حساب “معتقلي الرأي” عن إعادة اعتقال السلطات السعودية للشيخ والداعية، إبراهيم السكران منذ نحو شهر، بعد أن أطلق سراحه مؤخرا من السجن.

وقال الحساب الذي ينشط على “تويتر”، واشتهر بمتابعة قضايا الحريات ومعتقلي الرأي في السعودية، “تأكد لنا خبر إعادة اعتقال الشيخ إبراهيم السكران، وهو منذ شهر تقريبا في السجن”.

وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت “السكران” في حزيران/ يونيو 2016 من منزله بالرياض، وعزا نشطاء سعوديون آنذاك سبب توقيفه إلى معارضته لسياسات المملكة، وذلك في إطار حملة شنتها السلطات ضد العديد من المفكرين والدعاة من السعوديين وغيرهم من المقيمين.

وتم الزج بالشيخ السكران في السجن بسبب تدوينات نشرها على تويتر، أبدى فيها اعتراضه على تعطيل عمل “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

وكان للشيخ السكران قوة كبيرة في مواجهة المد الليبرالي ومشاريعه في المملكة السعودية، وكانت له انتقادات كبيرة على سياسة الدولة السعودية في عدد من الملفات أبرزها “ملف المعتقلين الإسلاميين”.

ويعد إبراهيم السكران باحثا ومُفكِّرا إسلاميا، مهتما بمنهج الفقه الإسلامي وبالمذاهب العقدية والفكرية، وله العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات المنشورة وله عدد من الكتب المطبوعة.

اعتقال “المعزين”

وفي تطور خطير يكشف حالة السعار التي وصل إليها النظام السعودي في ملاحقة معارضيه، حيث كشفت منظمة حقوقية، الثلاثاء، عن قيام السلطات السعودية باعتقال ثلاثة أكاديميين بارزين؛ بسبب تعزيتهم بوفاة الحقوقي الراحل عبد الله الحامد.

وبحسب منظمة “القسط” الحقوقية، فإن السلطات اعتقلت كلا من المحامي المدافع عن الحريات عقل الباهلي، والكاتب الصحفي عبد العزيز الدخيل، والمحامي والناشط سلطان العجمي.

وقال موقع “معتقلي الرأي” المهتم بـالحقوق في السعودية، عبر صفحته في موقع “تويتر”، إنّ السلطات السعودية اعتقلت ثلاثة كتاب وناشطين منذ بداية شهر رمضان الماضي، على خلفية تغريدات لهم عن الدكتور عبد الله الحامد الذي توفي في السجن، في إبريل/نيسان الماضي.

 ووفقاً للموقع، فإنّ السلطات السعودية اعتقلت الدكتور عبد العزيز الدخيل، والكاتب عقل الباهلي، والمحامي الناشط سلطان العجمي.

وأفاد الموقع بأنه تأكد من أنّ الدكتور عبد العزيز الدخيل، معتقل، منذ بداية شهر رمضان، على خلفية تعبيره عن الرأي، وتغريده حول وفاة الحامد.

كما ذكر الموقع أنّ المحامي سلطان العجمي معتقل، منذ بداية رمضان (24 إبريل) على خلفية تغريدة عن آخر مكالمة له مع الحامد، والتي قال فيها إنّ صوته بدا ضعيفاً.

وقال الموقع إنّ الكاتب عقل الباهلي اعتُقل أيضاً في مطلع شهر رمضان ( 24 إبريل) بسبب تغريدة عن الحامد.

وبمتابعة الحسابات الثلاثة علي تويتر ، يظهر أنها لم تنشط منذ نعيها الحامد، الذي توفي في الرابع عشر من نيسان/ أبريل الماضي، مما يرجح فكرة اعتقالهم في هذا التوقيت.

وكان لافتا أن عقل الباهلي، وهو محام ترافع عن معتقلي “جمعية حسم”، حذف تغريدته بعد مئات التهديدات التي وصلته من قبل “الذباب الإلكتروني” عبر التعليقات.

وغرد الباهلي: “رحم الله أبو بلال، وتغمّده بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، والعزاء لكل أسرة الحامد وكل أصدقائه ومحبيه”.

فيما قال الدخيل إن الحامد “الرجل الذي أخلص لوطنه وللقيم والأخلاق العالية والمواطنة الصادقة، رحل إلى ربه، لكنه لم يرحل من قلوب المخلصين للوطن المؤمنين بتقديم النصح والمشورة، دون خوف أو وجل، ودون مصلحة خاصة”.

بدوره، كانت التغريدة التي اعتقل العجمي لأجلها، هي: “آخر تواصل بيننا يوم الثلاثاء 4-7، بدأ صوته متعبا، ومع هذا كان صامدا محتسبا، أخبرني أنه انتهى من صيام شهر، وكأنه في داخله شعر أنه لن يصوم معنا رمضان”.

وتابع العجمي: “بعد يومين، نفجع بخبر إصابته بجلطة، نعزي عائلته وأنفسنا والوطن والإنسانية بفقدان مفكر وثائر إصلاحي عظيم، عبد الله الحامد شهيدا”.

وتوفي الأكاديمي السعودي الدكتور عبد الله الحامد في السجن، في إبريل/ نيسان الماضي، وذلك نتيجة الإهمال الطبي المتعمد الذي أوصله إلى جلطة دماغية دخل علي إثرها في غيبوبة ، غير أن السلطات لم تسمح بالإفراج عنه رغم عمره الذي ناهز السبعين حتي لفظ أنفاسه الأخيرة في السجن بحسب موقع “معتقلي الرأي”.

وشدّد الموقع في حينها على أنّ “وفاة عبد الله الحامد في السجن ليست أمراً عادياً، فهي اغتيال متعمد قامت به السلطات السعودية بعدما تركته إدارة السجن في غيبوبة عدة ساعات قبل نقله للمستشفى”، مؤكداً أنّ “السكوت على هذه الجريمة قد يتسبب بوفاة آخرين من المعتقلين الأحرار”.

وكان الحامد من أبرز دعاة الإصلاح في المملكة وأحد مؤسسي مشروع “حسم” الإصلاحي، واعتقل مرات عدة خلال مسيرته، كان آخرها في مارس/آذار 2013، وحكم عليه بالسجن 11 عاما.

تداعيات قضية “الشيحي”

وفي ذات السياق، فما زالت تداعيات قضية وفاة الصحفي السعودي صالح الشيحي بعد خروجه من السجن قائمة، حيث طالبت منظمة “مراسلون بلا حدود” بإجراء تحقيق دولي مستقل، لتحديد مسؤولية السلطات السعودية في قضية وفاة الصحفي والكاتب السعودي صالح الشيحي؛ نتيجة تدهور حالته الصحية بعد نحو شهرين من الإفراج عنه.

وقالت المنظمة في بيان نشرته، أمس الجمعة، إن الحالة الصحية للشيحي تدهورت بشكل سريع وأُدخل إلى العناية المركزة بعد الإفراج المفاجئ عنه، في 19 مايو الماضي.

وأشارت إلى ما أوردته وسائل إعلام سعودية بأن الشيحي كان يعاني من تداعيات الإصابة بفيروس كورونا.

وكانت “منظمة العفو الدولية” (أمنستي) عبرت عن حزنها الشديد لوفاة الصحفي السعودي، ودعت السلطات السعودية إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وتوفي الكاتب الصحفي السعودي صالح الشيحي، الأحد، متأثراً بفيروس كورونا الذي أصيب به منتصف الشهر الماضي، وعقب خروجه من السجن بشهرين.

ونعى الوسط الإعلامي والثقافي عبر مواقع التواصل الاجتماعي الراحل بعد إعلان وفاته، معبرين عن حزنهم ومستذكرين مناقب الفقيد ودوره الكبير والمؤثر في الساحة الثقافية.

وشيع حشد من المواطنين السعوديين الصحفي الراحل، الثلاثاء الماضي، في مقابر رفحاء بمسقط رأسه شمالي المملكة، وقد رثاه العديد من الناشطين.

وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت صالح الشيحي، في ديسمبر 2017، بعد ظهوره في برنامج “يا هلا” عبر قناة “روتانا خليجية “، حيث كشف فيه عن الفساد داخل الديوان الملكي السعودي، وقد حكم عليه بالسجن 5 سنوات، وبالمنع من السفر لمدة 5 سنوات أخرى.، قبل أن تفرج السلطات عنه بعد تدهور حالته الصحية في مايو الماضي.

وأشار العديد من المغردين إلى أن الشيحي كان معروفاً بدفاعه عن المواطنين، والمطالبة بتحسين أوضاعهم ومهاجمة الفساد.