لا تتوقف محاولات الإمارات من أجل إثارة القلاقل وتأجيج النزاعات في الدول التي قامت فيها ثورات الربيع العربي، سعيا منها لخلق حالة من الفوضى تسمح بإعادة إنتاج الأنظمة الديكتاتورية وإيصالها إلي سدة الحكم بطريقة أو بأخرى، وتتنوع أساليب الإمارات في دعم الثورات المضادة ابتداءً بالدعم المالي والإعلامي للتمردات والانقلابات كما حدث في مصر ويحدث في تونس اليوم وانتهاءً بالتدخل العسكري المباشر كما هو الحال في ليبيا في دعمها الجوي لقوات الانقلابي خليفة حفتر.

وكان أحدث هذه المحاولات هي دعم الإمارات لأطراف تونسية مشبوهة، بغرض إحداث حالة من الإرباك في المشهد، وتأزيم المسار السياسي وصولاً لاستغلال أي فرصة للانقلاب وتصدير رموز النظام البائد للحكم مرة أخري.

 

مؤامرة جديدة

وحذرت قوى سياسية تونسية من مؤامرة الإمارات وقوى الشر ضد تونس، بالتعاون مع قوى داخلية، مؤكدة أن “ما يحصل من فوضى هدفها إفشال التجربة التونسية وإرباك المشهد السياسي في تونس”.

وأكد رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان، نورالدين البحيري، أن “ما يحصل في البرلمان ليس مجرد مناوشات بين نواب النهضة وكتلة عبير موسي (الحزب الدستوري الحر)، بل إن كتلة (القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان) وضاحي خلفان في البرلمان تواصل ممارسة العنف واحتلال مجلس نواب الشعب لتمهيد الطريق أمام الانقلاب الإماراتي في تونس على شاكلة ما حصل في مصر”.

وصرح البحيري أن “جماعة حزب موسي، وتحركاتها بالتوازي مع مؤامرات الإعلام الإماراتي المصري ودعمه، المتواصل لها، يكشفان حجم الدعم السياسي الإعلامي لموسي ومحاولات لاستهداف التجربة التونسية، كما تم استهداف التجربة الليبية، وهذا التدخل ليس خافيا”، مضيفاً أن “موسي ليست سوى أداة لتنفيذ مخطط إماراتي ضد الثورة التونسية”.

وأكد أنها هي واللائحة ضد رئيس البرلمان “مجرد أداة لتنفيذ مخطط إماراتي معاد لتونس وتجربتها، وهي عنوان الفساد ونهب الدولة، ويؤكدون كل يوم عمالتهم للمحور الإماراتي المصري بهدف تخريب التجربة التونسية”، داعيا السلطات المعنية إلى تطبيق القانون على عبير موسي.

كما اتهمت أطرف تونسية، منذ عدة أيام أيضا، الإمارات بالعمل على زعزعة الدينار التونسي وهزه في إطار الثورة المضادة الشرسة التي تشنها ضد الدولة والتجربة الديمقراطية في البلاد، مستغلة الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد.

وذكر القيادي في ائتلاف الكرامة نور الدين العلوي أن “مصير التيار الديمقراطي وحركة الشعب مرتبط بموقفهما من عصابة التجمع”، مشيرا إلى أن “ما يحدث اليوم هو حالة انقلابية موصوفة على السلطة التشريعية الأولى، وهي تخريب للثورة التونسية وللتعايش المشترك في تونس”، مؤكدا أن “ما يحصل حالة ثورة مضادة بامتياز وقد أستعمل فيها التيار الديمقراطي وحركة الشعب، كدروع”.

وتابع أن من وصفها بـ”الكتلة الفاشية”، في إشارة إلى “الدستوري الحر”، “لم تنتصر بنفسها أو بكتلتها، بل بالعملاء والمتواطئين معها؛ وكل من يحاول أن يغنم مكاسب سياسية من خلال الأزمة وتعطيل مؤسسة البرلمان سيدفع الثمن”.

وأضاف أنهم “يحاولون تصوير الغنوشي بصورة العاجز وتحميله تبعات الأزمة، وتاريخ الثورة التونسية والأحداث وكل المحاولات التي قامت على نفي الآخر والإقصاء فشلت، ولكن من يتورط اليوم هو التيار والشعب، وداخل التيار يوجد تيار إقصائي وجزء وفِي للثورة والتعايش المشترك، فبيانه الصادر اليوم يكشف ذلك”.

واعتبر أن “حركة الشعب أيضا انخرطت في اللعبة، ولَم يتم الاتعاظ من الماضي، من تجربة الجبهة الشعبية التي قامت على الإقصاء وانتهت، ونفس الشيء سيكون مصير التيار وكل من يساند الإقصاء، لأنهم لم يفهموا الشعب التونسي”.

 

مهمة صعبة للمشيشي

وفي تطور جديد لسياق الأحداث، كلف الرئيس التونسي قيس سعيد وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة هشام المشيشي بتشكيل حكومة جديدة عقب تقديم رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ استقالته في وقت سابق من الشهر الجاري عقب اتهامات بتضارب المصالح.

ويتعين على المشيشي أن يشكّل في غضون شهر واحد حكومة تستطيع تأمين ثقة البرلمان.

ويعتبر المشيشي وجها صاعداً في المشهد السياسي التونسي، لم ينتسب إلى أي حزب ويُعد من أبرز المقربين للرئيس سعيد.

واحتل المشيشي منصب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السابقة، وقبلها دخل القصر الرئاسي في منصب مستشار أول للرئيس للشؤون القانونية.

وكان المشيشي قد تولى منصب رئاسة الديوان في وزارات المرأة والنقل والصحة والشؤون الاجتماعية، ومدير عام للوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات، كما عمل أيضا خبير تدقيق في اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد لبعض الوقت.

وتقلد المشيشي منصب مدير ديوان وزير النقل سنة 2014 وشغل نفس المنصب على التوالي في وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة.

ولم يرد اسم المشيشي ضمن الأسماء التي عرضتها الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية على رئيس الجمهورية الذي تجاهل الاسماء المطروحة عليه ليطرح المرشح الذي يرى أنه الأنسب لقيادة المرحلة.