عبرت “ستيفاني ويليامز” مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالنيابة في ليبيا عن قلقها على مصير الشعب الليبي الذي أكدت أنه يخشى على نحو متزايد أن يتم تحديد مصيره من قبل جهات خارجية خاصة وأن خطر احتمالية نشوب حرب إقليمية في تصاعد مستمر.
وأوضحت “ويليامز” أن “الشعب الليبي منهك وخائف من المستقبل بصورة كبيرة” مضيفة “لقد سئموا الحرب، ويريدون السلام، وما يزيد من مخاوفهم أنهم على يقين أن هذا ليس في أيديهم الآن… إنهم يريدون حلاً ووقف إطلاق النار بصورة نهائية”.
وتابعت “ويليامز” أنه “في المقابل فإن البديل لوقف إطلاق النار والحل السياسي الشامل هو في الأساس تدمير بلادهم، فمع وجود العديد من الجهات الخارجية التي لديها جداول أعمال خاصة بها، فإن خطر سوء التقدير والمواجهة الإقليمية مرتفع.. هذه معركة بين منافسين خارجيين، وعلى الرغم من أنها تبدو حرب أهلية داخلية، فإن الليبيين يفقدون سيادتهم فيها”.
وبينت ويليامز أن الوضع في ليبيا متأزم للغاية، حيث “بدأت الأزمة بحرب أهلية ثم حرب بالوكالة.. سيكون من الصعب إنهاء الأولى إذا كانت الثانية لا تزال مستمرة… لم يتم فعل شيء كافي لوقف المرتزقة والأسلحة من دخول البلاد”، مؤكدة “ليس لدينا مرتزقة على الأرض فقط، وليس فقط طائرات بدون طيار، ولكن الطائرات الحربية أيضًا”.
من الجدير بالذكر أن ستيفاني ويليامز وهي دبلوماسية سابقة في وزارة الخارجية الأمريكية، بجد لتأمين وقف إطلاق النار وإنشاء منطقة منزوعة السلاح، كما تسعى جاهدة لضمان مغادرة جميع المرتزقة الأجانب في جدول زمني متفق عليه قبل أن تغادر منصبها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، خاصة وأنه من غير الواضح حتى الآن من سيخلفها في المنصب الذي تصر الأمم المتحدة أن يتم تقسيمه بين مبعوثين، أحدهما يعمل في الداخل والآخر خارج ليبيا، وهو وضع لا يلقى قبول في العواصم الأوروبية وداخل الأمم المتحدة نفسها.
تحث الأمم المتحدة أطراف النزاع الرئيسيين في ليبيا على عدم الاعتماد على القوى الخارجية لتسوية خلافاتهم، على الرغم من علمها بأن كلا الجانبين يستخدمان وقف إطلاق النار لتعزيز مواقعهما العسكرية عن طريق استيراد الأسلحة في خرق واضح لحظر الأمم المتحدة.ظط
تعمل ويليامز على وجه التحديد على إنشاء منطقة منزوعة السلاح وسط ليبيا، مع فصل القوات حول مدينة سرت الساحلية، التي يُنظر إليها على أنها الخط الأمامي في المعركة بين حكومة الوفاق المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، وبين قوات خليفة حفتر المتواجدة شرق البلاد.
يُذكر أن حفتر كان قد شن هجومًا على طرابلس في 4 أبريل/نيسان من العام الماضي بعد تلقيه الضوء الأخضر في مكالمة هاتفية من مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، وهي خطوة وأدت مبادرة السلام التي أعدها غسان سلامة، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، والذي غادر منصبه في مارس/آذار الماضي قائلاً إنه تعرض للخداع والطعن من الخلف من أفراد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقد خلفته ستيفاني ويليامز، التي يسلط رحيلها دون تحديد خليفة الضوء على الفوضى الدبلوماسية.
منذ بداية العام الجاري والهزائم تلاحق قوات حفتر وميليشياته، وذلك بعد إعلان تركيا تدخلها في ليبيا إلى جانب حكومة الوفاق الليبية، ولعل هو السبب الذي دفع مصر للتحذير من أن أي محاولة من قبل حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا للاستيلاء على مدينة سرت الساحلية ستكون خطًا أحمر بالنسبة للقاهرة قد تؤدي إلى رد عسكري مصري.
تقع سرت، التي تعتبر بوابة لحقول النفط التي يسيطر عليها حفتر، على بعد أكثر من 1000 كيلومتر من الحدود المصرية، لذلك يتم التعامل مع التهديد بكل من الشك والقلق.
من ناحية أخرى، يتلقى حفتر الدعم من قرابة 2000 مرتزق تابعين لمجموعة فاغنر الروسية بالإضافة إلى 2000 سوري، كما يتمتع حفتر بالدعم العسكري الكثيف لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تقوم بارتكاب أسوأ الفظائع الجوية في الحرب الأهلية، وهي الانتهاكات التي تم إدانتها بشدة من قبل الأمم المتحدة، لكن بعض المسؤولين يقولون إن الضغط لكبح جماح الإمارات يجب أن يأتي من فرنسا، حليفها الأوروبي الرئيسي.
أبرز الملفات التي تحاول ستيفاني ويليامز الانتهاء منها قبل رحيلها، هو ملف الأزمة القائمة حول توزيع عائدات النفط، حيث غالبًا ما اشتكت القوى الشرقية من أن عائدات النفط التي ترسلها للبنك المركزي من قبل شركة النفط الوطنية الليبية (NOC) لا يتم تقسيمها بشكل عادل في جميع أنحاء البلاد، أو أنها تستخدم لدعم الميليشيات وتأجيج الفساد.
يستخدم البنك المركزي عائدات النفط الليبي إلى حد كبير لدفع رواتب 2.9 مليون عامل في القطاع العام، أو لدعم الوقود.
تمكنت ويليامز هذا الأسبوع من الحصول على مراجعة خارجية للبنك المركزي الليبي من قبل ديلويت، بالإضافة إلى تدقيق للبنك المركزي المتنافس- المراجعات التي كانت قيد المناقشة لمدة عامين.
وفي محاولة لإيقاف قضية توزيع عائدات النفط، اقترح مصطفى صنع الله، رئيس شركة النفط الوطنية الليبية، أن تقوم الشركة بالاحتفاظ بالإيرادات بشكل مؤقت حتى تتم تسوية قضية التوزيع.
يُذكر أن الخطة التي اتفق عليها الطرفان في المحادثات في أوائل يوليو/تموز تم إبطالها جزئياً بسبب اعتراضات الإمارات.
تظل حقول النفط مغلقة، مما يحرم شركة النفط الوطنية من 6.5 مليار دولار (5 مليارات جنيه استرليني) من الإيرادات، وقد صرحت المؤسسة الوطنية للنفط هذا الأسبوع بأن وجود المرتزقة الأجانب – الذين يُعتقد أنهم روس – يتزايد، خاصة في مجمع راس لانوف للبتروكيماويات، كما أبدت استيائها من المرتزقة “الذين يعملون لصالح الحكومات التي لديها مصلحة في محاصرة الإنتاج الليبي وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الليبية”؛ لأن هذا يترجم إلى ملايين الدولارات من العائدات الإضافية لصناعاتها النفطية، حيث أنه لا مصلحة لروسيا ولا لدول الخليج في زيادة النفط الليبي في الأسواق العالمية المشبعة.
لا يخفى على أحد حالة التخبط والانقسام التي تعاني منها الأمم المتحدة، وفي ظل هذه الحالة غير المستقرة، تحاول بعثة الأمم المتحدة مراقبة اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالأزمة الليبية، وهو اهتمام لم يصبح كبيراً بعد.
تعثر الدعم الأمريكي لحفتر منذ رحيل بولتون، حيث استخدم البنتاغون ووزارة الخارجية التهديد المتمثل في وجود قاعدة روسية في ليبيا على الجناح الجنوبي لحلف الناتو كوسيلة ضغط لكسب الاهتمام بالبيت الأبيض.
من ناحية أخرى، التقى القائم بالأعمال الأمريكي يوم الاثنين بزعماء في الشرق للمطالبة بوقف لإطلاق النار، ولكن هناك شك في أن ترامب سيعتبر ليبيا تستحق الخلاف مع روسيا أو مصر.
على صعيد آخر، وفي إشارة إلى الصراع الذي تواجهه الأمم المتحدة لتظل القناة الدبلوماسية الرئيسية، من المقرر أن يجتمع المفاوضون الأتراك والروس في موسكو لمناقشة مستقبل ليبيا، ولا يبدو أن أي طرف مستعد لتقديم تنازلات، خاصة وأن تركيا أكدت أنها ستحاسب الإمارات على ما تصفه بأفعالها “الخبيثة”.
للإطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ أيضًا: إنسايد آرابيا: هل تتحول ليبيا إلى سوريا جديدة؟
اضف تعليقا