قام فريق من خبراء الأمم المتحدة بمراسلة السلطات السعودية حول عدد من المعتقلات المدافعات عن حقوق الإنسان بعد ورود معلومات تفيد تعريضهن لسوء المعاملة واحتجازهن في أوضاع سيئة وغير آدمية، تتنافى وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية، محذرين السلطات من تعرض أي منهن للخطر خاصة في ظل تفشي جائحة كورونا.

الرسالة الموقع عليها من قبل 7 خبراء بالأمم المتحدة استندت في مخاطبتها الجهات السعودية إلى قرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهي 34/5 و 35/15 و 34/18 و 41/12 و 42/16 و 34/19 و 41/6، حيث تشير تلك القرارات أن ما يتم ارتكابه بحق هؤلاء المعتقلات هو انتهاك واضح وصريح لحقوق الإنسان عموماً، وحقوق المعتقلين خصوصاً.

وأعرب الخبراء عن قلقهم من استمرار الاحتجاز التعسفي “المطول” وغير المحدد بوقت معين لكل من الناشطات المدافعات عن حقوق الإنسان: لجين الهذلول ونسيمة السادة وسمر بدوي ونوف عبد العزيز ومياء الزهراني، مشيرين إلى تخوفهم من أن يلقوا مصير المعتقل السعودي عبد الله الحامد، أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان، والذي لقي حتفه داخل مقر احتجازه في أبريل/نيسان الماضي بسبب الإهمال الطبي.

وأثار الخبراء في رسالتهم نقطة وفاة المعتقل عبد الله الحامد، على الرغم من كافة المراسلات التي تم إرسالها للسلطات السعودية للتحذير من هذا المصير، مطالبين السلطات السعودية بتقديم تفسير لما حدث معه، خاصة وأنه تم ذكره في ست رسائل، تم فيها شرح معاملته بتنكيل مضاعف، وإرساله إلى الحبس الانفرادي معظم الوقت، وحرمانه من الدواء، وذلك على خلفية دعواته الإصلاحية ومطالبته بتطبيق الديموقراطية، ودفاعه السلمي عن حقوق الإنسان وعن المدافعين عن حقوق الإنسان.

وأشارت الرسالة إلى مراسلات سابقة في 2018 خلال حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من النشطاء والناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، تم فيها التحذير من تعرض أي من تلك المعتقلات لسوء المعاملة أو التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية، خاصة وأن السجون السعودية سيئة السمعة، حيث تم اعتقال هؤلاء السيدات وغيرهن على خلفية مطالبتهم بالسماح للمرأة بقيادة السيارات، وبسبب نشاطهم “السلمي” في التعبير عن رأيهم، وهي حقوق تكفلها لهم المواثيق الدولية.

وإضافة إلى ما سبق، تم تسليط الضوء على أوضاع السجون الحالية في ظل وباء كورونا، بعد ورود معلومات جديدة تفيد عدم جدية السلطات السعودية في الحفاظ على حياة وصحة المعتقلين، حيث قالت الرسالة أنه “منذ ظهور جائحة كوفيد-١٩ تم اتخاذ تدابير محدودة للغاية من قبل السلطات السعودية للتخفيف من العواقب الصحية للفيروس في السجون، حيث تم الإعلان عن الإفراج عن عدد من المعتقلين الأجانب وعدد عن جميع المسجونين بسبب الديون، كما تم الإفراج عن فئات أخرى من المعتقلين، لكن لم يتم الإعلان علنا عن هوياتهم ولا أعدادهم النهائية”، كما لم يتم الإفراج عن أي من المدافعين عن حقوق الإنسان.

وتحدثت الرسالة عن بعض الانتهاكات القانونية التي تخللت محاكمات أولئك المعتقلات السابق ذكرهن، حيث يتم تغيير موعد ومكان المحاكمة دون إعلان مسبق، أو تأجيلها دون مبرر ولأجل غير مسمى. وفي بعض الأحيان لا يتم إحضار المعتقلات لجلسات الاستماع، كما تُعقد المحاكمة بصورة سرية دون صحفيين ولا مراقبين دوليين، مع التضييق على أعضاء هيئة الدفاع وكذلك على المعتقلات.

ولفتت الرسالة إلى أن المحكمة رفضت النظر في طلبات الإفراج المبكر عن تلك المعتقلات في ظل جائحة كورونا.

علاوة على ذلك، انتقد الخبراء الأحكام القاسية والعقوبات الثقيلة التي يتم الحكم بها على المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية لحقوق الإنسان على خلفية قيامهم بأنشطتهم المشروعة بشكل سلمي ممارسة حرياتهم الأساسية وتعزيز حقوق المرأة والمساواة، مع استمرار الاحتجاز المطول لهؤلاء المعتقلين بصورة غير مبررة، ما يزيد من مخاطرها أنها غير محددة، خاصة أنهم محتجزون بدون أساس قانوني.

كما أعرب الخبراء عن قلقهم العميق من أن التدابير المتخذة قد تكون محدودة للغاية في للتخفيف بشكل فعال من انتشار فيروس كوفيد-١٩ في السجن، خاصة وأن ظروف الاحتجاز سيئة من الأساس، ما يعرض حياة جميع المعتقلين في المملكة العربية السعودية للخطر.

واختتم الخبراء الرسالة بسبع توصيات أساسية طالبوا فيها الجهات المعنية في المملكة بتقديم معلومات واضحة بصورة عاجلة عن أوضاع وظروف احتجاز المعتقلات السابق ذكرهن، وكذلك أسباب استمرار اعتقالهن حتى الآن، كما تم مطالبة السلطات بإيضاح التدابير التي اتخذت لضمان تلقي المعتقل المتوفى عبد الله الحامد الرعاية الصحية المناسبة قبل وفاته.

كما تم حث الحكومة السعودية لتنفيذ التدابير غير الاحتجازية للحد من السجن وفقًا لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية للحفاظ على حياة وأرواح المعتقلين في ظل تفشي جائحة كورونا، والنظر في إطلاق سراح جميع المعتقلين الذين يستمر احتجازهم بدون أساس قانوني كافٍ، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان الذين اعتقلوا على خلفية أنشطتهم السلمية، وذلك من أجل الحفاظ على السلامة الجسدية والعقلية لجميع المعتقلين في المملكة.

الرسالة تم توقيعها من قبل:

Mary Lawlor

المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان

Agnes Callamard

المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء

David Kaye

المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير

Clement Nyaletsossi Voule

المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات

Dainius Puras

المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية

Nils Melzer

المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والمعاقبة عليها

Meskerem Techane

رئيسة الفريق العامل المعني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة
.

للاطلاع على نص الرسالة كاملاً اضغط هنا