في خطوة جديدة لتلميع ولي عهد أبوظبي بعدما تلطخت صورته إثر اتفاق التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، روجت صحف إماراتية أن ما يسمى باتحاد الشعوب من أجل السلام سيعمل مع المنظمات والجمعيات الناشطة في أوروبا على ترشيح بن زايد لجائزة “نوبل للسلام”.

ورغم أن الطرح يبدو هزليا وغير منطقي، لاسيما مع الدور التخريبي البارز لولي عهد أبوظبي في المنطقة، ما دفع مراقبون للتساءل هل الاتفاق مع إسرائيل هو السبب في الحصول على جائزة نوبل للسلام بعد أن باع الشعب الفلسطيني وخان قضيته العادلة؟!. أم أنها مكافأة على الخدمات التي يقدمها نظام أبوظبي في خدمة أهداف إسرائيل من سنوات طويلة؟!.

 

نوبل للدماء

وكانت مجلة فوربس هاجمت بن زايد ووصفته بـالديكتاتور الذي يستخدم موارد بلاده المالية والعسكرية للقضاء على الميول الديمقراطية في المنطقة تحت ذريعة محاربة التطرف.

وتابع المقال أن بن زايد كان وما زال إلى الآن جزءاً من المشكلة التي يواجهها الشرق الأوسط، وليس جزءاً من الحل؛ مضيفا أنه لا يسمح بأي معارضة سواء بالكلمة أو بالفعل، ويقوم بسجن نقاده ويتجسس على مواطني الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات ودول أخرى.

ولفت إلى شهادة منظمة “هيومن رايتس ووتش” بسوابق الإمارات التي تظهر أنها دولة “تعتقل بشكل عشوائي وفي بعض الحالات مسؤولة عن الاختفاء القسري للأفراد الذين ينتقدون السلطات”.

من ناحية أخرى، تم الإعلان الشهر الماضي عن قبول دعوى أقامها 6 مواطنين يمنيين أمام المحكمة العليا في باريس في أكتوبر 2019، اتهموا فيها بن زايد بالتواطؤ في عمليات تعذيب في سجون سرية تشرف عليها الإمارات باليمن.

ونقلت المنظمة الحقوقية الدولية “هيومن رايتس ووتش”، عن مدير المنظمة كينيث روث، قوله: إن “ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد متهم بالإشراف على التعذيب في اليمن”، ورحبت رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة سارة ويتسون، بفتح تحقيق قضائي بشأن ضلوع بن زايد في جرائم التعذيب باليمن.

أما الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات فكشفت عن حالات اختفاء قسري واعتقال وتعذيب المواطنين اليمنيين في السجون السرية للإمارات في عدن، حيث توفي الكثير من المعتقلين في هذه السجون إما بسبب التعذيب أو الجوع. وتستخدم الإمارات مباني المؤسسات أو المراكز الأمنية القديمة أو المنازل المهجورة كسجون سرية، وهذه السجون تخضع لحراسة أمنية مشددة للغاية، وهي بدائية للغاية وتفتقر إلى الحد الأدنى من معايير الأمان والسلامة.

وفي سوريا لعب نظام محمد بن زايد دوراً مشبوهاً في سوريا، بدعمه بقاء نظام الأسد وتزويده بالأسلحة وأنظمة اتصالات حديثة، علاوة على تغذية الصراع داخل المعارضة السورية والتورط في اغتيال بعض قادتها بأذرع موالية لها، فضلا عن مشاركة قوات خاصة في المعارك، فضلا عن الدور الخبيث الذي تلعبه الإمارات من خلال شبكاتها السياسية والعسكرية الممتدة، التي يديرها سمسارها محمد دحلان، من داخل الثورة السورية وتستضيف أبوظبي أفرادا من عائلة الأسد، وفي الوقت نفسه تقول إنها تسعى لإسقاط نظامه.

 

سر الترشيح المشبوه 

لكن إذا عرف سر الترشيح المشبوه سيزول العجب، إذ أن الترشيح جاء من رئيس منتدى أئمة فرنسا ورئيس اتحاد الشعوب من أجل السلام، حسن الشلغومي، وهو مؤيد لسياسة بن زايد واتفاقه مع تل أبيب.

ليس هذا فحسب إذ يعارض الشلغومي فتوى أصدرها مفتى القدس بتحريم زيارة المسجد الأقصى بعد “اتفاق الذل”، ويرى أن معاهدة السلام مع إسرائيل وزيارة الأقصى ستعود بنفع معنوي واقتصادي كبير على الفلسطينيين، زاعما أن الشجعان وحدهم هم من يبنون السلام، والقادرون على المضي قدماً في هذا الطريق على حد تعبيره. 

ويعمل الشلغومي كإمام لمدينة درانسي في الضاحية الشمالية لباريس، وهو من أصل تونسي، مثير للجل ومتقلب الآراء، ويحظى بحماية بوليسية دائمة تراقب حركاته وسكناته، ونشر كتابا يشرح فيه أفكاره عن الإسلام المتسامح ودعوته إلى الحوار مع اليهود.

وفي 2009 استقبل الشلغومي رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا “ريتشارد باسكويه”، قبل أن يسافر إلى إسرائيل وغزة أياما فقط بعد عملية “الرصاص المصبوب” التي نفذها الجيش الإسرائيلي في القطاع، ووقتها خلفت زيارته ردود فعل منتقدة.

وعاد الشلغومي وزار تل أبيب في 2019 أيضا والتقى عدداً من المسؤولين الإسرائيليين وظهر في فيديو نشرته حسابات إسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يعانق عددا من الجنود الإسرائيليين والمتحدث الرسمي باسم الجيش أفيخاي أدرعي، وضابطا إسرائيليا آخر.

وقال الشلغومي في الفيديو: “إن إسرائيل لا تعادي المسلمين وإنها فقط تحارب الإرهابيين، وأنها ستجلب الأمان والسلام للمنطقة وللمسلمين”. كما دعا بالتوفيق والنصر للجيش الإسرائيلي ليجيبه أدرعي “أنتم من القلائل الذين تتفهمون الخطر الذي نعانيه من غزة والحدود الشمالية”. 

ويعتبر الشلغومي ليس معترفا به وسط علماء المسلمين ويمضي آخرون إلى وصفه بالإمام الذي انقلب وغيّر مواقفه، وضمن جمل أفكاره و”رسالته” في كتاب يحمل عنوان “الإسلام والجمهورية.. لنتحرك قبل فوات الأوان”.