ما تزال سياسة الصين القمعية تتصاعد بحق مسلمي الأويغور في إقليم تركستان الشرقية، حيث تمارس بكين انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بدءا بإقامة معسكرات اعتقال جماعية بحق الآلاف من أبناء الإقليم وحرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية مرورا بعمليات التعقيم القسري والإجهاض بحق النساء بالإضافة لاستخدام المعتقلين كحقول تجارب للقاحات والأدوية وإجبارهم على تناول عقاقير مجهولة، ساعية من وراء ذلك للضغط على سكان الإقليم ومحو الهوية الإسلامية والعرقية لهم.
القمع بذريعة كورونا
وكان آخر هذه الانتهاكات ما ذكرته صحيفة بريطانية إن السلطات الصينية قامت بحبس أتراك أويغور في شينجيانغ (إقليم تركستان الشرقية/ ذاتي الحكم)، في منازلهم لأسابيع وهم مكبلين بقيود؛ بذريعة مكافحة فيروس كورونا المستجد(كوفيد-19).
الخبر الذي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، الثلاثاء، نقلته عن منشورات ومقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
وتشير الصحيفة إلى أن بعض المسلمين في إقليم شينجيانغ، حُبسوا في منازلهم مكبلين وأجبروا على شرب دواء قيل إنه لعلاج كورونا.
وسمع في مقاطع الفيديو التي نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، صراخ سكان عدد من العمارات، ما يعني أنهم محبوسين في منازلهم عنوة، وبحسب النشطاء فإنهم محبوسون منذ أسابيع على هذا الحال.
وجدير بالذكر أنه حتى منتصف أغسطس/آب الجاري، تم تسجيل 531 إصابة بالفيروس في المنطقة، غير أنه لم تسجل أية حالة جديدة منذ أسبوع.
وتستغل السلطات الصينية أزمة كورونا في تشديد الخناق على المسلمين الأويغور، حيث قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تحقيق مصور، إن شركات صينية تجبر المعتقلين المسلمين في إقليم تشنجيانغ على صناعة الأقنعة والملابس الواقية من أجل الوفاء بمطالب السوق العالمي.
وجاء في التقرير، أنك لو كنت من بين الملايين حول العالم الذين يرتدون قناعا بسبب فيروس كورونا، فهذه اللقطة قد تهمك، وتظهر جماعة من الإيغور يصلون إلى شركة نسيج بدأت بإنتاج الأقنعة كرد على الوباء.
ولفت التقرير إلى أن الإيغور هم أقلية مسلمة تعاني من اضطهاد طويل، مضيفا: “ظهرت اللقطة المصورة بدقة جيدة على تلفزيون الدولة الصيني لتظهر عمالا وهم يستعدون لوظائفهم الجديدة”.
وتضيف الصحيفة: “لقد قمنا بمشاهدة مئات من لقطات الفيديو والصور والوثائق الحكومية وسجلات الشحن التي تشير لزيادة في الطلب على أقنعة الوجوه المرتبطة بالوباء، كما قمنا بتحديد عدد من الشركات الصينية التي تستخدم الإيغور لإنتاج الملابس الواقية وقمنا بمتابعة سجلات الشحن إلى المستهلكين الذين استخدموا المنتجات في الولايات المتحدة وحول العالم”.
تعقيم قسري
وفي ذات السياق، ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أن السلطات الصينية تقوم بعمليات “تعقيم قسري” على نساء الأويغور في إقليم تركستان الشرقية، المعروف باسم “شينغيانغ”.
وأضافت الشبكة في خبرها، الثلاثاء، أن بكين عمدت خلال السنوات الأخيرة إلى فرض التعقيم والإجهاض القسري على نساء الأويغور في إقليم تركستان الشرقية.
ونقلت عن الأويغورية، زمرد داوود (38 عاماً)، أنها تعرضت للتعقيم القسري من قبل السلطات الصينية، بسبب كثرة عدد أولادها.
وقالت “داوود” وهي أم لـ 3 أطفال، إن سلطات بكين فرضت عليها غرامة مالية أيضاً بقيمة 18 ألف و400 يوان صيني (قرابة 2600 دولار أمريكي)، بسبب إنجابها الأطفال.
وأوضحت أنها وبعد توجهها لسداد الغرامة المالية، أجبرت على الخضوع لعملية منع حمل إلزامي في إحدى العيادات.
وأشارت إلى أن الطبيب الذي أجرى لها العملية المذكورة، أخبرها بأنها لن تستطيع الإنجاب بعد الآن.
وأفادت “داوود” بأنها بقيت 3 أشهر منذ آذار/ مارس 2018، في إحدى معسكرات الإقليم التي يطلق عليها اسم “مراكز إعادة التدريب”، وأجبرت على تناول بعض الأدوية التي منعت لاحقاً من حدوث العادة الشهرية لديها.
وبحسب العالم البارز المختص في إقليم تشنجيانغ أدريان زنز فقد تم استهداف مقاطعتين في إقليم سنجان للقيام بحملتي تعقيم، إحدى المقاطعتين بنسبة 14% والأخرى بنسبة 34% من النساء في سن الحمل خلال عام واحد. وإذا تم حساب ذلك بحسب عدد السكان فإن ما قامت به الصين من تعقيم في سنجان خلال عام أكثر مما قامت به الصين من عمليات تعقيم في كل الصين على مدى 20 عاما.
وروت نساء الأويغور اللواتي تم اعتقالهن في معسكرات الاعتقال كيف تم حقنهن بحقن غيرت أو أوقفت الدورة لديهن. وذكرت بعض المصادر الإعلامية أنه تم زرع أجهزة منع حمل لعدد من نساء الأويغور. وفي عام 2018 كان 80% من أجهزة منع الحمل التي زرعت في الصين في إقليم سنجان، مع أن الإقليم لا يحتوي سوى على 1.8% من سكان البلد بحسب ما توصل إليه زنز بناء على تحليل الوثائق الصينية الرسمية.
إبادة جماعية
وفي سياق متصل، قال مسؤولان في إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إن واشنطن تدرس رسمياً وصف القمع الوحشي الذي تمارسه الصين على الأقلية العرقية المسلمة من الإيغور في شينجيانغ (إقليم تركستان الشرقية/ ذاتي الحكم)، بأنه “إبادة جماعية”.
جاء ذلك بحسب تصريحات أدلى بها المسؤولان إلى صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، ومقرها واشنطن، بشرط عدم الكشف عن هويتهما.
ووفق المسؤولين إذا لم يكن هناك إجماع كافٍ على استخدام مصطلح الإبادة الجماعية ، يمكن للإدارة أن تتهم القيادة الصينية بارتكاب فظائع أخرى ، مثل “الجرائم ضد الإنسانية” أو “التطهير العرقي”.
وكان النشطاء والمشرعون يضغطون من أجل تصنيف “الإبادة الجماعية” في الأشهر الأخيرة ، لكن مجرد النظر في احتمال من قبل الحكومة الأمريكية يمكن أن يضر العلاقات المتوترة بشدة بين بكين وواشنطن.
يأتي ذلك أيضًا في خضم الحملة الرئاسية لعام 2020 ، حيث تنافس الجانبان حول أي مرشح سيكون أكثر صرامة مع الصين.
وأشار متحدث باسم جو بايدن إلى أن نائب الرئيس السابق يدعم التسمية – وهو عامل قد يؤثر على حسابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي وقت سابق اتهم روبرت أوبراين ، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ، القادة الشيوعيين في الصين بإدارة “معسكرات اعتقال” للأويغور في شينجيانغ، وهي مقاطعة تقع شمال غربي البلاد ويقطنها ملايين الأويغور.
وفي مارس/ آذار الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، تقريرها السنوي لحقوق الإنسان لعام 2019، أشارت فيه إلى أن احتجاز الصين للمسلمين بمراكز الاعتقال، “يهدف إلى محو هويتهم الدينية والعرقية”.
غير أن الصين عادة ما تدعي أن المراكز التي يصفها المجتمع الدولي بـ “معسكرات اعتقال”، إنما هي “مراكز تدريب مهني” وترمي إلى “تطهير عقول المحتجزين فيها من الأفكار المتطرفة”.
اضف تعليقا