تخطط الإمارات والسعودية للتحول من دول مستوردة للأسلحة إلى مصدرة خلال السنوات المقبلة، وهذا ما تشير تحركات الدولتين لضخ استثمارات كبيرة في الصناعات الدفاعية.
ولكن لا ترغب الدولتان في زيادة قدراتهما في صناعة الأسلحة التقليدية والذخائر،إنما تسعى كل منهما لامتلاك تكنولوجيا دقيقة وأنظمة متطورة فضلا برامج تطوير طائرات عسكرية حديثة.
وبدا أن هناك اهتماما كبيرا بهذا المجال بما يوفر أموالا طائلة كانت تنفقها “الإمارات والسعودية” لشراء الأسلحة من الخارج وتحديدا أمريكا.
وبالفعل اتخذت الدولتان خطوات في هذا السياق من خلال اتفاقات مبدئية مع أمريكا وروسيا على حد سواء فيما يسمى “توطين الصناعات العسكرية” وصناعة الأسلحة محليا.
ويرتبط هذا التوجه ليس فقط بخفض الإنفاق على التسليح ومواجهات التهديدات المستمرة لدول الخليج، ولكنه أيضا يرتبط بتوزانات إقليمية وحسابات اقتصادية كبيرة.
رؤية 2030
منذ تحكم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقاليد الحكم بالمملكة، ظهرت تحولات على التوجهات العامة داخليا وإقليميا وخارجيا.
بن سلمان أطلق رؤية السعودية 2030، وتضمنت هذه الرؤية عددا من الجوانب الهامة التي تطمح السعودية في تطبيقها بحلول العام المشار إليه، وكان من بين تلك الجوانب “الصناعات الدفاعية”.
محمد بن سلمان
وتحت بند “توطين الصناعات العسكرية” شملت رؤية 2030 تطوير هذا القطاع، وتعتبر السعودية في مقدمة الدول التي تنفق على شراء الأسلحة عالميا،ولكن وفقا للرؤية فإن هناك رغبة في توطين ما يزيد على ٥٠٪ من الإنفاق العسكري.
وجاءت المملكة في الترتيب الثالث للإنفاق على التسليح بقيمة 82.2مليار دولار في2015، أما في 2016فقد تراجع حجم الإنفاق لتعود في المركز الرابع بـ63.7 مليار دولار.
ولكن كان أغلب الإنفاق العسكري السعودي على الاستيراد، إذ إن أقل من 2% من الإنفاق العسكري ينتج محليا من خلال 7 شركات ومركزي أبحاث فقط.
ولي العهد السعودي بدأ في المضي لتنفيذ استراتيجية تطوير الصناعات الدفاعية من خلال تأسيس شركة جديدة تخدم مجالات الصناعات المتطورة تحت اسم “الشركة السعودية للصناعات العسكرية” مايو الماضي.
ووقعت السعودية صفقة ضخمة مع أمريكا لشراء الأسلحة ضمن مجموعة اتفاقات بلغت قيمتها ما يزيد عن 400 مليار دولار، من بينها اتفاق على تطوير أسلحة أمريكية.
وأخيرا، فإن المملكة وقعت خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا اتفاقا لشراء صفقة أسلحة من بينها منظومة “إس 400” وليس هذا فحسب ولكن أيضا الاتفاق على توطين الصناعات المتطورة للنظم العسكرية الروسية.
مخطط إماراتي
أما الإمارات فإنها اتخذت خطوات في هذا الإطار أسبق من السعودية،إذ أبدت منذ عام 2015 رغبتها في شراء طائرات روسية “سو 35” المتطورة، وباتت أقرب لاقتناء الصفقة خلال الفترة المقبلة.
طائرة من طراز “سو – 35”
الاتفاق الذي تطمح الإمارات لتوقيعه مع روسيا يقضي بنقل التكنولوجيا إليها، والعمل سويا لتطوير الجيل القادم من المقاتلات التي يمكن أن تجهز للخدمة في خلال سبع أو ثماني سنوات، وفقا للتكتل الصناعي “روستيك” في موسكو.
واتجهت الإمارات بشكل كبير للصناعات الدفاعية منذ عام 2011 من خلال استراتيجية جديدة، وسط محاولات لإقناع أمريكا بالمشاركة في تطوير طائرات قتالية، ولكن الأمر تم رفضه.
وفي عام 2011 وخلال المعرض الدولي “آيدكس”، قال اللواء عبيد الحيري سالم الكتبي المتحدث الرسمي باسم المعرض، إن هناك خطة استراتيجية لبناء قاعدة صناعات عسكرية في مختلف المجالات في الدولة، مشيراً إلى تحفيز المصنعين الإماراتيين عبر إبرام صفقات عدة معهم لتأسيس تلك القاعدة.
وأكد أن الإمارات ستصبح خلال السنوات المقبلة موقعا مهما لتوريد الأسلحة، مع تشجيع الشركات الوطنية التي تمتلك جودة تضاهي مثيلاتها الأجنبية.
وخلال عام 2013، بدأت الشركات الإماراتية بمشاركة أخرى أجنبية في تطوير طائرات من دون طيار ومدرعات وبعض الصناعات الدفاعية الأخرى، بعد تأسيس شركة جديدة وهى “شركة الإمارات للصناعات العسكرية”.
لماذا؟
التوجه السعودي والإماراتي لتوريد الأسلحة بدلا من الاستيراد، له عدة أسباب لا تتعلق بشكل مباشر بتحديث منظومتها العسكرية، وهى كالتالي:
أولا: صراعات المنطقة
دفعت الصراعات العسكرية والاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية والشرق الأوسط بشكل عام الدولتين إلى زيادة قدراتهما العسكرية للحفاظ على أمنهما، خاصة بعد حرب اليمن التي استنزفت الموازنة العامة في الدولتين وتحديدا السعودية، إذ كبدتها حرب اليمن ما يزيد عن 700 مليار دولار خلال عامين ونصف العام، بحسب تقارير أمريكية.
ثانيا: امتلاك التكنولوجيا
وترغب الدولتان في امتلاك التكنولوجيا الحديثة لتطوير الأسلحة المتقدمة خلال الفترة المقبلة، ونقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات العسكرية، بما يجعلهما من الدول الكبرى عالميا.
ثالثا: عصر ما بعد البترول
لا يتوقف حكام الخليج عن الحديث حول توفير مصادر اقتصادية بخلاف البترول، خوفا من نضوب النفط خلال السنوات المقبلة..
مصفاة بترول
إذ أكد تقرير أن دول الخليج قللت اعتمادها على النفط كمصدر للدخل خلال العام الماضي 2013، مشيراً إلى عدم إيجاد برامج ناجحة لتنويع مصادر الدخل، بما يجعل الاستثمار في مجال تصنيع الأسلحة مربحا.
وتوقع رئيس شركة Tradekey.com، وليد أبا الخيل، في مقابلة عبر الهاتف مع قناة “العربية”، أن يخلق تأسيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية فرصا استثمارية متعددة خاصة للمستثمرين والشركات الصغيرة والمتوسطة.
رابعا: تركيا و إيران
في ظل التنافس الكبير بين القوى الإقليمية الكبرى، ربما تسعى السعودية والإمارات إلى منافسة “تركيا وإيران” في مجال تصنيع الأسلحة.
وبلغت مبيعات تركيا من الأسلحة العام الماضي نحو 6 مليارات دولار، وأشاربن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي، إلى تراجع اعتماد تركيا على الخارج في الصناعات الدفاعية من 80% عام 2002 إلى ما نسبته 40% في الوقت الحالي.
وعلى الجانب الآخر، اتخذت إيران خطوات كبيرة في مجال تصنيع الأسلحة الثقيلة والصواريخ، تحديدا الطائرات الحربية، إلا أنه محظور عليها عمليات البيع، وسط تطور كبير في الصناعات الدفاعية.
اضف تعليقا