لا تزال فضائح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تتوالى يوماً بعد الآخر، وذلك بعد نشر كتاب “الدم والنفط”، الذي أظهر العديد من خطايا وأسرار الأمير الطائش، حيث كشف الكتاب النقاب عن تفاصيل العديد من الأحداث الجوهرية، والتي شكلت منعطفات خطيرة في الخمس سنوات الأولى من حكم بن سلمان.

حصار قطر

ويعد من أبرز الموضوعات التي تطرق لها الكتاب هو ما يتعلق بالأزمة الخليجية وحصار قطر، حيث استعرض الكتاب معلومات جديدة حول تعامل الإدارة الأمريكية مع الأزمة الخليجية، وكيف دعم ترامب محاصري قطر، رغم تحذيرات من بعض المسؤولين في إدارته.

وجاء في الكتاب أن مستشار ترامب السابق، ستيف بانون، أبلغ ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، بأنه يجب فعل شيء مع القطريين، مشيرا إلى أنهم أسوأ من الإيرانيين، وأنهم جاهزون لـ”الشوي”. وطلب بانون من طحنون بن زايد أن يحضر لائحة بالمطالب للقطريين، حتى يكون التصرف الإماراتي السعودي ذا مصداقية. 

 وأشار الكتاب إلي تحذير السفير الأمريكي لدى الرياض، جو ويستفال، ابن سلمان مرارا من أي عدوان عسكري على قطر.

وقال الكتاب إن التخطيط لأزمة قطر بدأ قبل اندلاعها بثلاثة أشهر، ورسمها الاستراتيجي السعودي، عبد العزيز العتيبي، الذي يعمل في السفارة السعودية في واشنطن، وأطلق حملة إعلامية مركزة.

ومن ضمن الحملة كان هنالك تغطية أسبوعية للقارئ الغربي بشأن دعم قطر للإرهاب، ومعلومات حول رشاوى لشراء كأس العالم 2022.

وأبلغ السعوديون مستشار وصهر ترامب، جاريد كوشنر، بقرار حصار قطر قبل ساعة فقط، وطلب منهم التريث، إلا أنهم قالوا له: “الأمر متأخر جدا، لقد بدأنا التحرك”.

ووفق الكتاب فقد حاول وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون دفع ترامب لتهدئة الوضع دون فائدة، وقال له كوشنر إن القطريين إن تمت محاصرتهم فلن يجدوا الحليب في المتاجر، فرد ترامب: “لا أبالي”.

وقال ترامب إنه إن دفعهم للقتال بين بعضهم البعض فسيقل الدعم المالي للإرهاب، وسيكون تحركا بالاتجاه الصحيح، وبعد ذلك على السعوديين أن يجدوا لأنفسهم مخرجا.

حرب اليمن

وكشف الكتاب الذي حقق رواجاً واسعاً تفاصيل مهمة فيما يخص التدخل السعودي في اليمن وقيادة المملكة للحرب المستمرة منذ خمس سنوات حتى الآن، حيث كشفت التفاصيل أنه بعد انطلاق الحملة العسكرية السعودية على اليمن، والتي عرفت باسم “عاصفة الحزم”، في مارس/آذار 2015، سافر “انتوني بلنكن”، كبير مستشاري “جو بايدن” إلى الرياض للقاء عدد من أصدقائه ومحاولة قراءة الموقف، وكان من بينهم ولي العهد السابق “محمد بن نايف”.

ويشير الكتاب إلى أنه خلال اللقاء مع “بلنكن”، وصف “بن نايف” حرب اليمن بأنها “رهان خاسر”، بالرغم من محاولته تفادي الحديث عنها صراحة، وكان يبدو أن “بن نايف” لم يعلم شيئا عن تلك الحملة العسكرية.

وأوضح الكتاب أن هذه الرواية أكدها أيضا وزير الحرس الوطني “متعب بن عبدالله” لأحد زواره قائلا إن “بن نايف” لم يعلم مسبقا بحرب اليمن، وأن هياكل الحكم في المملكة تتغير بشكل درامي.

ويذكر الكتاب أنه في مارس/آذار 2015، وبعد تعيينه وزيراً للدفاع من قبل والده الملك سلمان، على الرغم من عدم حصوله على تدريب عسكري سابق، قام الأمير محمد بن سلمان -ولي العهد الحالي – بعقد اجتماع لكبار الجنرالات العسكريين في المملكة في وزارة الدفاع السعودية لمناقشة عدة أمور تتعلق بأمن المملكة، على رأسها الأوضاع في اليمن -المجاورة- حيث التوسع الحوثي المدعوم من إيران -عدو المملكة اللدود.

لم يكن الجنرالات والقادة العسكريين يتوقعون أن يسفر الاجتماع عما أسفر عنه، حيث فاجأ بن سلمان الحضور بإصدار أمر بإرسال طائرات F-15 لليمن بدلاً من أن يلتزم بكتيب قواعد اللعبة المتبع منذ عقود وينتظر تدخل الولايات المتحدة الأمريكية.

وعود كاذبة

وتطرق الكتاب أيضاً إلي وعود بن سلمان الكاذبة والتي أوصلت السعوديين بعد خمس سنوات من حكمه لحالة من التقشف، فمنذ يناير/ كانون الثاني 2016، عندما تسربت أنباء قرار محمد بن سلمان ببيع حصة من شركة أرامكو، تسبب ذلك في صدمة وذعر لدى العاملين في الشركة من صغارهم إلى قمة الهرم، فعملاق النفط في العالم لا تتولى فقط إنتاج وتكرير وبيع النفط، فمهندسوها والعاملون فيها هم من تولوا بناء السعودية بشكل كامل تقريباً، وعندما قدم مسؤولوها الكبار نصائح لبن سلمان حول كيفية تنويع الاقتصاد السعودي، لم يكن يخطر ببالهم أبداً بيع جزئي للمحرك الأوحد لاقتصاد المملكة.

التفاصيل التي يذكرها الكتاب تكمل الصورة التي أصبحت الآن معروفة للعامة والخاصة داخل وخارج المملكة عن شخصية ولي العهد؛ محمد بن سلمان لديه أفكاره الخاصة وبالتالي لا يريد من أي من المتعاملين معه أن يقترح أفكاراً من الأساس، كل ما يريده هو من ينفذ أفكاره مهما كانت جامحة أو غير منطقية أو حتى لا تستند لأي منطق علمي.

كما تشير التفاصيل أيضاً إلى إنفاق محمد بن سلمان مليارات الدولارات لاستضافة شخصيات بارزة في عالم المال والسياسة حول العالم، من أمثال مديري جي بي مورغان وجولدمان ساكس، إلى توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، وفي أبريل/نيسان 2016 ظهر جون ميكليثويت رئيس تحرير وكالة بلومبيرغ نيوز الأمريكية على الشاشة ليعلن أن السعودية على وشك تأسيس صندوق استثمار سيادي قيمته 2 تريليون دولار، وهذا المبلغ بالطبع أسال لعاب رجال المال والأعمال حول العالم.

هذا الصندوق الذي بشر به بن سلمان قبل أكثر من أربع سنوات ونصف تبلغ قيمته نحو 300 مليار دولار فقط، تضعه في المركز الرابع خليجياً بعد صناديق الاستثمار السيادي في الإمارات والكويت وقطر، وهذا مؤشر واضح على الفارق الشاسع بين ما يحلم به الأمير الطموح وبين الواقع الفعلي، وهو ما ينطبق ليس فقط على صندوق الاستثمار العام بل على رؤية 2030 نفسها، والتي تسببت في وضع حرج للاقتصاد السعودي وصلت آثاره التقشفية للمواطنين السعوديين أنفسهم، حيث وجدوا أنفسهم يدفعون ضريبة قيمة مضافة وصلت إلى 15%، إضافة إلى وقف بدل غلاء المعيشة للموظفين.