لطالما رعت الإمارات العديد من الفعاليات الأدبية والثقافية على مر السنوات السابقة، حتى أنها اكتسبت سمعة جيدة في رعايتها للفنانين والأدباء عن طريق الاحتفاليات والجوائز التشجيعية المختلفة، إلا أنه ومنذ تطبيعها العلاقات مع إسرائيل، ومكانتها في العالم الأدبي باتت مهددة بالخطر بعد تزايد الأصوات المعارضة للاتفاقية من قبل المفكرين والمثقفين.
أرسل المصور الفلسطيني “محمد بدران” للجنة المنظمة لإحدى الفعاليات الثقافية في الإمارات “نظراً لأنه إذا لم يكن الفن مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالقضايا الإنسانية والعدالة، فلن يكون له أي قيمة، فأنا ألغي مشاركتي في معرض الشارقة”.
وكانت الإمارات قد أعلنت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة، لتصبح أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تقيم علاقات رسمية مع الدولة اليهودية، بعد مصر والأردن.
اعتبر الفلسطينيون هذه الاتفاقية “خيانة عظمى” لقضيتهم، قائلين “إن السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل يجب أن يكون شرطًا أساسيًا لأي تطبيع، وليس العكس”، كما دعا وزير الثقافة الفلسطيني “عاطف أبو سيف” المثقفين العرب إلى الوقوف في وجه أي خطوة للتقارب مع “العدو” إسرائيل.
كما اتخذ “محمد بدران”، المقيم في برلين، قراراً سريعاً بالانسحاب من المعرض في الشارقة، وأضاف لوكالة فرانس برس “كشعب تحت الاحتلال، يجب أن نتخذ موقفا ضد كل ما يتعلق بالمصالحة مع المحتل الإسرائيلي”.
العديد من كبار الشخصيات المثقفة العربية من عدة دول مثل الجزائر والعراق وعمان وتونس وكذلك الإمارات، شجبوا على مواقع التواصل الاجتماعي، موقف أبو ظبي، وقالت الكاتبة الإماراتية “ظبية خميس” على صفحتها على موقع “فيسبوك”، اليوم الذي تم الإعلان فيه عن الصفقة كان “يوم حزين وكارثي”، متابعة “لا للتطبيع بين إسرائيل والإمارات ودول الخليج العربي”، وقالت إن إسرائيل هي عدو الأمة العربية بأسرها.
في سياق متصل أعلنت الروائية المغربية “زهرة رامي” التي تنافس هناك بروايتها “غرفة الانتظار” انسحابها “تضامنا مع الشعب الفلسطيني”.
وفي ذات السياق، انسحب الشاعر المغربي “محمد بنيس” من اللجنة المنظمة للجائزة، ويعتبر الإماراتي الكاتب الفلسطيني “أحمد أبو سليم” الذي انسحب من جانبه من مسابقة الجائزة العالمية للرواية العربية “إثمًا إثمًا”، وقال لوكالة فرانس برس “أنا مؤيد فكري للقضية الفلسطينية مهما كان الثمن الذي يجب دفعه”.
يتم تمويل العديد من الجوائز الأدبية من قبل الإمارات، مثل جائزة الشيخ زايد، التي سميت على اسم الرئيس الإماراتي السابق.
بدعم من مؤسسة جائزة بوكر في لندن، يتم تمويل هذه الجائزة من قبل هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، في رسالة دعا الفائزون السابقون وأعضاء لجنة التحكيم مسؤولي IPAF إلى عدم قبول التمويل الإماراتي بعد الآن، وقال المفكر الفلسطيني “خالد الحروب”، أحد الموقعين على النص، لوكالة فرانس برس انه انسحب أيضا من لجنة التحكيم.
أكد “عمر البرغوثي”، أحد القادة الفلسطينيين في حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) على أن هذه المقاطعات المختلفة “رد طبيعي ووطني من المثقفين العرب”، وحذر من أنه إذا اعتقد البعض أنه يمكنهم الاستفادة من الاتفاقية الإسرائيلية الإماراتية، “سيرون شركاتهم تقاطع”.
وتدعو هذه الحركة، التي تتهمها إسرائيل بمعاداة السامية، إلى مقاطعة اقتصادية وثقافية وعلمية للدولة اليهودية من أجل إنهاء الاحتلال والاستعمار للأراضي الفلسطينية، ويشير الشاعر الفلسطيني “على مواسي” إلى أنه حتى عندما تقرر الدول تطبيع علاقاتها، فإن السكان لا يشعرون بالضرورة بأنهم ملزمون بفعل الشيء نفسه.
معظم الفنانين المصريين والأردنيين “ما زالوا يرفضون الارتباط بأي شيء له علاقة بإسرائيل”، لكن بحسب الشاعر “هناك العديد من الفنانين الذين سيبقون صامتين، للاستفادة من الفرص التي تتيحها الأموال الإماراتية”.
ترجمة العدسة عن صحيفة الوطن.. للاطلاع على المقال الأصلي اضغط هنا
اضف تعليقا