مع اقتراب موعد قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في الرياض هذا العام، بدأت الجماعات الحقوقية بتسليط الأضواء مرة أخرى على سجل المملكة العربية السعودية المروع في مجال حقوق الإنسان في محاولة منها لحث قادة الدول المشاركة في المؤتمر للضغط على النظام السعودي لتحسين الأوضاع الحقوقية واحترام القانون وإحالة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة للمحاكمات.
في بيان لها قالت منظمة “جرانت ليبرتي”، وهي منظمة حقوقية جديدة متخصصة في الحريات المدنية في المملكة العربية السعودية، إن النظام السعودي لم يفرج سوى عن خمسة فقط (3 بشكل دائم، واثنان بصورة مؤقتة) من أصل 68 سعوديًا اعتقلوا في حملة قمعية ضد المعارضة أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل ثلاث سنوات، حيث لا يزال 63 معتقلاً رهن الاحتجاز في ظروف قاسية، 15 منهم محتجزين في سجن الحائر سيء السمعة، هذا بالإضافة إلى سبع حالات اختفاء قسري.
موجة الاعتقالات التعسفية في صفوف المثقفين ورجال الدين والصحفيين والأكاديميين بدأت في 2018، بعد موجة أخرى شنها محمد بن سلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ضد رجال الأعمال السعوديين بدعوى محاربة الفساد، وكذلك ضد أفراد من العائلة المالكة ممن يعدهم منافسين له على العرش.
وبعد ذلك بأشهر قامت السلطات السعودية باعتقال حوالي 14 ناشطة من المدافعات عن حقوق المرأة في مايو/أيار 2018، أي قبل شهر واحد فقط من سن قوانين تسمح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة.
وبحسب التقارير الحقوقية فإن الناشطات المعتقلات تعرضن لمعاملة سيئة، وعلى رأسهم لجين الهذلول، التي قالت إنها تعرضت للتعذيب بإشراف مباشر من سعود القحطاني- مستشار محمد بن سلمان آنذاك.
ولا يزال الشيخ سلمان العودة رهن الاعتقال، وهو عالم دين سعودي يبلغ من العمر 64 عامًا وله أكثر من 20 مليون متابع على وسائل التواصل الاجتماعي، تم اعتقاله في 10 سبتمبر/أيلول 2017، بعد ساعات فقط من نشر تغريدة تدعو إلى السلام والوئام بين الأمم، في إشارة إلى التصالح مع قطر، وقد اعتبرت السلطات هذه التغريدة خرق للقانون الذي يمنع جميع علماء الدين من التغريد حول نزاع المملكة مع دولة الخليج المنافسة قطر، وما أضعف موقف العودة أمام النظام هو موقفه الداعم لثورات الربيع العربي، التي يحاربها النظام.
وبحسب جرانت ليبرتي فإنه يُشتبه في تعرض خمسة من المعتقلين للتعذيب الشديد، كما حُرم أربعة من الرعاية الصحية العاجلة ولم يكن 13 على اتصال بأسرهم منذ اعتقالهم، وحُرم 18 منهم من الاتصال بمحام، واحتُجز 13 في الحبس الانفرادي المطول لأكثر من 15 يومًا.
يجري الآن تنظيم حملة دولية كبرى قبل مجموعة العشرين لإحراج ولي العهد وفضح جرائمه وانتهاكاته، وذلك من خلال الضغط على الديمقراطيات الليبرالية المقرر مشاركتها في المؤتمر وذلك لتقول إنها ستضع شروطًا لحضورها الافتراضي أو الشخصي للقمة، أبرزها بالطبع يتعلق بحقوق الإنسان في المملكة.
من اللافت للنظر أن مكان انعقاد قمة مجموعة العشرين يقع على بعد أقل من 20 ميلاً من سجن المملكة العربية السعودية شديد الحراسة.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم جرانت ليبرتي لوسي راي: “بعد ثلاث سنوات من الحملة القمعية التي قام بها محمد بن سلمان في سبتمبر/أيلول، تعرض النشطاء والعلماء والصحفيون الذين تم اعتقالهم للتعذيب، واحتُجزوا في الحبس الانفرادي ومنعوا من رؤية عائلاتهم… واليوم، يواجه عدد من هؤلاء الضحايا عقوبة الإعدام “.
وأضافت “بينما تسمح حكومات العالم للنظام السعودي بالتربع على قمة مجموعة العشرين، يُترك سجناء الرأي هؤلاء في السجن بتهم ملفقة لا أساس لها من الصحة… إذا كانت حقوق الإنسان تعني شيئًا للحكومة البريطانية وبقية قادة دول مجموعة العشرين، فعليهم المطالبة بالإفراج عنهم قبل القمة المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني في الرياض أو مقاطعة القمة من الأساس “.
تأتي هذه المطالبات الحقوقية بعد أيام قليلة من إلغاء محكمة سعودية حكم الإعدام على خمسة سعوديين من المتهمين في جريمة اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وتخفيف الأحكام بدلاً من ذلك إلى السجن المؤبد، وهو قرار اعتبرته الجماعات الحقوقية استهزاءً بالعدالة وضياع للحقوق، خاصة وأنه لم يتم محاكمة كبار المسؤولين الذين ارتبطت أسمائهم بالقضية، كولي العهد محمد بن سلمان، والذي كشفت تقارير وكالة المخابرات المركزية ومبعوث خاص للأمم المتحدة عن تورطه في الجريمة البشعة التي وقعت داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا