الأيام الأخيرة شهدت محادثات مكثفة بين الجانب السوداني والجانبين الأميركي والإماراتي بشأن إقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة اليهودية، ليصبح السؤال الآن: هل يفاجئنا ترامب قريباً بتغريدة يعلن فيها تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل؟

كانت التكهنات حول هذه الخطوة منتشرة منذ بضعة أسابيع بالفعل، ويبدو أن الاجتماعات التي عقدت يوم الاثنين في أبو ظبي بين القادة السودانيين ونظرائهم الإماراتيين والأمريكيين، تسير في هذا الاتجاه، خاصة وأن الهدف الرئيسي للسودان الآن أن يتم رفع الخرطوم من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.

من جانبه، نفى وزير الإعلام السوداني والمتحدث باسم الحكومة الانتقالية، فيصل “محمد صالح”، أن تكون مسألة التطبيع قد أثيرت خلال اجتماع الاثنين، لكن كل شيء يشير إلى أن واشنطن تكرس كل جهودها لإنجاح هذه المسألة، لأنه إذا كان هناك تطبيع، فسيكون الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” هو الفائز الأكبر.

قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر، سيسمح توقيع معاهدة بين السودان وإسرائيل لترامب بإحراز نجاحات متقدمة في السياسة الخارجية، وتقديم نفسه على أنه أفضل حليف للدولة العبرية، التي دفنت رسمياً النموذج الموروث من أوسلو القائم على “حل الدولتين” داخل حدود 1967.

الإدارة الأمريكية تريد ضرب عصفورين بحجر واحد، حيث تسعى لتثبيت أركانها من جهة، ومن جهة أخرى تسعى إلى فض النزاع مع الخرطوم قبل الموعد النهائي للانتخابات القادمة حول تعويض أسر ضحايا الهجومين اللذين وقعا عام 1998 ضد السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا.

منذ عام 1993، أُدرج السودان على القائمة السوداء الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب بسبب دعمه المزعوم للجماعات الإسلامية المتطرفة، ووفقًا لوزير الخارجية “مايك بومبيو”، هناك خطة للسودان لدفع أموال لتعويض المدعين، حيث سيتم تقديم مساعدات اقتصادية ضخمة من واشنطن وحلفائها مقابل التطبيع.

وبحسب موقع أكسيوس، فإن السودان سيطلب أكثر من ثلاث مليارات دولار كمساعدات إنسانية ومساعدات مباشرة للميزانية مقابل صفقة مع الدولة العبرية.

على الصعيد السوداني، التطبيع مدفوع قبل كل شيء بطموح رجل واحد، اللواء “عبد الفتاح البرهان”، رئيس مجلس السيادة وهي هيئة سياسية أُنشئت كحل وسط بين المدنيين والجنود في أعقاب سقوط “عمر البشير” والمسؤول عن تنفيذ الانتقال الديمقراطي.

يتمنى “البرهان” أن يصبح مهندس انسحاب بلاده من القائمة الأمريكية، من أجل تحقيق انتصار سياسي كبير، وكسب وتعزيز دعم المؤيدين السابقين للنظام المخلوع واللاعبين الاقتصاديين البارزين في الانتخابات الرئاسية، المقرر عقدها عام 2022، في نهاية الفترة الانتقالية.

الجنرال مدعوم اليوم من قبل التحالف الثلاثي الإماراتي، السعودي، والمصري، والخطوة تجاه إسرائيل ستسمح للقائد العسكري بضمان مكانته في نظر دول الخليج وكذلك واشنطن.

إذا نجح ترامب في إعلان صفقة تطبيع بين السودان وإسرائيل، فستصبح الخرطوم ثالث دولة عربية، خلال أقل من عام، تقوم بتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، خلفاً للإمارات العربية المتحدة والبحرين، اللذين أعلنا ذلك في منتصف سبتمبر، وستصبح الدولة الخامسة في التاريخ العربي بعد الاتفاقية الإسرائيلية المصرية لعام 1979، والاتفاقية الإسرائيلية الأردنية لعام 1994.

على عكس الإمارات والبحرين، كان السودان بالفعل في حالة حرب مع إسرائيل، سواء في عام 1948 أو 1967، أرسلت الخرطوم قوات لدعم الجيش المصري ضد الدولة العبرية، وفي السودان أيضًا، عُقد اجتماع العديد من الدول العربية في أعقاب حرب الأيام الستة، حيث أعاد التأكيد، من بين أمور أخرى، على النضال الدائم ضد إسرائيل لاستعادة الأراضي التي فقدتها خلال الصراع.

من جانبها، لطالما اعتبرت الدولة اليهودية أن السودان يشكل تهديدًا لأمنها، بسبب مزاعم عن استخدام إيران للدولة كمهرب أرض لتهريب ذخيرة إلى قطاع غزة، لذلك بدأت الحكومة الإسرائيلية في الستينيات من القرن الماضي في دعم حركات التحرير في جنوب السودان، في تمرد ضد سياسات التهميش والعنف التي تتبعها الخرطوم.

التطبيع مع الدولة العبرية سوف يرد اليوم على تحد مزدوج للسودان، أولاً، هناك مسعى للشرعية على الساحة الدولية لدولة معزولة منذ فترة طويلة ويشتبه في أنها تمول العديد من الحركات الإرهابية.

ترجمة العدسة عن صحيفة لورينت لوجرو الفرنسية.. للاطلاع على المقال الأصلي اضغط هنا