في موجة تصعيدية جديدة من الحراك الشعبي الرافض للسيسي ونظامه، شهدت محافظات وقرى مصر أمس الجمعة مظاهرات حاشدة في عدد من المدن والقرى المصرية ضمن فعاليات جمعة الغضب التي دعا إليها معارضون وناشطون من بينهم المقاول محمد علي.

وتخللت المظاهرات هتافات مطالبة برحيل السيسي، ومنددة بالممارسات التي يفرضها على المصريين، كما تصدى الأهالي لقوات الأمن التي حاولت فض التظاهرات وقاموا بحرق وتمزيق صور السيسي، فيما سادت حالة من الغضب بين الأهالي بعد اعتداء قوات الأمن في محافظة الجيزة بالرصاص الحي وطلقات الخرطوش علي المتظاهرين السلميين ما أسفر عن سقوط قتلى وإصابات حرجة في أوساط الأهالي المتظاهرين. 

جمعة الغضب

وفي استجابة واسعة لدعوات جمعة الغضب التي أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، انطلقت في عدد من قرى وأقاليم مصر عقب صلاة الجمعة  مظاهرات حاشدة  تخللتها قطع الأهالي لبعض الطرق الرئيسية وإشعال الإطارات فيها، معبرين عن حالة الغضب المتفاقمة ضد نظام السيسي .

وبحسب مراقبين فإن رقعة هذه الاحتجاجات آخذة في الاتساع جغرافيا، إذ شملت المسيرات عدة مناطق بمحافظات القاهرة، والجيزة، والسويس، والغربية، والفيوم، والمنيا، وسوهاج، والأقصر، وأسوان.

وتوزعت التظاهرات بين عدة محافظات مختلفة، حيث شملت قرى ومدن بمحافظة الجيزة أبرزها “أم دينار”، و”العطف”، و”البليدة”، والكونيسة، وطموه، والمنصورية، والهرم، و”أبو نجم”، والسادس من أكتوبر، وقرية “قلندول” و”بني مزار” و”جبل الطير” بمحافظة المنيا، وقرى “شطا” و”كفر سعد” و”ميت أبو غالب” بمحافظة دمياط، وقرية “إسنا” بالأقصر، والإسكندرية، ودمياط.

وكان من اللافت دخول بعض المناطق للمرة الأولى على خط التظاهرات من بينها منطقة السادس من أكتوبر في الجيزة، والتي شهدت تظاهرات جديدة تُنظم لأول مرة منذ اندلاع تظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر المستمرة لليوم السادس على التوالي.

ورغم الحصار الأمني المتواصل عليها، نظم الأهالي بقرية الكداية في محافظة الجيزة، التي انطلقت منها شرارة مظاهرات 20 أيلول/سبتمبر الجاري، تظاهرة احتجاجية تندد بنظام السيسي.

وأكدت وسائل إعلام معارضة أن أكثر من 50 قرية ومدينة في العديد من المحافظات المصرية، شهدت العديد من الوقفات والمسيرات الاحتجاجية للمطالبة برحيل السيسي عن سدة الحكم.

وفي تطور لافت، قام متظاهرون مصريون بتمزيق صور السيسي ودهسها بالأقدام، خلال تظاهراتهم الاحتجاجية التي عُرفت باسم “جمعة الغضب”، فيما قام آخرون بإضرام النيران في صورة للسيسي جنوبي البلاد.   

ففي مدينة “بني مزار” بمحافظة المينا (صعيد مصر)، قام متظاهرون بإزالة لافتة لـ “السيسي” كانت مُعلقة على واجهة أحد المباني، ثم قاموا بتقطيعها ودهسها بالأقدام، وذلك على غرار المشهد الشهير بتمزيق صور الرئيس المخلوع حسني مبارك في مظاهرات المحلة الكبرى بمحافظة الغربية عام 2008، الأمر الذي اعتبره مراقبون أنه كان بداية النهاية لمبارك.

اعتداءات الداخلية

لم تتوقف اعتداءات قوات الداخلية علي الأهالي والمتظاهرين منذ بدء التظاهرات، حيث قال شهود عيان؛ إن قوات الأمن المصرية قامت بقتل 3 متظاهرين، وإصابة 8 آخرين، بقرية البليدة بمركز العياط في محافظة الجيزة، وذلك على خلفية قيامها بفض تظاهرة احتجاجية سلمية اندلعت عقب صلاة الجمعة. 

وكانت قوات الأمن حاصرت قرية البليدة بالجيزة، وأطلقت طلقات الخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المتظاهرين الذين قامت باعتقال بعضهم والذين لم يتسن معرفة عددهم، حسب روايات بعض شهود العيان.

وأظهر مقطع فيديو هروب أهالي القرية أمام قوات الشرطة، ووصف بعض المتظاهرين تعامل الشرطة معهم بـ”البلطجة”، وردد المتظاهرون هتافات منها “يسقط يسقط حكم العسكر”، و”الداخلية بلطجية”، وغيرها من الهتافات المناهضة للسيسي ونظامه.

https://www.facebook.com/watch/?v=324349165512394&extid=jxLinswMIj6yxVO2

كما ذكر شهود عيان أن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين بنزلة عليان في الجيزة ، ما أسفرعن سقوط طالب بالمرحلة الإعدادية، وهو الطفل إسلام محمد تعيلب، بالصف الثاني الإعدادي.

https://www.facebook.com/watch/?v=966883947113646&extid=gBgxOoEI1onshluT

كما أظهر مقطع فيديو آخر لحظة قيام قوات الأمن المصرية بإطلاق النار على المتظاهرين في قرية “كفر قنديل” بمحافظة الجيزة، ويظهر في الفيديو عدد من المتظاهرين وهم يواجهون طلقات رصاص تطلقها قوات الأمن أثناء فض المظاهرة ، كما يظهر الفيديو عناصر من قوات الأمن وهم يطلقون النار على المتظاهرين.

https://www.facebook.com/watch/?v=670029290576434&extid=ien5DEl9S6FST02y

وفي ذات السياق، تداول مدونون مصريون مقطع فيديو يظهر قوات الأمن المصري وهي تعتدي على مواطن مصري بالضرب المبرح قبل أن تعتقله في مركز أرمنت بمحافظة الأقصر بصعيد مصر.

ففي الثانية من صباح الخميس انهال 4 من أفراد الأمن المصري ضربا بالهُري على مواطن أعزل في شارع الشيخ موسى بجوار مدرسة السيدة عائشة، بالكرنك في محافظة الأقصر، قبل أن يتم اعتقاله بحسب شهود عيان.

 https://www.facebook.com/watch/?v=711007243098376&extid=ZIDpeIHv6QQGohPe

بداية النهاية؟

وحيت نخب سياسية وفكرية مصرية حراك الشارع المتواصل منذ أسبوع، حيث قال المجلس الثوري المصري إن ما مظاهرات “جمعة الغضب”، هي “بداية النهاية للمنظومة الطبقية البغيضة التي سخّرت طاقات وثروات الشعب المصري لإثراء قلة فاسدة”، مشدّدا على أن “منظومة العسكر باعت أرض وعرض مصر، وأخضعت الأمن القومي المصري لخطر استعمار إقليمي جديد بالوكالة”.

وحيّا المجلس، في بيان له، من وصفهم بـ “أبطال الشعب المصري المنتفضين في كل قرى وبقاع مصر، والرافضين مع قافلة شهداء الوطن والأبطال الصامدين في السجون على مدى الـ 7 سنوات الماضية أمام نظام فاشي وفاسد وفاشل، يقوض أساس الوطن ويسرق ثرواته”.

وأضاف: “لقد رأى الجميع بداية صحوة الجماهير في قرى مصر الأبية”، داعيا جماهير الشعب في كل قرى ومراكز ومدن مصر إلى “السير في ركبهم والنزول في كل مكان بمصر؛ احتجاجا ضد الكيان العسكري الحاكم”.

وشدّد المجلس على أن “أزمة مصر تتمثل في الكيان العسكري الحاكم وليس مجرد شخص واحد مجرم”، مضيفا: “على الشعب المصري أن يدرك أن العدو الحقيقي للوطن هو المنظومة الحاكمة بكل مكوناتها ومسانديها، وأن التحرر منها لن يأتي إلا بتغيير حقيقي يعطي السلطة لإرادة الأغلبية”. 

وأكد أن “الحفاظ على حياة المواطنين هو أولوية أولى، لذا فعلى المنتفضين تجنب الإصرار على الاحتشاد بالميادين فهم يتعاملون مع كيان عسكري قاتل”، مناشدا الجماهير كافة “التمسك بالاحتجاج والمقاومة كلٌّ في مكانه، طبقا للتصورات التي طرحها المجلس الثوري في إصداراته السابقة”.

من جانبه، طالب المقاول المصري محمد علي السيسي وحكومته بفتح الميادين العامة، كي يعرفوا الأعداد الحقيقية للمتظاهرين الرافضين لحكمه والمطالبين بإسقاطه، وذلك على غرار ما قام به السيسي في تظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013.

وخاطب “علي”، في مقطع فيديو جديد له، الجمعة، على حسابه بـ”الفيسبوك”، المجتمع الدولي، ووسائل الإعلام العالمية، قائلا: “هل ترون ما يحدث اليوم داخل مصر، والتجمعات المختلفة للتظاهرات الاحتجاجية؟”.

كما طالب “علي” وزارة الداخلية بالابتعاد عن الميادين العامة، وخاصة ميدان التحرير بالقاهرة، وميدان الأربعين بالسويس، وباقي الميادين العامة الأخرى التي شدّد على ضرورة فتحها أمام المتظاهرين.