“خمس مخيمات خلال الخمس سنوات”، هكذا قال المواطن اليمني “هادي أحمد هادي” بمنتهى الأسى وهو يسرد معاناته ومعاناة عائلته منذ بدء الحرب اليمنية في 2015.
قال هادي إن عائلته تتنقل باستمرار بين المخيمات للهروب من القتال الدائر في محافظة مأرب، أحد معاقل الحكومة اليمنية الواقعة تحت ضغط مستمر من المتمردين الحوثيين، والذين يسيطرون على العاصمة صنعاء منذ 2014 على بعد 120 كيلومترا غربي مأرب عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه.
اشتد القتال في المنطقة التي تفصل مأرب عن مناطق المحافظة الغربية في الأسابيع الأخيرة، مما شكل تهديداً مباشراً على سكان مخيم السويداء الذين قد يجبرون على النزوح مرة أخرى بحثاً عن مأوى جديد.
هناك، شمال مدينة مأرب، وجدت عائلة السيد هادي ملجأهم الأخير أواخر أغسطس/آب المنصرم، لينضموا إلى 700 عائلة أخرى، استقروا على قطعة أرض مساحتها 1 كيلومتر مربع، آملين أن يبقوا لفترة طويلة دون تنقل وفرار من ويلات الحرب.
في حديثه لوكالة فرانس برس، قال هادي البالغ من العمر 46 عاماً “تنقلنا حوالي خمس مرات بين المخيمات”، “عندما وصلنا إلى هنا كان المكان خاوياً” موضحاً أنه كان يفتقر إلى أي معالم الحياة، التي يحاولون هم أن يضيفوها إليه عن طريق شراء مولد كهربائي.
في البداية، غادر السيد هادي وعائلته المكونة من سبعة أطفال منزلهم الواقع غربي المحافظة، بعد أن أصبح في عام 2015 قريبًا جدًا من خط المواجهة.
قال باستسلام ويأس: “في كل مرة.. نترك متعلقاتنا وراءنا لأننا لا نستطيع نقل كل شيء”.
خلفت الحرب بين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، عشرات الآلاف من القتلى، معظمهم من المدنيين، بالإضافة إلى ملايين النازحين.
بحسب تقارير الأمم المتحدة، يحتاج نحو 24 مليون يمني، أي أكثر من ثلاثة أرباع السكان، إلى مساعدات إنسانية، بعد أن خلقت الحرب أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
– ” حرب استنزاف ” –
في بداية الصراع، شهدت مأرب والمناطق التابعة لها تدفقاً كبيراً من قبل اليمنيين الدين حاولوا الفرار من الحوثيين، لذلك بقيت المدينة تحت حماية التحالف الدولي لفترة، قبل أن تتعرض لضغط عسكري مكثف من قبل الحوثيين الذين يرغبون في السيطرة على المنطقة.
وفقًا لمسؤولين عسكريين حكوميين، يحاول المتمردون التقدم نحو المدينة، ويرسلون تعزيزات إلى الجبهة كل يوم.
في حواره للصحيفة قال ماجد المدحجي من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية “المناوشات اليومية في أوجها منذ بداية الصراع ومؤخراً نشهد حرب استنزاف حقيقية”، مضيفاً “وكما هو الحال في أي مكان آخر في اليمن، فإن المدنيين هم من يدفعون الثمن الباهظ للصراع”.
– مخيمات مكتظة –
“الحرب الدائرة في ضواحي مأرب تسببت في تدفق آلاف العائلات إلى المحافظة وإنشاء العديد من مخيمات النازحين”، حسب سيف المثنى، مدير الجهاز الحكومي لإدارة محافظة مأرب.
وبحسب تلك المؤسسة، انضمت 4847 عائلة إلى مجموعة النازحين في المحافظة بين 20 أغسطس/آب و15 سبتمبر/أيلول الجاري.
المنطقة تحتوي الآن على 140 معسكرًا للنازحين داخليًا بما في ذلك مخيم الجوفينة، وهو الأكبر في اليمن، ويبلغ عدد سكانه 40.000 شخص.
وبحسب أوليفيا هيدون، المتحدثة باسم منظمة الهجرة الدولية في اليمن، فإن عدد النازحين بلغ حوالي 70 ألفًا منذ بدء القتال في يناير / كانون الثاني، ومنذ أغسطس/آب “شرد القتال في مأرب حوالي 8000 شخصاً”
وأضافت السيدة هيدون أن حوالي 80٪ من النازحين اختاروا مدينة مأرب، رغم صغر المساحة المتوفرة- واستقروا في مخيمات مكتظة بالسكان بالفعل، مما يزيد من خطر الإصابة بفيروس كورونا الجديد، ومع ذلك، يرفض اللاجئين النزوح مرة أخرى بسبب الصعاب التي يلاقونها في التأقلم مع مجتمعات جديدة
بالنسبة للسيد هادي، كما هو الحال بالنسبة لأبنائه السبعة وزوجته، فإن إجبارهم على الانتقال مرة أخرى سيكون “كارثة حقيقية”، حيث قال إن الانتقال مرة “سادسة” “سيكون مدمر لعائلتي”.
ترجمة العدسة عن صحيفة لامينيت الفرنسية.. للاطلاع على المقال الأصلي اضغط هنا
اضف تعليقا