توالت الاعتذارات بشكل غير مسبوق من قبل دول عربية عن رئاسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، تضامناً مع موقف فلسطين التي تخلت عن حقها في رئاسة القمة، ورفضاً لموقف الجامعة المؤيد لاتفاقات العار التطبيعية التي وقعتها كلا من الإمارات والبحرين منتصف الشهر الماضي في العاصمة الأمريكية واشنطن.

رفض فلسطيني

وبدأت سلسلة الرفض العربي لرئاسة الدورة الحالية لمجلس الجامعة، بإعلان فلسطين تنازلها عن حقها في رئاسة  مجلس الجامعة، اعتراضاً على تأييد الجامعة وأمينها العام لاتفاقات العار التطبيعية، حيث أعلن وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي ، أن فلسطين قررت التخلي عن حقها في ترؤس مجلس جامعة الدول العربية بدورته الحالية، وذلك ردا على التطبيع الإماراتي والبحريني مع الاحتلال الإسرائيلي، وموقف الجامعة من هذا التطبيع. 

وقال المالكي خلال مؤتمر صحفي، إنه “لا يشرفنا رؤية الدول العربية تهرول للتطبيع مع الاحتلال، خلال رئاستنا لمجلس الجامعة”، مضيفا أن “هذا القرار جاء بعد اتخاذ الأمانة العامة للجامعة، موقفا داعما للإمارات والبحرين، اللتين طبعتا علاقاتهما مع الاحتلال، في مخالفة للمبادرة العربية للسلام”.

وأشار المالكي إلى أن “دولة فلسطين عضو في الجامعة العربية، وعملت من أجل تعزيز دورها ومكانتها، وأنها لن تتنازل عن مقعدها بالجامعة، لأن ذلك سيخلق فراغا يمكن أن يولد سيناريوهات مختلفة، نحن في غنى عنها في هذه المرحلة الحساسة”.

وتابع: “بعض الدول العربية المتنفذة، رفضت إدانة الخروج عن مبادرة السلام العربية، وبالتالي لن تأخذ الجامعة قرارا في الوقت المنظور، لصالح إدانة الخروج عن قراراتها”.

من جانبه دعا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “صائب عريقات”، أمين عام جامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط”، إلى الاستقالة من منصبه فورا، معتبرا أنه “غير مؤتمن على الجامعة العربية”.

وعن مضمون لقائه بسفراء مصر والمغرب والأردن وتونس، قال “عريقات” لتلفزيون فلسطين (رسمي): “تحدثت مع السفراء فيما يتعلق بما ما قامت به الإمارات والبحرين من كسر وخرق لميثاق الجامعة العربية، وكسر وخرق لقرارات القمم العربية، وكسر وخرق لمبادرة السلام العربية، والتي توّجها الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط”.

وأضاف عريقات “أعتقد أنه (أبو الغيط) لم يعد مؤتمنا ولا قادرا على أن يكون أمينا عاما للجامعة العربية، ويجب عليه أن يقدم استقالته بشكل فوري”.

وتابع “عريقات”: “عندما يقول أبو الغيط ويبرر للإمارات أنها أوقفت مخطط الضم، بالتالي فهو يشرعن توقيع الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، الذي نص بالحرف الواحد أن أساس السلام يكون وفق رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.

وأضاف “عريقات”: أن ” أبو الغيط قبِل كأمين عام للجامعة العربية بتصفية القضية الوطنية الفلسطينية، واعتبار القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، تحت السيادة الإسرائيلية”.

وتساءل مستنكرا: “هل يعقل أن يصل مستوى الأمين العام للجامعة العربية لأن يصبح هو المسوّق للتطبيع المجاني بين إسرائيل والدول العربية (؟!)”. واعتبر أن “أبو الغيط” فتح الطريق بتصريحاته أمام أي دولة عربية تريد التطبيع المجاني مع إسرائيل.

توالي الاعتذارات

وبعد الرفض الفلسطيني، تتابعت الاعتذارات المقدمة من قبل دول عربية عدة عن رئاسة مجلس جامعة الدول العربية في دورته الحالية، حيث اعتذرت كلاً من قطر ولبنان والكويت وجزر القمر وليبيا عن رئاسة الدورة الحالية للجامعة، بديلا عن دولة فلسطين، التي تخلت عن رئاسة الدورة العادية الـ154 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، أن مندوب ليبيا بالجامعة العربية صالح الشماخي أبلغ الأمانة العامة للجامعة رسميا باعتذار ليبيا عن رئاسة الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية بعد اعتذار فلسطين وعدد من الدول. 

وقال القبلاوي، إن ليبيا تتطلع لرئاسة مجلس الجامعة في ظروف أفضل وتتمسك بحقها في الرئاسة وفقا للنظام الداخلي وحسب الترتيب المعمول به.

وجاء اختيار ليبيا لرئاسة الدورة الحالية (154) للجامعة العربية، وفق الترتيب الهجائي لأسماء الدول، واستنادا إلى نص المادة السادسة من النظام الداخلي لمجلس الجامعة.

وتنص المادة السادسة، على أنه “إذا تعذر على رئيس المجلس على المستوى الوزاري مباشرة أعمال الرئاسة، أسندت الرئاسة الوقتية لمندوب الدولة التي لها رئاسة الدورة التالية”.

من جهتها، رفضت دولة قطر تسلم رئاسة جامعة الدول العربية، بديلا عن دولة فلسطين، التي تخلت عن رئاسة الدورة العادية الـ154 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.

وقالت قطر، في بيان صحفي: “نعتذر عن استكمال الدورة المذكورة، التي تخلت عنها دولة فلسطين، مع التمسك بحق دولة قطر في الرئاسة المقبلة للدورة الـ 155 آذار/ مارس 2021”.

وفي سياق متصل، اعتذرت دولة الكويت عن عن استلام رئاسة الدورة 154 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، حيث تؤكد الكويت دائما علي موقفها الرافض للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأكد أمير الكويت الجديد، نواف الأحمد الصباح، ثبات موقف بلده تجاه القضية الفلسطينية. 

وذكر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الذي حضر لتقديم واجب العزاء بوفاة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، نيابة عن رئيس السلطة محمود عباس، أن الأمير الجديد نواف الأحمد أكد موقف الكويت الثابت والداعم للقضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية.

استنكار شعبي

في سياق متصل، تنوعت أشكال الغضب الشعبي اعتراضاً على موقف الجامعة العربية المؤيد للتطبيع، حيث احتج فلسطينيون، على قرار الجامعة العربية، الذي أحبط مشروع قرار فلسطيني يدين اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي.

وشيّع فلسطينيون في بلدة “كفر قدوم” شرقي قلقيلية (شمال)، تابوتا، يحمل شعار الجامعة العربية، بعدما أدوا صلاة الجنازة على الجامعة، في إشارة إلى “موت الجامعة العربية”.

جاء ذلك خلال مسيرة أسبوعية منددة بالاستيطان الإسرائيلي تنظم في البلدة، قبل أن تفرقها فرق جيش الاحتلال الإسرائيلي، مستخدمة الرصاص المطاطي، وقنابل الغاز المسيل للدموع.

وقال منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان في كفر قدوم “مراد اشتيوي”، إن “أربعة فلسطينيين بينهم مصور صحافي أصيبوا بالرصاص المطاطي”.

وتنظم يوم الجمعة من كل أسبوع، مسيرات مناهضة للاستيطان في عدد من القرى والبلدات الفلسطينية، أبرزها بلدة “كفر قدوم”.

وفي ذات السياق، أطلق مدونون حملة افتراضية ساخرة من أداء جامعة الدول العربية، عقب أقل من 48 ساعة على إسقاط مشروع قرار فلسطيني يدين تطبيع الإمارات مع (إسرائيل).

وعلى سبيل الاحتجاج الساخر، دشن مدونون على منصة “فيسبوك”، حملة لجمع مليون توقيع، للمطالبة بتحويل مقر جامعة الدول العربية إلى “قاعة أفراح”، لتحقيق ما اعتبروه “استفادة كاملة من كيان عديم المنفعة”.

ودون مُدشن الحملة الافتراضية الفلسطيني “محمد أعمص”، تعريفا لها قائلا: “جاء الوقت للاستفادة الكاملة من مبنى ما يسمى (جامعة الدول العربية) بالقاهرة لمصلحة الجمهور والعامة، لأن حالياً ما بيشغلش (لا يشغل) شؤونها أي حد”.

وتابع: “قررت إنشاء حملة شعبية إلكترونية لتحويله (مقر الجامعة العربية) إلى قاعة أفراح. نفرح رأسين (زوجان) بالحلال أحسن ما نفرح الشماتين فينا”.

وأوضح “أعمص”، المقيم في القدس المحتلة، قائلا: “هذه الحملة لا تحمل أي مبادئ أيدولوجية أو أفكار حزبية.. فقط تنتقد أداء جامعة الدول العربية”.

ولاقت الحملة الافتراضية، تفاعل أكثر من 90 ألف شخص من مختلف الدول العربية، فيما تلقفتها منصة “تويتر” بآلاف التغريدات الساخرة من ما سموه بـ”المواقف المتخاذلة” للجامعة العربية حيال القضية الفلسطينية.