في إطار التحضيرات لقمة مجموعة العشرين المقرر أن تستضيفها الرياض -افتراضياً الشهر المقبل، قامت اللجنة المشرفة على تنظيم المؤتمر بافتتاح “قمة مصغرة” أو مؤتمر تحضيري يتعلق بحقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، وجهود وإصلاحات محمد بن سلمان في هذا المجال.
“قمة المرأة”، لاقت انتقادات لاذعة في الأوساط الحقوقية، حتى أن شقيقة الناشطة المعتقلة لجين الهذلول اتهمت حضور هذه القمة بالمساهمة في إعطاء شرعية للانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام السعودي ضد النشطاء والحقوقيين، وعلى رأسهم شقيقتها لجين، التي يصف المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية اعتقالها بأنها تعسفي وخارج عن القانون.
ووصفت لينا الهذلول شقيقة لجين القمة بأنها محاولة مزعجة من النظام لتبييض سجل البلاد السيئ في مجال حقوق المرأة.
وأضافت لينا في حوارها مع الغارديان، أنه “من المفارقات أن منسقة قمة W20 التي افتتحت يوم الأربعاء دعت المشاركين إلى “تخيل عالم تصبح فيه مساواة المرأة مع الرجال حقيقة واقعة”، ومع ذلك فإن لجين الهذلول حُرمت ونشطاء آخرون من حريتهم لأنهم ناضلوا من أجل هذا الحلم داخل المملكة العربية السعودية”.
منذ البدء في الترتيب لمؤتمر لقمة مجموعة العشرين، بما فيها القمم التحضيرية، ودعوات المقاطعة تنهال على المشاركين، حيث يحثهم النشطاء والهيئات الدولية المختلفة بالانسحاب من القمة وعدم حضورها كنوع من الاعتراض على ممارسات النظام السعودي الوحشية فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان.
الشهر الماضي على سبيل المثال، قاطع رؤساء بلديات المدن الكبرى، بما في ذلك لندن ونيويورك ولوس أنجلوس وباريس، قمة أوربان 20، إحدى القمم التحضيرية للمؤتمر، احتجاجًا على وضع السجناء السياسيين في المملكة العربية السعودية.
لطالما قدم محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للبلاد، نفسه على أنه مُحدث إصلاحي، حيث قام بعدد من الإصلاحات في المجالات المختلفة بما فيها مجال المرأة نفسه، ومع ذلك، يقول النقاد إن الإصلاحات تمثل تغييرات سطحية في الحياة في بلد لا زالت تتمتع بالملكية المطلقة، أو بمعنى آخر بالنظام الملكي الاستبدادي.
سعت السلطات السعودية في السنوات الأخيرة إلى إسكات المعارضين في الداخل والخارج، حيث تتم ملاحقة المعارضين في المنفى والتنكيل بهم بصورة قد تصل إلى القتل، كما حدث مع الصحفي المعارض المنفي جمال خاشقجي، الذي قُتل بطريقة وحشية على يد مسؤولين حكوميين أثناء تواجده داخل القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018.
لجين الهذلول على سبيل المثال، تعرضت للاعتقال أكثر من مرة في السنوات السابقة بسبب حملاتها، التي اتصفت بالسلمية التامة، ضد وضع المرأة في المملكة، قبل أن يتم اعتقالها في الحملة الأوسع التي قادها بن سلمان ضد نشطاء حقوق المرأة في مايو/ أيار 2018، لتظل رهن الاعتقال حتى الآن.
قالت لينا الهذلول: “الشيء الوحيد الذي تغير [في السنوات الأخيرة] هو صورة المملكة العربية السعودية في الغرب.. إذ أصبحت بلد لا يوجد مكان للإصلاح فيها على الإطلاق… كل الإصلاحيين خلف القضبان وأختي واحدة منهم… ما تريده المملكة العربية السعودية هو تبييض سجلها والتغطية على جرائمها”.
من ناحية أخرى، تعرضت القمة وشعارها – “إن لم يكن الآن، فمتى” – لهجوم شديد من قبل المجموعات الحقوقية المختلفة، التي وصفت ذلك بأنه تمرين في النفاق من قبل نشطاء حقوق الإنسان الآخرين.
جرانت ليبرتي، وهي مجموعة جديدة لحقوق الإنسان متخصصة في الحريات المدنية في المملكة العربية السعودية، وصفت W20 بأنها “سخيفة ومسيئة”، وحذرت من أنها تخاطر بتحويل مجموعة العشرين إلى “أداة علاقات عامة لنظام محمد بن سلمان الوحشي”، ودعت إلى مقاطعة القمة.
كما دعت هيومن رايتس ووتش النساء اللاتي حضرن قمة W20 للتحدث نيابة عن الناشطات المسجونات، وإثارة قضيتهم، قائلة إنه بينما تظل الناشطات في السجن، فإن “الحديث عن الإصلاح شيء لا طائل منه”.
وأضافت المنظمة في بيان لها “إن استخدام الحكومة السعودية لحقوق المرأة لصرف الانتباه عن الانتهاكات الجسيمة الأخرى أمر موثق جيدًا، كما أن التغييرات الأخيرة، بما في ذلك الحق في القيادة والسفر دون إذن ولي الأمر، قد تكون مهمة، لكنها لا تخفي حقيقة أن بعض النساء اللائي دافعن عن هذه التغييرات ما زلن يقبعن وراء القضبان”.
اتُهمت لجين الهذلول بزعزعة الأمن القومي والعمل مع جهات أجنبية ضد الدولة، لكن بعد مرور عامين ونصف على احتجازها ما زالت تنتظر المحاكمة في ظروف احتجاز غير آدمية على الإطلاق.
تقول عائلتها إنها تعرضت للتعذيب في السجن، وتعرضت للصعق بالكهرباء والجلد، وفترات مطولة في الحبس الانفرادي والتحرش الجنسي.
في وقت سابق من هذا العام، أضربت عن الطعام اعتراضاً على حرمانها من الزيارات العائلية والمكالمات الهاتفية، ولم يُسمح لوالديها بزيارتها إلى في أغسطس/آب -بعد حرمان دام لأشهر.
عن هذه الزيارة قالت لينا “قوتها ومرونتها أمر لا يصدق حتى الآن، بعد عامين ونصف لم تتنازل عن أي شيء، تريد عدالة حقيقية… لا يزال لديها القوة لإخبار والديّ بكل شيء، على الرغم من أنها تعرف أنها قد تواجه رد فعل عنيف من السلطات بسبب ذلك “.
وأضافت لينا “منذ زيارة أغسطس/آب، لم تتمكن العائلة من الاتصال بلجين”.
وتابعت “لست متأكدة من مدى اطلاعها على أخبار العالم، لذلك لا يمكنني التعليق على رأيها في القمة”، مضيفة أن انقطاع أخبارها لفترة أمر مقلق للغاية بالنسبة للعائلة، “دائمًا ما يكون الأمر مرهقًا للغاية بالنسبة لنا عندما لا تتصل، لأن تجربتنا الوحيدة [بقطع الاتصالات] هي عندما تتعرض للتعذيب أو عندما تضرب عن الطعام”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا