يعيش المسلمون في فرنسا أوضاعاً صعبة، إثر حملات التحريض وخطابات الكراهية التي يقودها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والتي بدأت تظهر آثارها تباعاً بإغلاق العديد من المساجد والمراكز الإسلامية، بالإضافة لاعتقال النشطاء المسلمين والتضييق عليهم، وصولاً لمحاكمتهم بتهم التطرف والإرهاب.
اتهام كاذب
ورغم اتهام المسلمين به ابتداءً، أعلنت الحكومة الفرنسية أنه لن يتم التحقيق بالحادث الذي شهدته الخميس مدينة أفينيون الجنوبية على أنه هجوم إرهابي، بخلاف نظرتها لحادث الطعن بمدينة نيس (جنوب شرق) الذي وقع قبله بساعات.
وذكر المدعي العام الفرنسي، فيليب غيماس، أن المشتبه به، الذي قُتل برصاص الشرطة؛ لأنه لم يلق سلاحه، كان يرتدي سترة مكتوب عليها الدفاع عن أوروبا تنتمي إلى حركة الهوية اليمينية المتطرفة.
وذكر بيان المدعي العام أن المهاجم الذي ينحدر من أصول شمال أفريقية، كان يعاني من مشكلة نفسية وبالتالي لن يتم التحقيق في الحادث باعتباره هجومًا إرهابيًا.
وفي اللحظات الأولى من الحادث، كتبت وسائل الإعلام السائدة في البلاد أن المهاجم هدد المارة بسكين كبير قائلاً الله أكبر، لكن المدعي العام قال: كان المهاجم فرنسيًا أبيض في الثلاثينيات من عمره يرتدي سترة حركة الهوية اليمينية المتطرفة وبالتأكيد لم يصرخ الله أكبر.
وبينما لم يقدم المدّعي العام أي معلومات بشأن هوية المهاجم بعد تلك التصريحات، لم يدل الرئيس، إيمانويل ماكرون بأي تصريحات حول هذا الهجوم.
ويرى مراقبون أن تعامل السلطات الفرنسية مع الحوادث المختلفة علي أرضها يتسم بازدواجية في المعايير، فبينما تستنفر السلطات الأمنية إمكاناتها لشن حملات على المسلمين تحت دعوى الإرهاب، تغض الطرف عن حوادث العنف والعنصرية التي تمارس بحق المسلمين المسالمين والتي زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة.
وفي ظل الحملة التي تشنها السلطات الفرنسية على أفراد وجمعيات إسلامية بدعوى مكافحة “التطرف” عقب حادثة مقتل مدرس، جرى رصد اعتداءات وتهديدات بحق مسلمين ومساجد في الآونة الأخيرة، حيث تم طعن فرنسيتين مسلمتين من أصل جزائري عند برج إيفل على يد امرأتين فرنسيتين.
ووفقا لتفاصيل نشرتها الصحافة الفرنسية، فقد وقع الاعتداء على المسلمتين كنزة (49 عاما) وابنة عمومتها أمل -التي تصغرها بسنوات قليلة- أمام أطفالهما حين كانوا يتجولون عند برج إيفل.
وبدأ الأمر بمشادة تخللتها شتائم عنصرية من قبل المشتبه فيهما حين أطلقتا كلابهما بدون قيد باتجاه تلك العائلة، ثم ما لبثتا أن بدأتا بطعنهما مرارا وهما تصرخان “ارجعي إلى بلدك”، و”أيتها العربية القذرة”، ونقلت كنزة -التي طعنت 6 مرات- إلى المستشفى، وتبين أنها أصيبت بثقب في الرئة، فيما أجريت عملية جراحية لعلاج يدي أمل.
تضييق متصاعد
ويوما بعد الآخر، تستمر حملات التضييق على المسلمين من قبل السلطات الفرنسية، حيث قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن مضايقة الإسلام الراديكالي أولوية وطنية بالنسبة لفرنسا، وإنه يرى أن الرئيس إيمانويل ماكرون على صواب في تصريحاته المتعلقة بالإسلام.
وأوضح الوزير خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة ليبراسيون الفرنسية أنه سيقترح حل منظمة “البركة سيتي” الإسلامية غير الحكومية خلال اجتماع مجلس الوزراء بعد الإعذار احتراما لقوانين الجمهورية، وبعدها سيأتي إعذار “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا”، الذي اتهمه بالعمل ضد فرنسا، وقال إنه لم يدن الهجمات ويعتقد أن هناك إسلاموفوبيا تمارسها الدولة، رغم أنه يتلقى دعما من فرنسا.
وقال دارمانان إنه يعتقد أن الوقت قد حان للتوقف عن التعامل بسذاجة مع الهيئات الإسلامية على التراب الفرنسي، وذكرت إذاعة “فرانس بلو” -على موقعها الإلكتروني أن مسؤولي مسجد الرحمة في بيزييه رفعوا شكوى للشرطة بعد تلقيهم رسائل كراهية على فيسبوك، منها دعوة لحرق المسجد.
وعرضت محطة الإذاعة رسالة على فيسبوك -حُذفت بعد ذلك- تدعو إلى تكريم المدرس الفرنسي الذي قتل يوم الجمعة بحرق مسجد بيزييه.
وفي سياق متصل، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن إدريس يمو رئيس جمعية “بركة سيتي” الإسلامية ومؤسسها أوقف قيد التحقيق للاشتباه بقيامه بـ”إزعاج” صحفية سابقة في مجلة شارلي إيبدو الساخرة عبر الإنترنت.
وكان “إدريس” أوقف الأسبوع الماضي في إطار تحقيق آخر في مضايقات عبر الإنترنت بعد شكوى تقدمت بها في 18 سبتمبر/أيلول الماضي صحفية أخرى تعمل في إذاعة مونتي كارلو هي زهرة بيتان.
وفي هذه القضية الأولى أُفرج عنه، ووضع تحت مراقبة قضائية في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وسيمثل أمام محكمة إيفري الجنائية في منطقة باريس في الرابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وجاء استدعاء سي حمدي الأربعاء في اليوم الذي بدأت فيه الحكومة الفرنسية إجراءات لحل جمعيته.
وقال محاميه صميم بولاكي لوكالة الصحافة الفرنسية إن “ظروف هذا الإجراء وتوقيته الدقيق والمهلة المحددة بـ5 أيام للرد على الملاحظات حول حل بركة سيتي ليست صدفة”.
وأضاف أن الأمر “سياسي بالتأكيد، وهذا ما ندينه”.
استمرار الغضب
وفي سياق متصل، تتصاعد حالة الغضب في البلدان الإسلامية، رداً على تصريحات ماكرون التي أساء فيها لمقام النبي، وتعهد بالاستمرار في نشر الرسوم المسيئة لذاته الشريفة، حيث توسعت حملات المقاطعة للمنتجات الفرنسية، بالإضافة للتظاهرات والاحتجاجات اليومية في العديد من العواصم والبلدان الإسلامية.
وانطلقت مظاهرات حاشدة، في عدد من البلدان العربية والإسلامية اليوم عقب صلاة الجمعة تنديدا بالرسوم المسيئة للنبي محمد، حيث نظم المصلون في الجامع الأزهر بمصر، مظاهرة عقب صلاة الجمعة اليوم نصرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد تجمع المصلون في ساحة المسجد عقب الصلاة مرددين هتافات تنديدًا بالرسوم المسيئة، مثل:
“صلى الله على محمد.. صلى الله عليه وسلم.. إلا رسول الله. لا إله إلا الله، نحن فداك يا رسول الله. لا إله إلا الله محمد رسول الله وماكرون عدو الله”.
و”إلا رسول الله، أغلى حب لينا. إلا رسول الله، أغلى ما عندينا. هي خالصة لوجه الله. بالروح بالدم نفديك يا رسول الله”، وظل المتظاهرون يرددون الهتافات حتى بعد خروجهم من المسجد.
وفي القدس المحتلة، ومن أمام المسجد الأقصى، عبر متظاهرون عن غضبهم بهتافات قوية من تصريحات إيمانويل ماكرون وتمسكه بنشر الرسوم بدعوى حرية التعبير.
كما انطلقت مظاهرات في عدد من المدن السورية منها مدينة بنش شرق إدلب، ومدينة إعزاز بريف إدلب”، ومن مدينة سرمدا السورية انطلقت مظاهرة نصرة لرسول الله تحت عنوان ” الرسول محمد بن عبدالله سيدنا وقدوتنا”
وفي اليمن انطلقت مظاهرات من مدينة تعز نصرة للرسول صلى الله عليهم وتنديدا بموقف فرنسا، ورفضا للإساءة للنبي محمد بأي شكل من الأشكال.
وفي العاصمة البنغالية دكا انطلقت مسيرات حاشدة تنديدا بالرسوم المسيئة للنبي محمد.
وأطلقت قوات الأمن اللبنانية قنابل الغاز لتفريق محتجين أمام مقر السفير الفرنسي خلال فعالية منددة بالرسوم المسيئة للرسول الكريم.
اضف تعليقا