al-monitor

مع اقتراب بايدن من تولي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بصورة رسمية، تجد الرئاسة الفلسطينية نفسها في مأزق، حيث يرغب المسؤولون الفلسطينيون بنشر بيان تهنئة صاخب لبايدن، لكنهم يخشون انتقام ترامب خلال الفترة المتبقية له في الرئاسة، أو ما تعرف بفترة “البطة العرجاء” قبل التنصيب الرسمي.

لا يتوقع المسؤولون الفلسطينيون أن تتراجع إدارة بايدن عن جميع سياسات ترامب، مع ذلك فإنهم يأملون في تغيير مسار العلاقات الأمريكية الفلسطينية، كما يتوق المسؤولون الفلسطينيون إلى استئناف المحادثات مع واشنطن، والتي تم تعليقها في ظل إدارة ترامب بعد أن أدرك الرئيس محمود عباس أن جميع المحادثات الأولية مع ترامب وفريقه كانت مجرد غطاء لتنفيذ “صفقة القرن”، وهي خطة منحازة تماماً للمصلحة الإسرائيلية، بدأت بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ووقف تمويل مستشفيات القدس ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وأخيراً، الإعلان عن خريطة مقترحة لصفقة فلسطينية إسرائيلية تستولي فيها إسرائيل على 30٪ من وادي الأردن الخصب بالضفة الغربية مقابل مناطق في الضفة الغربية (صحراء النقب).

التصريح الذي أدلت به نائبة بايدن، السناتور كامالا هاريس، عشية الانتخابات، لقي استحساناً كبيراً في رام الله، حيث قالت “هاريس”، المرشحة لمنصب نائب الرئيس: “أنا وجو ]بايدن[ نؤمن بقيمة كل فلسطيني وكل إسرائيلي وسنعمل على ضمان تمتع الفلسطينيين والإسرائيليين بإجراءات وممارسات متساوية من الحرية والأمن والازدهار والديمقراطية”.

وأضافت هاريس: “نحن ملتزمون بـ حل الدولتين، وسنعارض أي خطوات أحادية الجانب تقوض هذا الهدف، كما سنعارض عمليات الضم والتوسع الاستيطاني”.

وتعهدت هاريس بالتراجع عن قرار ترامب بوقف تمويل المنظمات التي تقدم الإغاثة والمساعدات الضرورية للفلسطينيين، وأن الإدارة الجديدة ستتخذ خطوات فورية لاستعادة المساعدات الاقتصادية والإنسانية للشعب الفلسطيني، ومعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، والعمل على إعادة فتح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

ومع ذلك، من غير المرجح أن يتراجع بايدن عن جميع قرارات إدارة ترامب، حيث قال بايدن إنه لن يتراجع عن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

في الوقت الحالي، سيتحمل طاقم السفارة في مكاتب تل أبيب على الأرجح معظم أعمال البعثة الأمريكية في إسرائيل، حيث سيتم فصل الشؤون الفلسطينية عن السفارة ومن المرجح أن يتم افتتاح مكتب دبلوماسي في القدس الشرقية، كما كان الحال في القدس منذ عقود.

يرغب الفلسطينيون في العودة إلى حيث توقفت الأمور عام 2014 خلال إدارة باراك أوباما، وكذلك تفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2334 المناهض للاستيطان، والذي امتنعت إدارة أوباما عن التصويت عليه خلال الأيام الأخيرة في فترة الرئاسة في ديسمبر/كانون الأول 2016.

بينما يركز الموقف الفلسطيني بشكل عام على السياسة الخارجية للولايات المتحدة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي الشامل، فإن إحدى أكبر القضايا التي تهم الفلسطينيين تتعلق أيضاً بالعلاقة بين إسرائيل كقوة احتلال وبين فلسطين كدولة محتلة، خاصة مع الزيادة الملحوظة في عمليات هدم المنازل الأخيرة في كل من القدس ومنطقة وادي الأردن.

على المستوى المالي والاقتصادي، هناك أيضًا تركيز على انتهاك إسرائيل لاتفاقات باريس الاقتصادية، حيث قررت إسرائيل اقتطاع أموال من عائدات الضرائب والجمارك التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين بالإضافة إلى الرسوم الإدارية البالغة 3٪ المدرجة في اتفاقية باريس.

من الجدير بالذكر أن صحفية إسرائيلية نشرت تقاريراً أن المسؤولين الفلسطينيين على استعداد للموافقة على تلقي الأموال المقتطعة وحتى العودة إلى التنسيق الأمني ​​الفلسطيني الإسرائيلي إذا تم إرجاع جميع الضرائب، إلا أن المسؤولين الفلسطينيين الذين اتصل بهم “المونيتور” رفضوا التعليق على الإطلاق على هذه المسألة، قائلين إنهم يركزون على العودة إلى التعامل الطبيعي مع واشنطن على أساس الطرائق الدولية المتفق عليها ولن يسمحوا بوجود قضية جانبية مثل عائدات الضرائب أن تؤثر على المناقشات المتوقعة مع إدارة بايدن.

على صعيد آخر، من غير المحتمل أن يتمكن الفلسطينيون من إلغاء صفقات التطبيع بين إسرائيل وبين الإمارات والبحرين، وهي صفقات تتناقض مع مبادرة السلام العربية، التي تبنيها من قبل جميع الدول الـ 22 الأعضاء في جامعة الدول العربية في بيروت عام 2002، لتقديم صيغة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

بصورة غير معلنة، تدرك السلطات الفلسطينية أنه من الصعب وقف قرارات التطبيع هذه، لكن قد يكون من الممكن الحد من تأثيرها. على سبيل المثال، يجادل بعض النشطاء الفلسطينيين بأن دولًا مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين يجب ألا توافق على انتهاك القانون الدولي من خلال التعامل مع الشركات الإسرائيلية التي تعمل مع مستوطنين يهود غير شرعيين بما يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2334، كبنك هبوعليم مثلاً، والذي تم إدراجه على قائمة الأمم المتحدة للشركات العاملة في المستوطنات، وقد تم توقيع مذكرة تفاهم بينه وبين بنك الإمارات الوطني في 15 سبتمبر/أيلول.

تأمل الرئاسة الفلسطينية في أن يسمح التغيير المتوقع في مسار السلطة التنفيذية الأمريكية بالعودة إلى علاقات فلسطينية أمريكية طبيعية، وبالتالي يمكن أن نرى استجابة إيجابية لدعوة عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي في أوائل عام 2021.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا