مع بدء العد التنازلي لرحيل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وتسليم مفاتيح البيت الأبيض للديمقراطي الفائز جو بايدن، في 20 يناير المقبل، أعادت الإدارة الأمريكية فتح ملف الأزمة الخليجية، وطالبت بحلها في غضون 70 يوما.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي “روبرت أوبراين”، الاثنين الماضي، إن إدارة ترامب تريد أن ترى حلا للأزمة الخليجية، خلال الأيام السبعين المقبلة، إذا كانت ستغادر البيت الأبيض.
وأعرب “أوبراين”، في كلمة له خلال فعاليات “منتدى الأمن العالمي لعام 2020″، المنعقدة عبر تقنية الاتصال المرئي، عن رغبة واشنطن في أن يتمكن الطيران القطري من التحليق فوق أجواء السعودية والبحرين.
وشدد المستشار الأمريكي على أن وحدة الخليج تصب في مصلحة الجميع، لافتا إلى أن مصلحة واشنطن تقتضي وجود علاقات ودية بين دول مجلس التعاون الخليجي. ولم يتطرق المسؤول الأمريكي في حديثه، إلى الإمارات ومصر المشاركتين في حصار دولة قطر إلى جانب السعودية والبحرين، منذ يونيو 2017.
وتأتي تصريحات “أوبراين”، في وقت يقوم فيه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بجولة تشمل سبع دول، من بينها الإمارات وقطر والسعودية وإسرائيل، فيما يبدو أنها محاولة أخيرة لحل الأزمة الخليجية في عهد ترامب.
تعنت إماراتي:
الرغبة الأمريكية بالحل، يقابلها تعنت الإمارات التي تصر على استمرار الأزمة التي دخلت عامها الرابع. وأكد سفير أبوظبي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، إنه “لا يعتقد أن الأزمة بين قطر ودول خليجية قريبة من الحل” ما لم تراجع قطر مواقفها” وتعالج ما وصفه بـ”الأسباب الجذرية للأزمة”.
وجاءت تصريحات العتيبة، خلال مشاركته في لقاء لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، وأداره المدير التنفيذي للمعهد الجنرال “عاموس يادلين”، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق.
وزعم العتيبة أن “المنطقة منقسمة إلى معسكرين: أحدهما يروج للعقيدة والدين والراديكالية ويزج بالدين في كل نقاش -على حد زعمه- وهذا تمثله تركيا وإيران وقطر”.
وأضاف: “عندما تقطع 4 دول مهمة علاقاتها مع دولة بحجم قطر، وتذكر الأسباب والمطالب وما يزعجنا، وعلى القطريين أن يسألوا أنفسهم: لماذا حصل ذلك، وما تسبب به، ولماذا كل هذه الدول منزعجة منا؟”
وادّعى السفير الإماراتي أن “عملية المراجعة لم تحصل”. كما اتهم الدوحة بمواصلة “لعب دور الضحية والادعاء بأنها تتعرض للتنمر، ولكنها لم تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة، وبانتظار تحقيق ذلك لا أعتقد أن الأزمة في طريقها للحل”.
وبالمقابل، قال سفير أبوظبي إن هناك مجموعة أخرى من الدول كالإمارات والبحرين والأردن ومصر والسعودية، “وجميعها تركز على مقاربة مدنية وبراغماتية، وتفكر في مستقبلها وليس ماضيها، وهذا هو الخط الفاصل اليوم في منطقة الشرق الأوسط”.
ورغم الموقف الإماراتي المتصلّب، إلا أن نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية والخبير في الأمن الإقليمي للشرق الأوسط، إيلان بيرمان، رأى في تصريح صحفي، أنه على الرغم من عدم اليقين الذي يحيط بنتائج الانتخابات في الولايات المتحدة، فإن الإدارة الأمريكية الحالية تحاول استخدام الأسابيع الأخيرة المتبقية تعزيز التقدم في الملفات التي اتخذت فيها خطوات سابقة.
مساعٍ كويتية:
وفي ذات السياق، أكدت الكويت، في 15 نوفمبر/تشرين ثاني الجاري، أن مساعيها لحل الأزمة الخليجية متواصلة بناء على توجيهات القيادة السياسية العليا، ممثلة بأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد.
وقال وزير الخارجية الكويتي بالإنابة، أحمد الناصر الصباح: ”المساعي الكويتية لحل الأزمة الخليجية متواصلة بناء على توجيهات القيادة السياسية”، مثمنا دعم الولايات المتحدة والدول الصديقة والحليفة للوساطة الكويتية “تكملة لمساعي الأمير الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح، لرأب الصدع الخليجي”.
وقال الصباح إن الكويت “ملتزمة بسياسة خارجية راسخة التزاما بثوابتها المبدئية التي أرسى دعائمها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد”. وأضاف: “سنواصل المساعي الخيرة لإنهاء الخلاف الذي نشب بين الأشقاء في الخليج، والذي أضعف وحدة الخليجيين، وأضر بمكتسباتهم”.
وفي اليوم التالي، 16 نوفمبر/تشرين ثاني، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن بلاده “منفتحة منذ البداية على أي حوار مع أشقائها لإنهاء الأزمة الخليجية، شريطة أن يكون مبنيا على الاحترام المشترك، ولا يتعدى على سيادة كل بلد”.
وأشاد آل ثاني في كلمة له خلال فعاليات “منتدى الأمن العالمي لعام 2020″، المنعقدة عبر تقنية الاتصال المرئي، بالجهود التي بذلها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، لحل الأزمة الخليجية والتي يواصلها الأمير الحالي الشيخ نواف الأحمد.
وأشار الوزير القطري إلى أن بلاده تسعى للحوار المثمر لحل الخلافات بالمنطقة، وإلى أنها لم تقم بأي أعمال عدائية ضد دول الحصار، لافتا إلى أن كل المزاعم والادعاءات التي تم توجيهها إلى بلاده، وكانت سببا في فرض الحصار، كانت “مغلوطة وزائفة”.
وأكد محمد بن عبدالرحمن أن دولة قطر ستؤدي أي دور يصب في إطار الدبلوماسية، منوها إلى إنها تجتهد لتفادي أي تصعيد في المنطقة.
تحوّل مرتقب:
ومع تسلم الرئيس الديمقراطي المنتخب، جو بايدن، مقاليد السلطة تبدو قضايا الشرق الأوسط ضمن أولويات عمل إدارته في الملفات الخارجية.
وبيّنت مجلة “ماريان” الفرنسية أن الازمة الخليجية أول القضايا التي يجب حلها، حيث تمتلك واشنطن مفاتيح حل الأزمة، إلى جانب العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني أو بدء مفاوضات جديدة مع طهران لنزع فتيل التوترات التي تهدد المنطقة.
ورجحت المجلة أن الرئيس الجديد للولايات المتحدة لن يكون مؤيدا لاستراتيجية “الاستقرار الاستبدادي” في المنطقة، وأنه لن يقف مع الاتجاه المعاكس لثورات المنطقة.
ولفتت “ماريان” إلى إنه وبالتزامن مع فوز “بايدن”، تبدو التوقعات ضخمة في هذه المرحلة، حيث يأمل كثيرون في أن يتمكن الرئيس الديمقراطي، محليا ودوليا، من تقويم السياسات الأمريكية وما هو واضح بالفعل أن واشنطن لا تريد إثقال منطقة الشرق الأوسط بالمزيد من الأزمات الجيوسياسية الإقليمية.
وفيما يتعلق بصعوبة مهمة بايدن بالشرق الأوسط، والخليج على وجه الخصوص، أوضحت المجلة الفرنسية، أن سيد البيت الأبيض الجديد، سيكون لديه خيارات قليلة تحت تصرفه لتقليل مشاركة واشنطن بشكل أساسي لأنه مرتبط بشكل واضح بالمصالح الجيوستراتيجية، والتي يمكن أن تسمح له بشكل خاص بالعمل لإيجاد اتفاقيات جديدة لتسوية الوضع مع إيران، لكنها لن تغير اعتماد واشنطن على دول الخليج العربي في المنطقة.
اضف تعليقا