ترجمة العدسة عن صحيفة Mediacités، للاطلاع على الجزء الأول من المقال اضغط هنا

ردود أفعال دولية

لا شك أن ترشح الجنرال الإماراتي أحمد ناصر الريسي لرئاسة منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) يحرج بعض سلطات الشرطة في أوروبا على الرغم من عدم تعبيرهم عن ذلك صراحة.

في رد مكتوب على Mediacités، تذكر Fedpol ، الشرطة القضائية السويسرية أن “الإنتربول يجمع قوات الشرطة من جميع أنحاء العالم… وهو أمر له إيجابياته وسلبياته” لأنه “يعني أيضًا أن [الوكالة] تضم سلطات لها مفاهيم مختلفة عن سيادة القانون وحقوق الإنسان”.

وأضاف “Fedpol”، الذي لم يكشف عن تصويته للمرشحين للرئاسة، “حتى لا يتم استغلال الإنتربول سياسيًا، يجب أن تكون هذه القيم التي تحدد حكم القانون لدينا هي أساس أفعال الإنتربول”.

الشرطة القضائية الألمانية (BKA)، التي ترأس نائب رئيسها السابق يورغن شتوك الإنتربول لمدة ست سنوات، تبدو أكثر تحفظًا في التعليق على مسألة ترشح الريسي لرئاسة الإنتربول، ومع ذلك، في رسالة بريد إلكتروني تم إرسالها إلى Mediacités ، أكدت على رغبتها في “ترسيخ مبدأ الشفافية” في قوانين الإنتربول.

النمسا، أيضا، لا ترغب في التعليق على الانتخابات، مع ذلك، أكدت الدائرة الصحفية التابعة لـ BKA في فيينا، المكافئ النمساوي للشرطة القضائية (PJ) في فرنسا، على أن المرشحين لشغل مناصب مهمة داخل الإنتربول “يتم فحصهم وفقًا لعدة معايير”، بما في ذلك السيرة الذاتية وظروف وسمعة البلد الأصلي للمرشح، وكذلك “إرادته في احترام حقوق الإنسان وتعزيزها”.

فيما يتعلق بحقوق الإنسان على وجه التحديد، فإن للإمارات سمعة سيئة للغاية، على مدار السنوات الماضية على سبيل المثال نددت العديد من المنظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، وكذلك خبراء الأمم المتحدة بممارسات النظام القمعية، كما وثقوا في السنوات الأخيرة الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي في السجون الإماراتية.

بالإضافة إلى الانتهاكات المرتكبة خارج البلاد، في اليمن تحديداً، حيث تتحالف الإمارات مع المملكة العربية السعودية في حرب مروعة في اليمن، تسببت في أسوأ كارثة إنسانية في العالم.

في نهاية عام 2019، كشفت صحيفة لوموند الفرنسية، عن فُتح تحقيق قضائي في فرنسا ضد محمد بن زايد آل نهيان – ولي عهد أبو ظبي ووزير الدفاع- لاتهامه بارتكاب أعمال تعذيب تخضع ضمن اختصاص دائرة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس.

في حواره لـ Mediacités، تعليقاً على الدعوى المرفوعة ضد محمد بن زايد قال جوزيف بريهام، المحامي الفرنسي عن المدعين، “أحد المدعين تم تعذيبه داخل مراكز اعتقال إماراتية سرية في جنوب اليمن”.

إذا فاز الريسي في انتخابات الانتربول، فهذا يعني أن رئيس الإنتربول سيكون ممثل دولة تخضع للتحقيق في جرائم حرب عن أفعال تقع ضمن نطاق الإنتربول.

تعليقاً على ترشيح الريسي، قال محمد جميل -رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا- “سيحاول الجنرال الإماراتي بشتى الطرق تبييض سجل الانتهاكات في بلاده”.

القوة الناعمة

داخل الإنتربول، نما نفوذ البلد الصغير في شبه الجزيرة العربية، من خلال التبرع بمبلغ 50 مليون يورو على مدى خمس سنوات من خلال “مؤسسة الإنتربول من أجل عالم أكثر أمانًا”، وفي ربيع عام 2016، أصبحت الدولة النفطية وسكانها البالغ عددهم 10 ملايين ثاني أكبر مساهم في الإنتربول بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

قال متحدث باسم الإنتربول: “حتى الآن، وبسبب التمويل الإماراتي استفادت أكثر من 180 دولة أو شاركت في مجموعة من الأنشطة التابعة للإنتربول، كالدورات التدريبية وتوفير البرامج المطلوبة “.

بالنسبة لمحمد جميل، فإن “هذا الكرم هو القوة الناعمة، “أبو ظبي معتادة على الاستثمار لكسب النفوذ على المستوى الدولي، سواء في المراكز الفكرية والجامعات، أو من خلال المساهمات في الحملات الانتخابية الأجنبية، وكذلك في وسائل الإعلام أو حتى في الرياضة”.

المنظمة الإماراتية المثيرة للجدل التي تقوم بتمويل الإنتربول -ومقرها جنيف- تم إنشاؤها عام 2013 لتمويل بعثات محددة للإنتربول ولسد عجز الميزانية البسيطة للوكالة الدولية.

منذ إنشائها، كانت تتألف من مزيج غريب من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال والمنفيين – كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي السابق لشركة رينو-نيسان، وهو عضو سابق، ومن بين الأعضاء العشرة الحاليين، نجد بالطبع يورغن ستوك، الأمين العام للإنتربول، وكذلك الشيخ منصور، نائب رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، الأخ غير الشقيق للرئيس الحالي وصاحب عشرة من أبرز أندية كرة القدم حول العالم، من مانشستر سيتي إلى تروا، أما منصب “سفير المؤسسة”، الذي تم استحداثه في مارس/آذار 2017، فيشغله حمد سعيد الشامسي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في لبنان.

منذ التبرع بمبلغ 50 مليون يورو، أقيمت فعاليات برعاية الإنتربول في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي مارس/آذار 2017، عقد مؤتمر أمني كبير في أبو ظبي تحت رعاية جهاز الشرطة، وفي العام التالي، استضافت دبي، المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الإمارات العربية المتحدة، الجمعية العامة السابعة والثمانين لوكالة الشرطة، والتي تُعقد في بلد مختلف كل عام.

هذا العام، عندما كان من المقرر عقد الجمعية العامة في أوروغواي، أعلن الإنتربول أن التجمع سيعقد في أبو ظبي في ديسمبر/كانون الأول 2020، لتعقد الجلسة في دولة واحدة خلال عامين فقط، وقد علق المتحدث باسم الإنتربول على هذا قائلاً “بعد أن سحبت أوروغواي عرضها استضافة الجمعية العامة، تم فحص اقتراح من دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة الحدث والموافقة عليه من قبل اللجنة التنفيذية”.

والآن، وبعد أن أعلنت إدارة الإنتربول في 23 أكتوبر/تشرين الأول تأجيل اجتماعها لاختيار الرئيس إلى 2021 وذلك بسبب فيروس كورونا، هل يستغل الناخبون هذا الوقت للتفكير في مسألة انتخاب الريسي من عدمها؟

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا