لا تزال خطوة التطبيع الكامل بين السعودية وإسرائيل غير مرجحة على المدى القريب، لكن من المؤكد أن التعاون الدفاعي والاستخباراتي سيستمر في التقدم والتصاعد في الأشهر المقبلة.
في حديثها لرويترز وصحيفة وول ستريت جورنال، أكدت مصادر سعودية وإسرائيلية، أن رئيس الوزراء نتنياهو سافر إلى مدينة نيوم السعودية في 22 نوفمبر/تشرين الثاني للقاء ولي العهد الأمير بن سلمان بصورة سرية، في أول اجتماع من نوعه بين البلدين على مستوى “الزعماء”.
وبحسب المصادر، تركزت المناقشات بين نتنياهو وولي العهد السعودي (الذي يشغل أيضًا منصب وزير دفاع المملكة) على تطبيع العلاقات والتعاون ضد إيران -العدو المشترك للبلدين، بالإضافة إلى تعميق التعاون الاستخباراتي والدفاعي بين البلدين، خاصة وأن يوسي كوهين- رئيس الموساد الإسرائيلي- كان حاضراً للاجتماع.
الاجتماع “السري” تم بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة لا زالت مهتمة
وبشدة بتعزيز العلاقات السعودية الإسرائيلية، في محاولة واضحة من إدارة ترامب استغلال أسابيعها الأخيرة في الرئاسة لتعزيز انجازاتها في القضايا الخارجية، لاسيما وأن التطبيع بين إسرائيل وثلاثة من الدول العربية (الإمارات والبحرين والسودان) يعد انتصارًا رئيسيًا في السياسة الخارجية لبيت ترامب الأبيض.
وعلى الرغم من عقد الاجتماع برعاية أمريكية، لا يخفى على أحد أن المملكة العربية السعودية وإسرائيل يسعيان إلى اعتمادهما على التعاون الأمريكي بتنويع علاقاتهما الدولية، بما في ذلك مع بعضهما البعض، خشية أن تتبنى الإدارة القادمة للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن نهجاً مختلفاً مع إيران، يتميز بالاعتدال، على خلاف نهج دونالد ترامب، الذي خدمت سياساته الخارجية المصالح الإسرائيلية والسعودية في المنطقة، حيث انتقد بايدن سياسة “الضغط القصوى” لإدارة ترامب تجاه إيران، وكذلك الانسحاب المفاجئ من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018.
لدى السعودية وإسرائيل أيضاً مخاوف مشتركة “سرية” بشأن حركة الحوثيين في اليمن (المتحالفة مع إيران والتي تهدد كل من الأراضي السعودية والشحن الإسرائيلي في البحر الأحمر)، وتتشاركان المخاوف بشأن الميليشيات الإيرانية وتكديس الصواريخ في العراق، ولبنان وسوريا، لذلك، ومن وجهة نظر قادة البلدين، من شأن علاقة دفاع إسرائيلية سعودية أعمق أن توفر خيارات جديدة لكليهما لمواجهة إيران، لا سيما في العمليات السرية في أماكن الحرب بالوكالة مثل سوريا والعراق واليمن.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه في حال أصبح الإسرائيليون حليفًا علنيًا للمصالح الوطنية السعودية، سيخفف ذلك من حدة المعارضة في الكونغرس الأمريكي لمبيعات الأسلحة الجديدة إلى المملكة العربية السعودية.
بالإضافة إلى منح البلدين رصيدًا استراتيجيًا ضد إيران، فإن المزيد من التطورات في العلاقات السعودية الإسرائيلية سيكون وبمثابة ترويج للتطبيع مع إسرائيل عالمياً، حيث إن تأثير المملكة العربية السعودية الذي لا يزال ملحوظًا في العالم الإسلامي يعطي وزنًا لعملها بين الرأي العام العالمي، لذلك فإن أي تقارب بين السعودية وإسرائيل من شأنه أن يهدئ المواقف حول إسرائيل في الدول الأخرى ذات الأغلبية المسلمة، مما يعزز الزخم نحو التطبيع في دول مثل باكستان وإندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش.
كما أن توثيق العلاقات الإسرائيلية السعودية سيكون مفيدًا اقتصاديًا لخطة ولي العهد للتطوير والإصلاح رؤية 2030، حيث تعتمد المملكة العربية السعودية، ولا سيما مشاريعها التنموية البارزة مثل نيوم، على التقنيات المتقدمة مثل التكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا الزراعية، والتقنيات الإلكترونية لتحقيق النجاح، وإسرائيل هي بالفعل من بين قادة العالم في هذه القطاعات، حيث ستحصل السعودية بالتأكيد على ذات الامتيازات للوصول إلى التقنيات الإسرائيلية التي حصل عليها القطاع الخاص والعام في الإمارات العربية المتحدة بعد التطبيع.
حتى الآن لم تظهر أنها مستعدة للقيام بالقفزة نحو التطبيع مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية، ومع ذلك، تحاول وسائل الإعلام السعودية الترويج لمميزات التطبيع مع إسرائيل وأهمية ذلك، في تغير واضح في النبرة السعودية في التحدث عن إسرائيل التي كانت تلقبها بالعدو في الماضي.
الخط الرسمي للمملكة العربية السعودية، والذي أيده الملك سلمان، لا يزال متمسكاً بأنه لا تطبيع للعلاقات بين البلدين طالما لم يحدث اتفاق سلام نهائي يتضمن إقامة دولة فلسطينية على النحو المنصوص عليه في مبادرة السلام العربية لعام 2000 بقيادة السعودية.
وأخيراً، يجب التأكيد على أن التطبيع لا يزال غير مرحب به على نطاق واسع بين الشعب السعودي، والهيئات التي يهيمن عليها الملك سلمان، لذلك فإن ردود الفعل المحلية في المملكة العربية السعودية يمكن أن تسبب مخاوف أمنية ملحوظة.
اقرا أيضاً: بـ 30 ألف إسترليني… حاكم دبي يشتري قرار المحكمة الاسكتلندية ضد السكان المحليين
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا