يوماً بعد الآخر، تتواصل جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني بكافة فئاته ومكوناته بما في ذلك الأطفال القصر والنساء وكبار السن، في انتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات الدولية، وفي ظل صمت عالمي على هذه الانتهاكات، ما يعطي ضوءاً أخضراً للاحتلال  للاستمرار في ارتكاب هذه الجرائم.

جريمة جديدة

وفي جريمة جديدة تدل على وحشية الاحتلال، استشهد طفل فلسطيني متأثرا بجراح أصيب بها خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، الجمعة، قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

وأعلنت الوزارة الفلسطينية، في بيان، “استشهاد الطفل علي أيمن نصر أبو عليا (14 عاما) من قرية المغير شرقي رام الله، متأثرا بجروح حرجة برصاص الاحتلال الحي في بطنه”.

أبو عليا

أبو عليا

وكانت وزارة الصحة أفادت، ظهر الجمعة، بأن الطفل “نقل إلى مجمع فلسطين الطبي (في رام الله/ وسط) بحالة حرجة” وأدخل غرفة العمليات، وذكرت مصادر أمنية فلسطينية أن الطفل علي وأربعة شبان آخرين أصيبوا بالرصاص الحي والمطاطي خلال تظاهرة في قرية المغير كان أهلها يحتجون على مصادرة أراض لهم من قبل مستوطنين.

غير أن الجيش الإسرائيلي قال إن “مثيري شغب” حاولوا إغلاق طريق حدودية “والقوات الأمنية منعتهم من قطع الطريق وردت بوسائل مكافحة الشغب”.

وخرق مئات الفلسطينيين السبت، قرار منع التجول المفروض لمكافحة فيروس كورونا المستجد للمشاركة في جنازة الطفل أبوعليا الذي استشهد برصاص الجيش الإسرائيلي خلال تظاهرات وقعت في قرية المغير شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة.

وجاء استشهاد الطفل بعد أيام من إعلان السلطة الفلسطينية عودة العلاقات مع إسرائيل بما في ذلك التنسيق الأمني الذي علقته في أيار/مايو الماضي.

وأطلق المشاركون في الجنازة الذين حمل عدد منهم صورا للطفل علي أيمن أبو عليا، هتافات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي وعودة التنسيق الأمني.

وشارك مئات في الجنازة التي جرت وسط مدينة رام الله رغم قرار السلطة الفلسطينية إغلاق الضفة الغربية الجمعة والسبت، مرددين هتاف “بالروح والدم نفديك يا شهيد”.

إدانات واسعة

في سياق متصل، أدانت الرئاسة الفلسطينية “الجريمة البشعة التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي أدت لاستشهاد الطفل أبو عليا”. وأضافت في بيان، “هذه الجريمة تؤكد بشاعة الاحتلال وإجرامه ضد أبناء شعبنا الفلسطيني الأعزل”. ودعت الرئاسة المجتمع الدولي “للعمل على توفير الحماية” لأبناء الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال” 

كما نعى رئيس الوزراء محمد اشتية، الشهيد الطفل. وكتب عبر فيسبوك: “هذه الجريمة تضاف لسجل حافل من جرائم الاحتلال الذي لا يفرق بين كبير وصغير ويستهدف البشر والشجر والحجر وكل ما هو فلسطيني”.

وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، “بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال”. وحملت الوزارة، الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو “المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة”.

بدورها، اعتبرت وزارة التربية والتعليم استهداف الطفل أبو عليا، وقتله “جريمة ضد الإنسانية”. ودعت، في بيان، دول العالم والمؤسسات الحقوقية والقانونية ومؤسسات حماية الأطفال إلى “التدخل لتوفير الحماية لأطفال فلسطين، إنفاذا لما نصّت عليه المواثيق الدولية واتفاقية حقوق الطفل”. وأشارت إلى أنها “ستنفذ مجموعة تدخلات في الصف الذي يدرس فيه الطالب، وفي مدرسته نظراً لما ستتركه الجريمة من تداعيات على الصحة النفسية للطلبة”.

من جهتها، قالت حركة حماس، في بيان، إن “جريمة الاحتلال بتعمد قتل الطفل أبو عليا بإطلاق الرصاص الحي عليه، يؤكد الحقيقة الإجرامية لجيش الاحتلال بتعمد قتل أبناء شعبنا”. وأضافت أن ذلك “يستوجب ملاحقة هذا العدو المجرم ومعاقبته بالوسائل كافة”. وشددت على ضرورة “العودة للتوافق الوطني على خيار مقاومة الاحتلال، وأن خيار المقاومة هو القادر على الرد على جرائم الاحتلال ووقف هجمة المستوطنين المتصاعدة في مختلف مدن الضفة لفرض مزيد من الوقائع على الأرض”.

من جانبه، طالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل بإعطاء توضيح لواقعة استشهاد طفل فلسطيني بعد مواجهات مع جنود إسرائيليين في الضفة الغربية.

وقال وفد الاتحاد الأوروبي المختص بالشؤون الفلسطينية السبت إن على السلطات الإسرائيلية أن تحقق في الواقعة على نحو سريع، وكامل، وطالب بمحاسبة المتورطين.

 تاريخ من الجرائم

جريمة قتل الطفل “أبو عليا” تضاف إلى سجل حافل من جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين، حيث قال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش، “إن دولة الاحتلال قتلت سبعة أطفال خلال العام الجاري، و2115 طفلا منذ عام 2000”.

وأضاف “قطيش” :”إن محاكم الاحتلال العسكرية تحاكم ما بين 500 الى 700 طفل سنويا، منهم من يقبعون في ظروف اعتقاليه قاسية وزنازين منفردة”، وتابع أنه ووفقا للإفادات التي تأخذها المؤسسة من الأطفال المعتقلين لدى سلطات الاحتلال، فإن جميعها تؤكد تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي خلال التحقيق معهم.

ووفق توثيق الحركة العالمية، فإن 2115 طفلا فلسطينيا استشهدوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي وعلى أيدي المستوطنين منذ عام 2000 وحتى نهاية تشرين أول/ أكتوبر الماضي، بينهم 521 طفلا لا تزيد أعمارهم عن 8 سنوات.

في ذات السياق، قال نادي الأسير الفلسطيني في تقرير له، بمناسبة اليوم العالمي للطفل، الذي يصادف في 20 من نوفمبر من كل عام، إن نحو (170) طفلا فلسطينيا، يعتقلهم الاحتلال، ويحتجزهم في ثلاثة سجون مركزية هي: “مجدو، وعوفر، والدامون”.

وأكد أن سلطات الاحتلال، مستمرة في تنفيذ عمليات اعتقال الأطفال، وفرض مزيد من الإجراءات التنكيلية بحقهم، رغم استمرار انتشار فيروس “كورونا”، حيث يواجه الأسرى الأطفال عملية عزل مضاعفة أسوة بالبالغين، وحرموا من زيارة عائلاتهم ومحاميهم، لاسيما في الأشهر الأولى من انتشار الوباء.

وشرح النادي في ورقة حقائق، جملة من الانتهاكات، والتحولات التي ينفذها الاحتلال بحق الأسرى الأطفال، والتي تتمثل بـاعتقالهم المنظم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، ونقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف، وإبقائهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة، وصلت في بعض الحالات الموثّقة ليومين، وتوجيه الشتائم والألفاظ النابية لهم، وتهديدهم وترهيبهم، لانتزاع الاعترافات منهم، ودفعهم للتوقيع على الإفادات المكتوبة باللّغة العبرية دون ترجمتها، وحرمانهم من حقّهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين، والمحامي خلال التّحقيق، وغير ذلك من الأساليب والانتهاكات، ومنها حرمانهم من استكمال دراستهم.

وقال إنه منذ عام 2015، شهدت قضية الأسرى الأطفال، تحولات ما زالت مستمرة، خاصة في فترة “هبة القدس”، منها إقرار سلطات الاحتلال لـ “القوانين العنصرية”، والتوجه نحو مشاريع قوانين، تُشرع إصدار أحكام عالية بحق الأطفال، وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من عشر سنوات، وحتى الحكم المؤبد، وقال النادي إنه منذ العام المذكور ولغاية أكتوبر الماضي، وصلت حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال لأكثر من 7 آلاف.

ويواجه الأطفال خاصة في القدس المحتلة، عمليات اعتقال ممنهجة، كانت لها آثار كارثية على مصيرهم، عبر سياسات ممنهجة لتدمير بنية المجتمع المقدسي، ومنها استهداف الأسرى الأطفال، بسياسة “الحبس المنزلي” التي طالت عبر السنوات الماضية المئات من الأسرى الأطفال، وشكلت أخطر السياسات التي فرضتها عليهم، وذلك بتحويل بيوتهم إلى سجن.