لطالما طارد أسوأ مجرمي الحرب في العالم وقدمهم للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، وعلى مدار سنوات عمله التسع ظل الأرجنتيني “لويس مورينو أوكامبو”، أول مدع عام للمحكمة الجنائية الدولية مثالًا يحتذى للنزاهة والعدالة.

لكن يبدو أن هذه الأسطورة قد تحطمت، بعد الكشف عن وثائق تتهمه بتمرير معلومات مهمة لملياردير ليبي وثيق الصلة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وخليفة حفتر قائد القوات المنبثقة عن برلمان طبرق، بهدف حمايته مقابل الحصول على رشوة.

عشرات الآلاف من الوثائق السرية حصل عليها موقع “ميديابارت” الفرنسي للتحقيق، وحللها فريق من مجلة “دير شبيجيل” الألمانية بالشراكة مع شبكة التعاون الأوروبي الاستقصائي (EIC).

 

مجلة دير شبيجيل

الوثائق المسربة تضم وثائق داخلية للمحكمة الجنائية الدولية، وعقود، وبرقيات دبلوماسية وسجلات مصرفية ورسائل بريد إلكتروني، ترسم في مجملها صورة لمدع عام مرن، ومثير للاهتمام، ويقبل تضارب المصالح، ويبدو أنه يواجه مشكلة في المال، فعلى مدى سنوات تملَّك “أوكامبو” شركات في العديد من “الملاذات الضريبية”، وفق ترجمة موقع بوابة أفريقيا الإخبارية.

بداية مبشرة

كان “أوكامبو” يرتدي زيًا بأكمام سوداء لامعة عندما أقسم اليمين كأول مدع عام للمحكمة الجنائية الدولية في قصر السلام في لاهاي الهولندية، وقد بدا جذابا ومتوثبا وراقيا، مثل “جورج كلوني” في دور أستاذ للقانون، عندما رفع يده في 16 يونيو 2003، لأداء القسم رسميا: “أن أنجز واجباتي بطريقة مشرفة وأن لا أسيء أبدا استخدام سلطتي كمدع عام”.

الإبادة الجماعية في رواندا والمذبحة التي وقعت في سريبرينيتشا البوسنية، أبرزتا الحاجة إلى إقامة قضاء دولي دائم، ودفعت المجتمع الدولي إلى الموافقة على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وكان الهدف هو ضمان عدم شعور أي مجرم حرب بالأمان بعد الآن، وتوفير العدالة لضحايا الصراعات الدموية.

بدا المحامي الأرجنتيني الخيار الأمثل، وبصفته نائبا عاما في الثمانينيات، كان فرض نفسه واسمه في محاكمات لقادة في المجلس العسكري السابق بالأرجنتين، وتخصص لاحقا في قضايا حقوق الإنسان ومحاربة الفساد، الخلاصة أن سيرته الذاتية كانت لا تترك أي شك في أنه يمتلك المكانة اللازمة للوفاء بصحوة الضمير العالمي.

وخلال فترة ولايته، كان يدير مكتبا يضم 300 موظف، كانت مهمتهم تعقب أسوأ الأشرار في العالم، وقد أجرى “أوكامبو” تحقيقات في مناطق الحرب، وأصدر أوامر اعتقال ضد رؤساء حكومات، وتحدث مع كبار رجال الأعمال والسياسيين ونجوم السينما، الذين أرادوا جميعا أن يكونوا مرتبطين به، وكثيرا ما كان يصحبه في رحلاته صناع الأفلام الوثائقية.

صورة خادعة

ولكن هذه الصورة التي شكلها الجميع عن “أوكامبو” كانت خادعة، وفقًا للوثائق المسربة، لكن أكثر ما يضغط على أوكامبو، صفقة أبرمها قرب نهاية ولايته.

رمز العدالة الدولية بصدد الحصول على 3 ملايين دولار “لتقديم المشورة” إلى “حسن طاطاناكي”، الملياردير النفطي الليبي والمؤيد السابق لنظام القذافي والمتورط في الحرب الأهلية الليبية، بل إن “أوكامبو” استخدم معلومات من الداخل لحماية موكله من الملاحقة المحتملة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

ووفقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يجب أن يكون قضاتها “ذوي أخلاق رفيعة”، وأن لا يكونوا “منخرطين في أي نشاط من المحتمل أن يؤثر على الثقة في استقلاليتهم”، ولكن يبدو أن هذه الثقة هزتها فضيحة الوثائق، التي لا تلقي بظلالها على أوكامبو فقط، ولكن أيضا على منظومة المحكمة الجنائية الدولية.

 

المحكمة الجنائية الدولية

“دير شبيجيل” نجحت في التواصل مع «أوكامبو» بأحد الفنادق، وهو الآن يملك شركة استشارية في نيويورك، ويكتب كتابًا عن المحكمة الجنائية الدولية ويعمل كزميل في مركز “كار” لحقوق الإنسان في جامعة هارفارد، كما أن منظمة الدول الأمريكية طلبت منه التحقيق فيما إذا كانت جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في ظل نظام الرئيس الفنزويلي “نيكولا مادورو”.

بدا “أوكامبو” مندهشا من الاتهامات التي كشفتها الوثائق، وقال: “لم أفعل شيئا خاطئا لأنني حذر جدا، وأنا لا أحب العمل على أشياء فظيعة، وأنا أرفض حالات بملايين الدولارات إذا لم أحب القضية، وأنا أؤمن بمسيرتي، وبمحاربة أناس في السلطة يرتكبون جرائم”.

الربيع العربي بداية الفضيحة 

في 2005، كلف مجلس الأمن الدولي المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في احتمال حدوث إبادة جماعية في دارفور، وهنا أصبح واضحا أن “أوكامبو” يواجه صعوبة في ختم قضاياه بطرق محكمة قانونية، واعتمد على شهود مجهولين في المحاكمة ضد زعيم الميليشيات الكونغولية “توماس لوبانغا”، وانهارت القضية تقريبا مرتين.

بعد انتهاء ولاية “أوكامبو”، قال خبير القانون الدولي الألماني “هانز بيتر كول”، الذي عمل قاضيا في لاهاي لسنوات عديدة: “كان (أوكامبو) يقدم لنا “شهودا إشكاليين، لم يكن بإمكانهم المساهمة بشيء ولم يكونوا يعرفون شيئا، بالإضافة إلى أن الحجج القانونية كانت في كثير من الأحيان ضعيفة”.

ولكن بعد ذلك بدأ الربيع العربي – وكان ربما أهم قضايا أوكامبو، ففي 26 فبراير2011، كلفه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بمهمة التحقيق في جرائم الحرب في ليبيا.

الوصول إلى شهود وأدلة لم يكن أبدا أكبر مما كان عليه في الأيام التي تلت اندلاع النزاع، ولكن مرة أخرى، لم يكن أوكامبو مهتمًا بشكل مفرط بالتفاصيل، وكما فعل في أماكن أخرى، أضاع فرصة إجراء تحقيق على الأرض.

ووفقا لوثائق داخلية، دفع أحد المحققين بفكرة السفر إلى ليبيا، وقال في اجتماع داخلي يوم 8 مارس: “إنه من الضرورى التحقيق في مسرح الجريمة من أجل الحصول على أدلة شرعية ووثائقية”، إلا أن “أوكامبو” عارض هذه الفكرة، وأضاف: “يجب أن نركز على ما يمكن أن تنتجه الأطراف الأخرى بالنسبة لنا”، وكان يقصد بها الصحفيين والمنشقين عن نظام القذافي.

تظهر الوثائق أيضا أنه لم يكن محايدا، على الرغم من أنه ما زال يقول اليوم إن المحققين “لا ينبغي أن يديروا السيناريوهات السياسية”، وهو ما يسميه “وظيفة السياسيين”، ولكن في حالة ليبيا تجاهل هذه القاعدة.

ففي 6 أبريل، وبعد وقت قصير من بدء فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى ضرباتها الجوية ضد نظام القذافي، تحدث “أوكامبو” مع مدير ديوان الخارجية الفرنسي على الهاتف ليخبره عن التحقيقات التي كانت جارية، كما تفيد مذكرة سرية.

وكشف أوكامبو أنه يعتزم محاكمة “القذافي وواحد أو اثنين من أبنائه وثلاثة أو أربعة من كبار الشخصيات الليبية”، وسرعان ما تسربت أسماء المتهمين إلى وسائل الإعلام، حتى أصبحوا حذرين.

وكتب المسؤولون الفرنسيون في هذه البرقية جملة يمكن أن تكون مدمرة بالنسبة لـ أوكامبو: “إن المدعي العام يتصور بوضوح وظيفته ليس كمكتب لمدع عام مستقل بل كهيئة قضائية تتماهى مع تعليمات مجلس الأمن الدولي.”

لكن الرجل في مقابلة “شبيجل” في لندن، أنكر الحديث مع مسؤولين فرنسيين وبريطانيين حول تعليماته التي سوف يصدرها أو لا يصدرها، ورفض الاتهام بالقول إنه “كذبة مطلقة”.

ولكن الوثائق واضحة، ففي رسالة موجهة إلى السفير البريطاني في لاهاي بتاريخ 6 أبريل 2011، كتب أوكامبو أنه ينظر إلى آخر وزير خارجية للقذافي “موسى كوسا” في هذه المرحلة “كشاهد متعاون وليس مشتبها فيه بتهم”.

وتظهر مراسلات أوكامبو أنه أبرم اتفاقات مع الفرنسيين والبريطانيين، وتصرف كجزء من الائتلاف المناهض للقذافي، فلم يفصل بين السياسة والعدالة، وارتكب خطأ جسيما بالنسبة لمهمته.

سرعان ما سلم “أوكامبو” النتائج المرجوة، وفي 16 مايو، وبعد ثلاثة أشهر من بدء التحقيقات، تقدم بطلبات للقبض على القذافي وابنه سيف الإسلام ورئيس المخابرات عبد الله السنوسي، ولم ينفَّذ أي من أوامر التوقيف هذه على الإطلاق.

قُتل القذافي، وتم القبض على ابنه من قبل ميليشيات، وذهب السنوسي إلى موريتانيا، ومع ذلك، فإن المذكرات تخدم غرضا، وهو المساعدة على تبرير تدخل الغرب في ليبيا.

وبثلاثين مذكرة اعتقال وحكم واحد فقط، وتأييد التدخل في ليبيا الذي أدى لتقسيم البلاد وتحويلها إلى أمراء حرب أنهى “أوكامبو” عمله المثير للجدل.

 

حفتر

واعتبارا من عام 2015، كان أحد زبائنه الذين يدفعون بسخاء رجل الأعمال الليبي “حسن طاطاناكي”، حيث بدأ الاتصال من خلال ابنة أخ “طاطاناكي”، التي التقاها أوكامبو خلال مشروع فيلم عن ليبيا، وكتبت إلى أوكامبو: “لقد ناقشت بإيجاز اهتمامك بليبيا وبالوثائقي مع عمي حسن طاطاناكي.. حسن ذكر لي أنه نظرا للوضع المتوتر في ليبيا فإنهم يودون التحدث إليكم بشأن بحث إمكانات اتخاذ إجراءات أوسع”.

 

طاطاناكي

“طاطاناكي” رجل معروف، ليس فقط في ليبيا، فبالإضافة إلى شركات البناء ومحطات التليفزيون، كان يملك شركة نفط مسجلة في جزيرة مان، وهي ملاذ ضريبي منذ بداية التسعينيات، وحتى الثورة كان طاطاناكي جزءا من دائرة القذافي.

وكان أحد مشاريعه مشروعا سياحيا في مدينة شحات الأثرية والذي كان يخطط له مع سيف الإسلام القذافي في الولايات المتحدة، كما دفع طاطاناكي الكثير من المال لشركة العلاقات العامة لتمكين نظام القذافي.

ولكن بعد الثورة، دعم طاطاناكي الجنرال خليفة حفتر، وكان لهما “عدو مشترك” هو الإسلاميون، و”هدف مشترك” هو تأمين أعمال النفط.

قوات الجنرال “المدججة بالسلاح وحشية وبلا رحمة”، وبحلول عام 2015 كانت هناك بالفعل شكوك حول ارتكاب جرائم حرب، وبعبارة أخرى، “حفتر” ليس هو النوع الذي ينبغي أن يرتبط به المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية.

غير أن أوكامبو تعامل مع طاطاناكي، وكانت مهمته مساعدة الملياردير النفطي على جلب منافسيه إلى العدالة، وسمى طاطاناكي منظمته “العدالة أولا”، وتم تعيين أوكامبو لتقديم المشورة لطاطاناكي.

وفي اجتماعين عقدا في أبو ظبي في ربيع عام 2015، وضعت خطة لاتخاذ إجراءات ضد الإرهابيين وتسليم النتائج إلى المحاكم المحلية والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ولكن ذلك لم يكن سوى جزء من الصفقة، فوفقا لوثيقة عن الاستراتيجية، كان هدف هيئة “العدالة أولا” هو حماية طاطاناكي “من الإجراءات القانونية”.

في 25 أبريل 2015، وقع أوكامبو عقد استشارات لمدة ثلاث سنوات بقيمة 3 ملايين دولار، لكن أحس أوكامبو على ما يبدو أن طاطاناكي ليس حالة مثل أي دولة أخرى، وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زوجته قبل لقاء مع الملياردير النفطي، كتب: “آمل أن يسير كل شيء على ما يرام، وأتساءل عن تأثير ذلك على حياتنا”.

ولكنه في النهاية، كان سعيدا بكل الأموال التي كان سيحصل عليها، وقال إن ذلك سيعطيه “الحرية والهدوء”، وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زوجته، كتب أنه سيحصل على 1.5 مليون دولار من طاطاناكي هذا العام وحده.

أوكامبو ينقذ زبونه

في 12 مايو، قبل أيام قليلة من ظهور “أوكامبو” على شبكة “سي إن إن” وإعلان عمله لصالح “طاطاناكي”، عبرت خليفته في المحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا” لمجلس الأمن الدولي عن قلقها من أن “الهجمات العشوائية” في مدن مثل بنغازي وطرابلس قد أدت إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، وأعلنت أنها تعتزم التحقيق في هذه الحوادث، وأشارت صراحة إلى الهجمات التي قام بها الجنرال حفتر.

بعد ذلك بوقت قصير، كتبت موظفة لأوكامبو، كانت تعمل معه في المحكمة ولا تزال تتمتع بصلات وثيقة هناك، رسالة بريد إلكتروني مزعجة، أعادت فيها توجيه رسائل من محققة في ليبيا تابعة لمكتب “بنسودا”، أشارت إلى أن المدعي العام قد تلقت “بعض الأمور المقلقة حول طاطاناكي”.

من بين أمور أخرى، كتبت المحققة أن قائد سلاح الجو حفتر، قال مؤخرا على قناة “طاطاناكي” التليفزيونية الليبية “ليبيا أولا” إن أي شخص لا يقاتل على جانب حفتر يجب أن “يذبح كخائن”.

وفي اليوم نفسه، قالت المحققة الليبية لأوكامبو، مباشرة عن البيان الصادر عن محطة التليفزيون الليبية، كما أبلغته أن هناك محادثة هاتفية مع سيف الإسلام على يوتيوب، وقد جرت المحادثة على ما يبدو في ربيع عام 2011، بعد سقوط بنغازي.

وتقترح أن طاطاناكي “لا يزال يعمل” مع النظام القديم حتى ذلك الحين وكان “يقوم بعمله لدعم النظام”، أرسلت لأوكامبو الروابط وكتبت: “أعتقد أن عليك أن تعرف.”

وبناء على ذلك، توصل فريق أوكامبو بسرعة إلى استنتاج مفاده أن “بنسودا” يمكنها أيضا التحقيق مع طاطاناكي، وكتبت موظفته أنه من الممكن أن يكون المدعي العام لا يستطيع التحقيق مع “القادة العسكريين” فحسب، وإنما أيضا المدنيين الذين دعموا الأطراف المتحاربة، وذكَّرته بالمحكمة الخاصة لرواندا، التي حكمت على أصحاب محطتين إذاعيتين بالسجن لفترات طويلة، لأن محطتيهما استُخدمتا لإصدار دعوات لارتكاب جريمة إبادة.

تحرك أوكامبو لحماية زبونه من التحقيقات، وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى موظف لطاطاناكي اقترح أولا أن يتأكد طاطاناكي من أن جيش حفتر “لا يرتكب” ولا “يحرض على ارتكاب جرائم”، وأشار ثانيا إلى أنه “من المستحيل أن نستنتج أن حسن وقنواته تدعم الجرائم”، وثالثا، كتب: “أقترح وضع خطة شاملة للتأكد من أن حسن والقوى التي يدعمها ليست هدفا للملاحقات القضائية للمحكمة الجنائية الدولية”.

وكان هذا هو جوهر استراتيجية دفاع أوكامبو، وهدفه “عزل” الملياردير، بحيث لا يمكن أن يكون هناك علاقة مباشرة مع الجنرال حفتر.

وفي 6 يونيو، أبلغ موظفو شركة طاطاناكي “أوكامبو” أن الدفعة الأولى البالغة 750 ألف دولار قد تم تحويلها إلى حسابه، وبعد بضعة أيام، أعد أوكامبو اجتماعا مع زبونه في فندق ديس إندس في لاهاي، وذكرت الوثائق أن المرأة التى حذرت أوكامبو – المحقق الليبي في المحكمة الجنائية الدولية – تعتزم أيضا حضور الاجتماع، وكانت “فلورنسا أولارا”، المتحدثة باسم الصحافة في مكتب المدعي العام، التي لا تزال تعمل هناك إلى اليوم، من بين المشاركين المقصودين.

“أوكامبو” الذي نفى عقد مثل هذا الاجتماع، لم يكن يعلم أن وثيقة كشفت أنه كتب في رسالة بالبريد الإلكتروني في ذلك الوقت عن ضرورة إرسال سيارة لنقل أولارا، وبعد ذلك بوقت قصير، كتبت أولارا صورة موجزة ومختصرة لطاطاناكي، كان من المقرر نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي.

وبدورها نفت “أولارا” في مقابلة مع “دير شبيجل” كل الاتهامات، قائلة إنها “كاذبة وغير صحيحة”.

“بنسودا” آخر من يعلم

وعند الاتصال ببنسودا للتعليق، ذكرت أن هذه هي المرة الأولى التي سمعت فيها أن الموظفين الحاليين والسابقين في مكتبها عملوا لصالح “أوكامبو” أو نقلوا معلومات داخلية إليه، وقد أعلنت تحقيقا حول ذلك.

ولا يزال من غير الواضح إلى أي حد تعمقت “بنسودا” في بحث تصرفات طاطاناكي والجنرال حفتر، لكن المدعي العام أصدرت مؤخرا أمرا بالقبض على أحد قادة حفتر، وقالت إن القائد العسكري “محمود الورفلي” أعدم سجناء عزل في 33 حالة معروفة، وتشمل الأدلة أشرطة فيديو يحتفل فيها الورفلي بسلوكه.

خلال مقابلة “دير شبيجل” لم ينكر “أوكامبو” ما يتعلق بحفتر في الوثائق المسربة، مشيرًا إلى أنه حذر طاطاناكي من حفتر، ودعاه لتجنب الارتباط الوثيق جدا مع جنرال “تحت طائلة توجيه الاتهام إليه”.

بعد ثلاثة أيام من إجراء المقابلة، تلقت دير شبيجيل رسالة من محامي أوكامبو الذي كتب أن موكله يعلق أهمية كبيرة على تبيان أن خدماته الاستشارية لطاطاناكي “لم تكن مرتبطة بالعمل الذي قام به كمدع للمحكمة الجنائية الدولية في عام 2011.”

وكان لافتا في مقابلة لندن أن موظفة أوكامبو منذ فترة طويلة بجانبه، تبتسم أحيانا عندما يتحول الحديث إلى هيئة “العدالة أولا”، لكن المثير أنها منذ أكثر من عامين، كتبت في 4 يونيو 2015، رسالة إلكترونية إلى أوكامبو حول موضوع طاطاناكي قالت فيها: “ينظر إليه (من جانب المحكمة الجنائية الدولية) على أنه يدعم جانبا سياسيا واحدا، يدعم حفتر ويدعم العنف كحل للوضع السياسي”.