تناول تحليل نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية زيارة الملك سلمان التاريخية إلى موسكو تحت عنوان “ماذا تعني زيارة الملك سلمان التاريخية لموسكوبالنسبة لإسرائيل؟.

التحليل سلط الضوء على الأرضية المشتركة التي تجمع إسرائيل بالمملكة، والوضع الذي قد ينتهي إليه الملف السوري.

وقالت الصحيفة إن الملك سلمان اختتم أمس الأحد زيارة استغرقت 4 أيام إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت الزيارة هي الأولى من نوعها التي يقوم بها ملك سعودي، وكان للزيارة العديد من الانعكاسات الواسعة على الشرق الأوسط.

آثار كبيرة

مع وصول التأثير الإيراني في منطقة الشرق الأوسط إلى أعلى مستوياته، فإن لهذه الزيارة آثارا كبيرة على إسرائيل، حيث تحاول إسرائيل التغلب على مخاوفها والتهديدات التي تواجهها متمثلة في بسط إيران نفوذها،لاسيما في سوريا ولبنان.

فهل تستجيب موسكو لمخاوف البلدين اللذين تجمعهما العداوة للدولة الشيعية؟ لاسيما أن العلاقات بين موسكو والرياض تشهد انفتاحا غير مسبوق، في ظل تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط منذ عقدين.

فالمملكة التي كانت تعتبر الركيزة الرئيسية للسياسات والتحالفات الأمريكية في المنطقة لأكثر من نصف قرن، شعرت أن بوصلة واشنطن بدأت تنحرف عن طريقها التقليدي فى ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

وظهر ذلك جليا عندما أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال كلمة بقمة العشرين في يناير 2016،أن بلاده تريد تحسين العلاقات مع روسيا “واصفا روسيا بالقوة العظمي.

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد حظي بمعاملة سيئة خلال رحلته للمملكة فيأبريل 2016، عندما استقبله حاكم الرياض وليس الملك، فضلا عن تحدث تقاريرمتعددة بأن المملكة وروسيا ناقشا اتفاقا كبيرا حول الأسلحة منذ 2015.

وتأتي زيارة الملك سلمان في وقت فريد من نوعه في الشرق الأوسط، حيث جاءت بعد سنوات من اندلاع الثورات العربية التي كان من المفترض أن تجلب الديمقراطية للمنطقة، ولكنها بدلا من ذلك جلبت الصراع في ليبيا وسوريا، ومن وجهة نظر السعودية خلقت الفوضى والتطرف اللذين عملا على تهديد مصالح المملكة بشكل كبير.

فالمملكة أجبرت على التدخل في البحرين لوقف سقوط النظام الملكي في البحرين في 2011، ودعمت عزل وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لمحمد مرسي من السلطة عام 2013، ودعمت التمرد ضد بشار الأسد، وأيدت بيان جنيف 1،وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254والذي دعا لإجراء انتخاباتتحت إشراف الأمم المتحدة، في غضون 18 شهرًا.

ومؤخرا رحبت المملكة بانتخاب دونالد ترامب واستضافته في مايو الماضي لحضور القمة العربية الإسلامية، والتي حضرها 50 بلدا مسلما، والتي شهدت توجيه ترامب انتقادات لإيران.

مصالح مشتركة

وتشاطر إسرائيل والمملكة المصالح المشتركة فيما يتعلق بالمخاوف بشأن التهديد الإيراني للمنطقة، وانخراطها في الحرب السورية، ودعم حزب الله.

وكانت المملكة منذ اتفاقات الطائف عام 1989 حريصة على العمل كوسيط في الساحة اللبنانية، فقط لمراقبة حزب الله الذي ابتلع ببطء السياسية اللبنانية.

وفى عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، عززت إسرائيل علاقتها الوثيقة بموسكو من خلال الاجتماعات الشخصية المتكررة والمكالمات الهاتفية بين المسؤولين في البلدين.

وشددت إسرائيل على أهمية حرمان إيران من قواعدها الدائمة في سوريا، وأبدت مخاوفهامن وجود إيراني بالقرب من الجولان المحتلة، خاصة بعد وقف إطلاق النار في يوليو بوساطة روسيا والأردن والولايات المتحدة.

مصلحة روسيا

وقال سفير إسرائيل السابق لدي روسيا،زفي ماجن، والذي يرأس حاليًا برنامج روسيا في معهد دراسات الأمن القومي: “إن الأمر أكثر بكثير من مجرد زيارة رمزية،فالزيارة تغير من صورة روسيا في المنطقة”.

وأضافأن السياق السوري مهم جدا بالنسبة لروسيا، وهي الداعم الرئيسي لنظام الأسد بجانب إيران عدو المملكة، وبينهما خصومة مريرة متواصلة وتنافس، وإسرائيل تشارك المملكة ودول الخليج فيهذه الخصومة مع إيران.

وذكر أن روسيا أصبحت عالقة مع إيران في سوريا، ولكن روسيا ليست مهتمة فقط في سوريا، أوأن تكون لاعبا صديقا لإيران على الطاولة، ولكن يتطلع الروس يحصلوا على الدور الذي طال انتظاره بأن يكونوا اللاعب الأهمفي المنطقة ككل جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة.

ومن أجل ذلك يمكن القول إن روسيا “عبرت النهر” فيما يتعلق بالترحيب بالملك السعودي والوفد المرافق له والذي بلغ 1500 شخص.

وفى لوحة الشطرنج المعقدة لروسيا وسوريا وإيران والسعودية، يقول “ماجن”: إن إسرائيل ليست اللاعب الرئيسي في هذه اللعبة بل أحد أطرافها فقط،فنحن لا نعرف ماذا ستكون نتيجة الزيارة، ولكن إسرائيل عموما في وضع جيد.

وقال يويلجوزانسكي عضو معهد الأمن الوطني في جامعة تل أبيب، إن الزيارة كانت مهمة، ورمزيتهاتعني الكثير في العالمالعربي،وكلمن السعوديين والإسرائيليين يرغبان في الحد من التدخل الإيراني في سوريا.

ولكي يحد الروس من النفوذ الإيراني في سوريا يقول السعوديون إنهم مستعدون لتقديم استثمارات لروسيا مثل صندوق الاستثمار.

وأضاف جوزانسكي أن الشيء الآخر الذي يهم السعوديين في سوريا هو الاستثمار في إعادة بناء سوريا، ويمكن للسعوديين القيام بذلك في المناطق السنية وتقوية السكان السنة.

وقد يكون ذلك مقابل وقف المملكة دعم الجماعات المتمردة المتطرفة فى سوريا، وتفهم السعودية أن النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران له اليد العليا حاليا،وفقا لـجوزانسكي، معقبا بأن الأسد سيبقى رئيسا لوقت طويل، ولهذا يحاول السعوديون التخفيف من المخاطر وتقليل الخسائر.

وأشار إلى أن هناك لاعبا في هذه المسألة هو الولايات المتحدة الأمريكية، يدرس في الوقت الحالي تبني سياسة جديدة تجاه إيران، ربما تنتهي بالتخلي عن الاتفاقية النووية مع إيران أو إعلان الحرس الثوري منظمة إرهابية.

ويضف جوزانسكي: “يجب أن نتذكر أن الولايات المتحدة والسعوديين لديهما علاقات قوية، ولن تقوم المملكة بإحلال روسيا محل أمريكا بشكل كامل، وكل ما تريده هو عودة الاستقرار للمنطقة بعد ست سنوات من الفوضى في المنطقة، ولتحقيق ذلك فإنها تعترف بمخاطر الجماعات المتطرفة وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى مقايضة تتمثل في التنازل عن مطلب الإطاحة بالأسد من حكم سوريا مقابل تراجع النفوذ الإيراني.