أعلنت شبكة الجزيرة الإعلامية، التي تتخذ من قطر مقراً لها، أنها تعرضت لعملية قرصنة غير مسبوقة استهدفت عشرات العاملين بها انتقاماً منهم لنشرهم تقاريراً إعلامية تفضح انتهاكات بعض الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، وتفضح جرائمهم في محلياً ودولياً.
وبحسب باحثين في “سيتيزن لاب” -جامعة تورنتو، فإن الإمارات والسعودية استخدمتا برامج تجسس من إنتاج شركة إسرائيلية خاصة للوصول إلى هواتف 36 صحفياً ومنتجاً ومديراً تنفيذياً – على الأقل – من العاملين بالجزيرة، فضلاً عن هواتف مراسل شبكة العربي من لندن.
تم اكتشاف الهجوم السيبراني في يوليو/تموز الماضي، عندما أظهر هاتف يستخدمه برنامج الجزيرة (The Tip of the Iceberg ) نشاطًا مشبوهًا، لم يكن يمكن اكتشافه لمستخدميه، لكن وبحسب تصريحات تامر المشعل، مقدم البرنامج، لصحيفة الغارديان فإن “باحثو سيتيزن لاب كانوا يراقبون الهاتف منذ ستة أشهر دون علم المخترقين”.
وأوضح “المشعل” إنه طلب من ” سيتيزن لاب” تثبيت برنامج “VPN” على الهاتف في يناير/كانون الثاني بعد تلقيه رسائل تهديد ومكالمات على الهاتف من أرقام مختلفة غير معروفة، مضيفاً “من خلال تطبيقات مختلفة كنت أتلقى تهديدات ضدي شخصيًا” “على سبيل المثال كانوا يقولون لا تتحدث عن هذه القصة وإلا سيكون مصيرك مثل [الصحفي المقتول جمال خاشقجي”.
وأضاف “قررنا أن نتعامل مع التهديدات بجدية، وقمنا بتثبيت تطبيق للمراقبة والتتبع على الهاتف تم تطويره بواسطة سيتيزان لاب”، وهو ما سهل عليهم اكتشاف النشاط المشبوه والتعامل معه.
جاء هذا الانتهاك بعد “إعلان تشويقي” بثه البرنامج للترويج لمقابلة مع عميل القوات الخاصة الفرنسية الذي قاد العملية لاستعادة الحرم المكي بعد أن استولى عليه المسلحون عام 1979، وهو موضوع مشابه لمواضيع وتحقيقات كثيرة تعتبر حساسة في الخليج السعودية والإمارات، دفعتهما إلى مطالبة قطر بإغلاق قناة الجزيرة كجزء من نزاع دبلوماسي أوسع بين البلدين.
لم يتم الكشف عن أي عمليات قرصنة في البداية، ليواصل المشعل وفريقه عملهم بصورة طبيعية مع التأكد من عدم النقر على أي روابط من مصادر غير معروفة، والتي في الغالب تعتبر بوابة لتثبيت برامج التجسس، وكذلك التأكد من عدم احتواء الهاتف على أي معلومات أو بيانات حساسة.
في منتصف شهر يوليو/تموز، بث البرنامج حلقة تحري عن “بي آر شيتي”، قطب الرعاية الصحية الهندي الذي انهارت إمبراطورتيه التجارية في الإمارات العربية المتحدة في وقت سابق من هذا العام، وبعد بضعة أيام من الحلقة، قال المشعل إنه تلقى مكالمة من باحثي “سيتيزن لاب” يخبرونه أن الهاتف قد تعرض للاختراق، وهو الخبر الذي كان بمثابة الصدمة بالنسبة له.
وتابع المشعل “اندهشت بصورة كبيرة… تساءلت كيف تم الاختراق؟ لم أنقر على أي روابط غريبة… ليفاجئني ردهم بأن هذا النوع من الاختراق لا يحتاج إلى نقرة، كان كافياً بالنسبة إليهم أن تتلقى مكالمة هاتفية من خلال تطبيق على هاتفك، وحتى إن لم ترد…. فبمجرد الوصول إلى الهاتف يمكن أن يتم تثبيت برنامج التجسس”.
وأشار المشعل أن الهاتف “استخدم للاتصال بأطراف مختلفة في الإمارات العربية المتحدة”.
في تقريرها حول الواقعة، قال مركز أبحاث “سيتزين لاب” أن هاتف المشعل -من المرجح- أنه تعرض للاختراق بواسطة أدوات طورتها مجموعة NSO الإسرائيلية، والتي يُزعم أن برامج التجسس الخاصة بها قد استخدمت في حملات المراقبة السابقة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وحدد “سيتزين لاب” أربع مشغلين للعمليات التجسس، من بينهم مشغل يحمل الاسم الرمزي Monarchy ، والذي يعتقد أنه يعمل نيابة عن المملكة العربية السعودية، وآخر يسمى Sneaky Kestrel ، الذي تم ربطه بالإمارات العربية المتحدة.
تم فحص هاتف المشعل من قبل باحثين في “سيتزين لاب” وفريق تكنولوجيا المعلومات في الجزيرة، الذين بدورهم قالوا إنهم اكتشفوا نفس برنامج التجسس على هواتف 35 موظفًا آخرين من المنتجين والصحفيين والمديرين التنفيذيين.
وأضاف الباحثون أن هاتف الصحفية رانيا الدرديري – مقدمة البرامج المقيمة في لندن لشبكة تليفزيون العربي القطرية – قد تم اختراقه ست مرات على الأقل بين أكتوبر/تشرين الأول 2019 ويوليو/تموز 2020.
من الجدير بالذكر أن NSO ذات سجل سيء في هذا المجال، حيث تم خرجت تقارير تفيد باستخدام برامجها لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف الصحفيين في المغرب، والمعارضين السياسيين من رواندا، والسياسيين في إسبانيا، ورجال الدين المؤيدين للديمقراطية في توغو.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا