“مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”.. بهذه العبارة، حذر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، المليشيات الموالية لإيران، بعد انتشار عناصرها المسلحين في العاصمة بغداد، بهدف الضغط على السلطات لإطلاق سراح عناصرها الذين اعتُقلوا بتهمة تنفيذ هجمات صاروخية على السفارة الأمريكية والمنطقة الخضراء.

وأمهلت ميليشيا “عصائب أهل الحق” التي يقودها قيس الخزعلي المقرب من طهران؛ الحكومة العراقية 48 ساعة للإفراج عن عناصرها والقيادي فيها “حسام الزيرجاوي”.

وقال المتحدث باسم “العصائب” جواد الطليباوي، في تغريدة عبر تويتر: “أي محاولة ثانية للإساءة للحشد الشعبي، وفصائل المقاومة هي محاولة أمريكية قطعا وستبوء بالفشل كما فشلت المحاولة الأولى”.

وإثر تلك التهديدات، انتشرت قوات الأمن بكثافة في منطقة شارع فلسطين إلى جسر المثنى في بغداد، وهي المنطقة التي احتشدت فيها عناصر المليشيات المدججين بالسلاح.

ومساء الأحد الماضي، أعلنت الحكومة العراقية والسفارة الأمريكية في بغداد، عن سقوط نحو 8 صواريخ كاتيوشا في المنطقة الخضراء شديدة التحصين، ما أدى إلى إلحاق أضرار طفيفة بمجمع السفارة.

وقالت الحكومة إن جماعة “خارجة عن القانون” أطلقت الصواريخ على المنطقة الخضراء، فيما أوضح مسؤول أمني إن نظاما مضادا للصواريخ أقيم للدفاع عن السفارة الأمريكية، تمكن من تحويل مسار أحد تلك الصواريخ.

بدورها، طالبت السفارة جميع القادة السياسيين والحكوميين العراقيين باتخاذ خطوات لمنع مثل هذه الهجمات ومحاسبة المسؤولين عنها.

رد حكومي

وفي السياق ذاته، قال مصطفى الكاظمي إن “أمن العراق أمانة في أعناقنا، ولن نخضع لمغامرات أو اجتهادات”، واصفا الهجوم الصاروخي بـ”العمل الإرهابي الجبان”. وشدد على رفض أي اعتداءات على البعثات الدبلوماسية.

وأكد في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع تويتر: “عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون”.

وأضاف: “طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”.

ونشر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء صورا تُظهر قيام مصطفى الكاظمي بجولة ليلية في العاصمة بغداد، للتأكيد على أن القوات الأمنية تمسك بزمام الأمور، وأن الوضع تحت السيطرة.

رد أمريكي

وعلى خلفية الهجمات التي استهدف سفارتها، أقدمت واشنطن مؤخرا على تخفيض طاقمها الدبلوماسي في العاصمة العراقية، فيما برزت مجددا في الأيام الأخيرة تخمينات حول إمكان غلق السفارة نهائيا.

وكشف مسؤول أمريكي لوكالة رويترز، الأربعاء الماضي، أن مسؤولين بالأمن القومي اجتمعوا في البيت الأبيض واتفقوا على مجموعة من الخيارات المقترحة لردع أي هجوم على أفراد عسكريين أو دبلوماسيين أميركيين في العراق.

ونقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مصدرين مطلعين على المناقشات أن الولايات المتحدة تدرس إغلاق سفارتها في بغداد بسرعة بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية على المنطقة الخضراء في العراق من قبل فصائل تدعمها طهران

وأشار إلى أنه في حال تم إغلاق السفارة، فسيتم نقل السفير “ماثيو تولر”، إلى مدينة أربيل في إقليم كردستان شمالي العراق، أو إلى قاعدة الأسد الجوية في غربي البلاد.

وكان الكاظمي حذر في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، من مخاطر إغلاق السفارة الأمريكية وخروج البعثات الدبلوماسية من بغداد. مشيرا إلى أن إغلاق السفارات يعني عدم التعاون مع الدول في الجوانب الاقتصادية والثقافية والعسكرية، في ظل تحديات كبيرة يواجهها العراق.

نداء أخير

بدوره، نشر زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر تغريدة على حسابع في موقع تويتر بعنوان “نداء أخير”، قال فيها إن بلاده “وقعت ضحية الصراع الأمريكي الإيراني، وتضررت بصورة لا ينبغي السكوت عنها”.

وأضاف الصدر: ”أوجه ندائي لإيران أن تبعد العراق عن صراعاتها، ولن نتركها في شدتها إذا ما حفظت للعراق وحكومته الهيبة والاستقلال”. كما حذر الزعيم الشيعي الولايات المتحدة من “التمادي في ذلك الصراع”، معتبرا أن العراق ليس طرفا في النزاع.

وهدد مقتدى -في حال عدم الاستجابة لندائه- بموقف سياسي وشعبي “يحمي الشعب والوطن والمقدسات”. واستدرك قائلا: “العراق لن يتبع لأحد مهما كان، وهو مصدر التشيّع الحقيقي، ومصدر المقاومة الأول ضد الاحتلال، ولن يخضع ولن يركع إلا لله”.

وعلى صعيد متصل، كشفت مصادر مقربة من المليشيات العراقية أن قائد فيلق القدس الإيراني اللواء إسماعيل قآني أكد للمسؤولين العراقيين خلال زيارة له إلى بغداد قبل 3 أيام، أن طهران غير مسؤولة عن استهداف المصالح الأمريكية، وأنها لن تنجرّ لعمل عسكري تحدد واشنطن وقته ومكانه.