أفقت من نومي على صوت إشعار الرسائل ، اتذكر أنها كانت بالعشرات
كلهم يحملون المفاد ذاته “البقاء لله ،، هو في مكان أحسن ”
حاولت أن أفهم .. من مات !
ومن ذا الذي أصابه مكروه لأتلقى أنا عزاؤه من بين المتلقين
لحظات و جائتني رسالة أكثر تفسيرًا
(مهند في ذمة الله )
ربما كانوا يعرفون أن خبرًا كهذا ما عساه أن يفعل بي
ولذلك قالوا ليشدوا من أزري (إنك في مكان أفضل)
دعني أقول لك يا صديقي أنني لم أكن أفكر في هذه الإشكالية أصلاً ، حقيقة لم يتطرق إلى ذهني أبداً أين تقبع أنت ، وكيف ستكون نهاية فيلم طالما أخرجه سوانا
لم أكن أفكر إلا في المشهد قبل الأخير ، المخرج حين أطفأ الأنوار و قرر اشعال النار في جسدك النحيل
حين أشار إلى مساعديه أن أغلقوا الأبواب ، وبدأ الدخان يلف المكان و الظلام يغمر ثناياك ،و رفع يديه وعلت ضحكاته .. رولينج .. أكشن
لكنه قبل أن يعلن عن لحظة البداية تلك كان قد استكثر عليك دور البطولة ،، فأسند إليك دور الكومبارس الصامت
بدأت الكاميرات في تسجيل اللقطات ،، يكيلون لك الركلات واللطمات ويتلذذون بحرق روحك
فتحبس انفاسك بين أنفاسهم
ينهش الخبث في دمك لكنك لا تجرؤ على البوح
لا تصرخ حتي يخرج المشهد أجمل
هذا أوقع في سياق الدراما
فالجمهور السادي يتفاعل اكثر مع المشاهد الدموية الصامتة ، التي لا يعكر الكومبارس فيها سريالية العرض بصراخ بائس
صحيح أن المخرج ترك لنا نهاية مفتوحة حين أطلق سراحك لتلقي مصيرك ، لكنه لم يترك لنا فيها رفاهية الاختيار
تركها حيث اللا سبيل لخيال واسع وتوقعات مشوقة
يقولون إنك في مكان أفضل
و أنا لم يكن يشغلني إلا أنني أشاهدك جزء من فيلم إباحي ، و أنا تمامًا كالمسخ فيه حين أنظر إلى نفسي ، لا مني جذبتك حتى لا تكون في هذا الدور الوضيع ولا أدرت ظهري حتى لا أخدش نظري بمشاهده الفاضحة ، والفضيحة هنا تتلخص في أن طفلاً ما .. في زمن ما .. اعتقل ثلاث مرات و عُذّب و حُرم من الدواء و الماء حتى بلغ المرض منه ما بلغ و انه قاوم حتى خارت قواه وأوري جسده أرضًا بعيدة دون وداع .
مر عام بتمامه والجمهور يحدق في انتظار مشهد النهاية لا يزال ، سئم الرواية والممثلين لكنه عاجز عن مغادرة صالة العرض ، عاجز حتى على التصفيق
ليست الإشكالية أنك رحلت .. فجميعنا راحلون ، ولكن لأن الأصل في خلقنا أننا مخيرون .. وبأمر من أحدهم لم نعد كذلك.
اضف تعليقا