يواصل النظام الإماراتي تصعيد مؤامراته في البلاد الإفريقية بهدف نهب ثرواتها والسيطرة علي مقدراتها ومواردها الاقتصادية، حيث أبرزت تقارير عالمية مؤخراً ضلوع الإمارات في عمليات نهب وتهريب الذهب في عدد من البلدان الإفريقية، ما حولها إلي واحدة من أكبر مراكز غسيل الأموال والتهريب عالمياً. 

مركز تهريب

وفي تطور لافت، أبرز تحقيق نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني تحول الإمارات إلى مركز لتهريب الذهب في ظل سعيها لتوسيع مكانتها كمركز رئيسي للذهب.

وقال الموقع “لا توجد مناجم تحت رمال دبي مع عمال المناجم الحرفيين أو الأطفال الذين يكدحون في محاولة لصيد الذهب، لكن هناك سوق الذهب في دبي والمصافي التي تتنافس مع أكبر العمليات العالمية”.

وأضاف التقرير” في السنوات الأخيرة رسخت إمارة دبي على وجه الخصوص، مكانتها كواحدة من أكبر وأسرع الأسواق نموًا للمعادن النفيسة، حيث ارتفعت الواردات بنسبة 58% سنويًا إلى أكثر من 27 مليار دولار في عام 2018، وذلك رغم عدم وجود ذهب محلي للاستفادة منه، حيث يتعين على الإمارات استيراد الذهب من أي مكان يمكنها، سواء كان ذلك بشكل مشروع أو تم تهريبه دون طرح أي أسئلة، أو مصدره من مناطق النزاع، أو مرتبطًا بالجريمة المنظمة”.

وأشار التقرير إلي أن الذهب أصبح مهمًا جدًا لاقتصاد دبي لدرجة أنه عنصر التجارة الخارجية الأعلى قيمة في الإمارة، متقدمًا على الهواتف المحمولة والمجوهرات والمنتجات البترولية والماس، وفقًا لجمارك دبي، حيث يعد أكبر صادرات الإمارات بعد النفط.

ووفق التقرير فقد تضطر الإمارات إلى مراقبة القطاع بشكل أفضل، بعد أن كانت محور العديد من التقارير لمنظمات عالمية علي رأسها مجموعة العمل المالي (FATF)، وهي هيئة إعدادات المعايير العالمية لقواعد مكافحة غسيل الأموال، حول دورها في تجارة الذهب القذرة.

في ذات السياق، أشار تقرير صادر عن وزارة الداخلية ووزارة الخزانة في المملكة المتحدة مؤخرا، أن الإمارات معرضة لغسيل الأموال من قبل الشبكات الإجرامية بسبب السهولة التي يمكن بها نقل الذهب والنقود عبر البلاد.

وأشار التحقيق الدولي إلي أن 95 في المائة من الذهب المُصدَّر رسميًا من وسط وشرق إفريقيا ينتهي به المطاف في دبي، ومعظمه مُستخرج من السودان وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقال مسئولون دوليون “الكثير من الذهب محل النزاع يتم تهريبه إلى الدول المجاورة ثم تصديره إلى دبي”.

وفي عام 2016 أعلنت الإمارات عن واردات من الذهب من 25 دولة أفريقية، بقيمة 7.4 مليار دولار، في المقابل فإن تلك الدول لم تعلن عن أي صادرات إلى الإمارات.

وأعلنت الإمارات عن 3.9 مليار دولار من الذهب من معظم الدول الـ21 الأخرى التي استوردت منها زيادة عما تم الإعلان عنه في الصادرات.

تغول إماراتي

في ذات السياق، أبرز معهد تاكتكس البريطاني للأمن ومكافحة الإرهاب تغول دولة الإمارات في قارة إفريقيا بهدف نهب الذهب ومقدرات الشعوب.

وأكد المعهد في دراسة نشرتها صحيفة “لو موند” الفرنسية، ضرورة الحد من مصادرة موارد القارة الأفريقية عبر التهريب بجميع أنواعه.

وحذر المعهد من “الاستيلاء” على الموارد “من قبل الدول مدفوعة باعتباراتها الخاصة” في مقدمتها الإمارات، وذلك على خلفية تزايد انعدام الأمن في الدول الإفريقية المستهدفة.

وذكر المعهد أن الإمارات من بين دول طامعة في ثروات إفريقيا تستغل حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن السائدة فيها”.

وتابع “نرى ذلك من خلال مثال الذهب الذي يمتد استخراجه إلى دول مثل بوركينا فاسو وغانا وليبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وتوغو”.

وذكر أنه بعيدًا عن التنظيم، فإن سوق الذهب يخلق ممارسات بعيدة عن روح الأخلاق وتشمل المصالح الموجودة حتى في الدول “المسؤولة” مثل سويسرا.

وفي نهاية عام 2019 أوضحت مجموعة الأزمات الدولية (ICG) كيف أن الازدهار في قطاع الذهب الحرفي على شريط يمتد من موريتانيا إلى السودان، وهو أمر يشجع ممارسات تعدين الذهب في بعض بلدان وسط ساحل إفريقيا.

على سبيل المثال في عام 2018 أشارت وكالة رويترز إلى حالة توغو، وهي مركز لتهريب الذهب الذي يفلت من التدفقات التجارية الرسمية، حيث يتم تصدير ذهب توغو إلى الإمارات الوجهة الأولى للذهب من إفريقيا (من دول مثل بوركينا فاسو، ساحل العاج، ليبيريا) بشكل غير قانوني.

ووفقًا للأمم المتحدة، تم تهريب سبعة أطنان من الذهب في عام 2018 من توغو وحدها عبر الإمارات.

وأبرز المعهد أنه إذا كانت إفريقيا مصدرًا مهمًا للهجرة فذلك بالتأكيد لأن آفاقها الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن أن ترضي سكانها، ولكن أيضًا لأن خطوط الصدع السائدة في أجزاء عديدة من القارة تعيق الظروف بشدة.

دور إسرائيلي مشبوه

في سياق متصل، كشفت تسريبات صحفية أن لجنة مشتركة تم تشكيلها من دولة الإمارات وإسرائيل تختص بدعم الجانبين في تجارة تهريب الذهب، حيث تم الاتفاق على تشكيل اللجنة على هامش زيارة وفد من جمعية تجار المجوهرات الإسرائيليين إلى مجموعة دبي للذهب والمجوهرات.

وقال الإعلام الإماراتي إن الزيارة استهدفت تعزيز الروابط التجارية، ولتعريف الوفد الإسرائيلي ببيئة الأعمال في دبي، حيث حضر الاجتماع أعضاء رفيعي المستوى من كلا الوفدين، وتناول سبل زيادة التعاون بين البلدين.

واتفق الوفدان على المشاركة في معارض بعضهما البعض، والتي ستساعد على تنويع خططهما نحو تحقيق أهدافهما التنموية، في حين انعقد الشهر الماضي مؤتمر دولي للذهب في دبي بمشاركة 33 دولة بينها إسرائيل.

ونشرت وكالة رويترز تقريراً مفصلًا قبل شهرين عن تحول الإمارات لأكبر مستورد غير شرعي للذهب من إفريقيا، حيث تم تقدير حجم عمليات التهريب بمليارات الدولارات سنويا ليمثل الذهب المتداول في دبي نحو خُمس الناتج المحلي لدولة الإمارات.

واستند التحقيق في تقييمه لحجم عمليات التهريب على مقارنة إجمالي الواردات للإمارات مع الصادرات التي أعلنتها الدول الإفريقية.

وأظهرت بيانات هيئة الجمارك الإماراتية استيراد 446 طناً من الذهب بدرجات نقاء متباينة وبقيمة 15.1 مليار دولار من 46 دولة إفريقية، بما يمثل نحو 50% من إجمالي واردات الذهب للإمارات.

غير أن بيانات كومتريد “قاعدة بيانات إحصاءات التجارة الدولية للأمم المتحدة”، شهدت تبايناً واضحاً، حيث لم تزود 25 دولة من تلك الدول الإفريقية الأمم المتحدة ببياناتها من صادرات الذهب للإمارات، فيما شهدت معظم الدول الـ21 الأخرى تسجيل بيانات صادرات أقل بكثير مما سجلته واردات أبو ظبي، وهو ما يعني أن تلك الكميات تم تهريبها للدولة الخليجية.

وبينما ضمت قائمة الدول الأكثر تضرراً عدداً من الدول الإفريقية من بينها غانا وبوركينا فاسو، فإن دولاً عربية في القارة السمراء أيضاً لم تسلم من سرقات أبو ظبي.

 وتأتي على رأس البلدان المنهوبة السودان، الذي يعد ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا وصاحب ثاني أكبر احتياطي بالقارة بنحو 1550 طناً مؤكداً.

وكشف تقرير للجارديان البريطانية مؤخرا حصول إمارة دبي على كميات كبيرة من الذهب السوداني عبر طرق غير شرعية تقودها شركة الجنيد المملوكة لعبدالرحيم دقلو شقيق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المشهور بـ”حميدتي”، والذي تسيطر قواته على منجم جبل عامر في دارفور وثلاثة مناجم كبرى في جنوب كردفان.