فرحة وسعادة مشوبة بالقلق والترقب.. هذا هو ملخص ليلة عاشتها العديد من الدول العربية بعد إعلان المصالحة بين قطر والسعودية وفتح الحدود البرية بين البلدين وعودة رحلات الطيران بينهما.
ظلت تساؤلات المتابعين عالقة عن موقف الدول الأخرى “الإمارات والبحرين ومصر” التي شاركت في حصار قطر وقادت تأجيج القطيعة معها طوال السنوات الماضية منذ يونيو 2017 وحتى اليوم، وما مصير الشروط الـ13 التي تمسكت بها هذه الدول للمصالحة ورفضتها الدوحة مرارا.
زادت التكهنات بأن المصالحة ستقتصر على السعودية وقطر في ظل إعلان زعماء البحرين والإمارات ومصر تباعا تغيبهم عن حضور قمة اليوم بالمعلا شمال غرب المملكة السعودية وهو ما يعني أن الأجواء ما زالت ملبدة بالغيوم والأيام المقبلة هي التي ستجيب عن هذه الأسئلة.
الكويت أعلنت فتح الحدود البرية والبحرية والأجواء بين السعودية وقطر، فيما قال ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” إن القمة الخليجية المرتقبة بالمملكة “ستكون موحدة للصف وستلم الشمل”.
محاولات عرقلة
بالتزامن مع ذلك كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن الإمارات قاومت المصالحة مع قطر واختلفت مع السعودية حول ما إذا كان ينبغي إنهاء المقاطعة، لكن الرياض “أرادت إنهاء المقاطعة، وعدم بقاء الأزمة على طاولتها مع قرب دخول إدارة جو بايدن البيت الأبيض”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على المفاوضات، أن السعودية وحلفاءها أسقطوا قائمة الطلبات الـ13 التي قدموها لقطر لإنهاء الحصار، وكان من بينها إغلاق قناة “الجزيرة” وتقليص تعاون قطر مع إيران.
ووافقت قطر بدورها على تجميد الإجراءات القانونية ضد الدول المحاصرة في منظمة التجارة العالمية ومؤسسات دولية أخرى.
على الرغم من المحاولات الإماراتية لعرقلة المصالحة إلا أنها رحبت بها بشكل شبه رسمي، حيث قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، ، إننا “أمام قمة تاريخية نعيد من خلالها اللحمة الخليجية”.
بينما رفض إعلاميون مصريون مقربون من نظام السيسي تصالح بلادهم مع قطر مؤكدين التمسك بالمطالب الـ13 التي تم الإعلان عنها مع بداية الأزمة، ما يعني أن المصالحة لم تأت بتوافق بين دول الحصار الأربع.
وقال الإعلامي المصري “أحمد موسى”، والمقرب من الرئيس “عبد الفتاح السيسي”، إن مصر لن تتصالح مع قطر.
وكتب موسى عبر صفحته الشخصية على فيس بوك “مع كامل الاحترام للأشقاء في السعودية والكويت على جهودهم المقدرة.. لكن حاكم الدوحة مازال يتآمر ويخون.. مصر كبيرة وعظيمة بشعبها وقيادتها”.
وأضاف الإعلامي المقرب من المخابرات عبر برنامجه الفضائي: إنه “لا تصالح مع قطر التي تدعم الجماعات الإرهابية (..) لن نضع أيدينا في يد من يؤذي بلادنا وشعبنا”، حسب قوله.
https://www.facebook.com/AhmedMoussaEG/videos/404156510815215/?t=0
وعلى نفس المنوال قال الإعلامي المصري المقرب من النظام “مصطفى بكري” عبر حسابه على تويتر: “إذا لم تستجب قطر للشروط الـ13 فلن تجد قطر من يردعها”.
وأضاف: “حديث المصالحة يدوي والجزيرة القطرية لا تزال تبث سمومها ضد مصر، ولا زالت المؤامرة القطرية الإخوانية مستمرة، عن أي مصالحة تتحدثون”، حسب قوله.
ياتري هل ستتوقف قطر عن التأمر ضد الأمن القومي وتوقف أبواقها المسمومه المتأمره ، أم أننا سننسي كل ذلك من أجمل جمال عيون السيد كشنر ، إذا لم تستجب قطر للشروط ال ١٣ فلن تجد قطر من يردعها ويوقف تأمرها ضد الأمه ودعمها للإرهاب والإرهابيين
— مصطفى بكري (@BakryMP) January 4, 2021
وأضاف بكري: “لقد عانت الأمة كثيرا من ألاعيب النظام القطري ومؤامرته، تري ماذا قدمت قطر؟، هل استجابت للشروط؟، هل اعتذرت لأسر الشهداء الذين قتلوا من جراء دعمها للإرهاب؟، هل تعهدت لكم بأنها ستتوقف عن التحريض والتآمر؟، هل ستغلق بوق التآمر الذي لايكف عن التحريض ضد بلداننا؟، هل قالت لكم قطر؟”.
لقد عانت الأمه كثيرا من ألاعيب النظام القطري ومؤامرته ، تري ماذا قدمت قطر ، هل إستجابت للشروط ، هل إعتذرت لأسر الشهداء الذين قتلوا من جراء دعمها للإرهاب ، هل تعهدت لكم بأنها ستتوقف عن التحريض والتأمر ، هل ستغلق بوق التأمر الذي لايكف عن التحريض ضد بلداننا ، هل قالت لكم قطر
— مصطفى بكري (@BakryMP) January 4, 2021
غياب الزعماء
المواقف المتضاربة من الدول العربية المشاركة في حصار قطر “مصر والبحرين والإمارات” ألقت بمزيد من الغموض على الموقف خصوصا بعد إعلان زعماء الدول الثلاث غيابهم عن القمة الخليجية.
يأتي الغياب رغم تأكيدات سابقة من مسئولي مجلس التعاون الخليجي حضور قادة الدول الست للقمة التي تستضيفها السعودية يوم الثلاثاء 5 يناير 2021.
ولعل غياب ملك البحرين واتخاذ المنامة موقفا مضادا لتوجهات الرياض لأول مرة هو الأكثر غرابة وإثارة للاستفهام بعد تصعيد بحريني متواصل ضد قطر خلال الأيام الماضية.
حيث اتهمت قطر في الأسابيع القليلة الماضية البحرين بانتهاك مجالها الجوي بطائرات مقاتلة، بينما وصفت البحرين، في رسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هذا الادعاء بأنه “لا أساس له، ومؤسف ولا علاقة له بالحقائق”.
ودأبت البحرين على اختراق المياه الإقليمية لقطر بزوارق عسكرية وهو ما دفع قطر لتقديم شكوى لمجلس الأمن تارة واحتجاز مراكب بحرينية تارة أخرى.
من ناحية أخرى، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر خليجية قولها إن اجتماعات قمة الخليج قد تثمر عن إطلاق حوار واتخاذ خطوات لبناء الثقة مثل فتح المجال الجوي، إلا أن الاتفاق الشامل لإعادة العلاقات إلى طبيعتها ليس جاهزا بعد.
كذلك رأى المحلل المتخصص في الشرق الأوسط، مايكل ستفينز، أن “هناك مزيداً من العمل يتعين القيام به من أجل سد الانقسامات العميقة بين قطر وخصومها الإقليميين”.
وقال: “لا أعتقد أنه تم الاتفاق على أي شيء، هذه أخبار إيجابية، وخطوة كبيرة وخطوة أولى مهمة”.
التصريحات والمواقف تؤكد إذن أن المصالحة قد تقتصر على قطر والسعودية، وأن الأطراف الأخرى مازالت تحاول استيعاب الموقف والتعامل مع الخطوة السعودية المفاجئة بفتح الحدود والأجواء مع الدوحة.
حصار قطر
وكانت السعودية والإمارات ومصر والبحرين قد بادرت في يونيو 2017 إلى قطع العلاقات بشكل مفاجئ مع قطر وادعوا أن ذلك بسبب دعم قطر لمجموعات إسلامية وتقاربها مع إيران.
وترتّب على قرار المقاطعة الذي اتّخذته الدول الأربع عدّة إجراءات من بينها إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، ومنع التعاملات التجارية مع الدوحة.
وبعد قطع العلاقات، أصدرت الدول الأربع قائمة تضم 13 مطلبا من قطر تشمل إغلاق شبكة الجزيرة، كما تشمل خفض مستوى علاقات قطر مع تركيا وإيران، وهو ما رفضته الدوحة.
اضف تعليقا