شهدت القمة الخليجية الحادية والأربعين، التي عقدت الثلاثاء الماضي، قامت دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية إلى جانب مصر باتخاذ خطوات لتقليل التوترات التي بدأت مع قطر في منتصف 2017 بعد قطع العلاقات الدبلوماسية معها وفرض حصار عليها، وهي خطوة اعتبرها الخبراء تدبيرًا مهمًا لتعزيز الأمن في منطقة الخليج العربي ولتقليص نفوذ إيران في المنطقة.
وحضر القمة، التي عقدت في العلا شمال غرب المملكة العربية السعودية، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في أول زيارة له للسعودية منذ عام 2017، وقد استقبله ولي العهد السعودي بحفاوة ملحوظة في المطار، ثم اصطحبه في وقت لاحق في جولة بسيارته الخاصة.
ولي العهد السعودي أكد في تصريحاته حول هذا اللقاء أن المصالحة الخليجية ضرورية لمواجهة التحديات المحيطة بالمنطقة “وفي مقدمتها التهديدات التي يشكلها برنامج إيران النووي، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، والأنشطة التخريبية التي تقوم بها إيران ووكلائها الإرهابيون والطائفيون في المنطقة”.
من جانبهم، أكد الخبراء الإقليميون أن التقارب الخليجي هو خطوة هامة نحو توحيد صفوف دول مجلس التعاون الخليجي لخلق المزيد من الضغط على إيران، لا سيما بإنهاء الأزمة التي استغلتها إيران في جني مكاسب اقتصادية عالية بعد استخدام قطر للمجال الجوي الإيراني.
في حواره للمجلة قال سينا أزودي، زميل غير مقيم في المجلس الأطلسي، “عندما يكون لديك مجلس دول مجلس التعاون الخليجي منقسم، سيستفيد منه الإيرانيون لأن هذا التقسيم سيجعل من الصعب على دول مجلس التعاون الخليجي اتخاذ قرارات جماعية ضد إيران”.
وبحسب آزودي، استغلت إيران منذ ثلاث سنوات الخلاف الخليجي لتقترب أكثر من قطر التي فُرضت عليها عزلة بسبب الحصار والمقاطعة من أبرز دول المنطقة، وأضاف وقال آزودي أن إنهاء الخلاف من شأنه أن يخلق جبهة موحدة أكثر صلابة ضد طهران.
موقف الولايات المتحدة
على الصعيد الأمريكي، قال مسؤولون في واشنطن إن إنهاء الأزمة كان أحد أهداف السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية -إدارة ترامب- لتعزيز الأمن في المنطقة وممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران، خاصة وأن كبير مستشاري البيت الأبيض غاريد كوشنر في الماضي بزيارات متعددة إلى المنطقة للتوصل إلى اتفاق، ويقال إنه كان يقود الجهود الأخيرة.
ووفقًا لتيموثي ليندركينغ، نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون شبه الجزيرة العربية، فإن التوترات خلقت شقوقًا في “جدار المعارضة القوي” لإيران.
وكان الحصار قد منع الطائرات القطرية من التحليق فوق الأجواء السعودية والمصرية إلى إفريقيا وأوروبا، وكمحاولة لحل هذه الأزمة، سعت قطر إلى توثيق العلاقات مع إيران، باستخدام المجال الجوي الإيراني لرحلات شركة الطيران القطرية المتجهة إلى أوروبا.
كنتيجة لذلك، كانت قطر تدفع ملايين الدولارات لإيران كرسوم عبور، وقال نادر هاشمي، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر في كولوراد، بعد أن تصالح الدوحة والرياض جزئيًا، ستطير الخطوط الجوية القطرية فوق المملكة العربية السعودية؛ وبالتالي ستحرم إيران من الإيرادات التي تحتاجها بشدة.
التوترات لا تزال قائمة
على الرغم من الحديث بإيجابية عن خطوة المصالحة وترحيب الطرفين السعودي والقطري باتفاق العلا، لا يمكن الجزم بأن التوترات قد زالت بصورة نهائية، حيث يقول بعض الخبراء، مثل مارتن ريردون من أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية في الدوحة، إن الاتفاقية لا يمكن اعتبارها حلاً نهائياً، حيث لا تزال بعض الاختلافات الرئيسية بين الدول العربية دون حل.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد اشترطت في البداية لإنهاء الحصار أن تلبي قطر قائمة من 13 مطلبًا في غضون 10 أيام، وتضمنت هذه القائمة إنهاء العلاقات مع إيران، وإغلاق قناة الجزيرة وبعض القنوات التلفزيونية الأخرى، وإنهاء الوجود العسكري التركي، ووقف دعمها للمعارضة السياسية للأنظمة التي أسقطتها ثورات الربيع العربي، وتسليم عدد من الشخصيات السياسية المعارضة.
بدورها، رفضت قطر الاستجابة لهذه المطالب معتبرة أنها تدخل في السيادة الداخلية للبلاد، والأكيد أن أياً من تلك المطالب لم يتم الإعلان عن الاستجابة له عند توقيع الاتفاقية الثلاثاء الماضي، بل تم تجنب الحديث عنها، وفي المقابل قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في مؤتمر صحفي في ختام القمة، إن الاتفاق “يطوي صفحة كل الخلافات”.
للاطلاع على النص الأصلي كاملاً من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا