المصالحة الخليجية

تصعيد بحريني مستغرب لم تهدأ وتيرته منذ الإعلان عن المصالحة الخليجية، ضد دولة قطر، تارة باتهامها باعتقال مواطنين بحرينيين أثناء قيامهم برحلات صيد، وتارة بالزعم أن الدوحة تحاول تجنيد مواطنيها للعمل كجواسيس ضد بلادهم.

ويهدد هذا التصعيد المصالحة الخليجية التي تمت في 5 يناير/كانون ثان الجاري، خلال انعقاد القمة الخليجية الـ41 في مدينة “العلا” شمال غربي السعودية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي شارك للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة الخليجية في يونيو/ حزيران 2017.

المصالحة

وادّعت وزارة الداخلية البحرينية، الخميس الماضي، قيام قطر باحتجاز البحار البحريني، مكي علي كويد، ومحاولة تجنيده لصالحها، مشيرة إلى أن ذلك “يعد تدخلا خطيرا في الشؤون الداخلية للمنامة”.

 

وأضافت الوزارة في تغريدة أن الواقعة “تخل بالاتفاقيات الأمنية والالتزامات الواجبة، وفق منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وعلاقات حسن الجوار”.

وتابعت الداخلية البحرينية: “بعد القبض على كويد بالبحر واقتياده وقاربه للدوحة، حاول الأمن القطري تجنيده، على أن يتلقى راتبا شهريا قدره 10 آلاف ريال قطري وإطلاق سراحه وإعادته للبحرين”.

وكان “كويد” قد ظهر في مقطع فيديو، يسرد فيه تفاصيل لما زعم أنها محاولة الأمن القطري تجنيده، ولم يتسن التأكد من هوية الشخص الذي ظهر فيه أو روايته.

تصعيد مستغرب

ويأتي هذا التصعيد، بعد ساعات من إعلان البحرين رسميا، أن قطر أفرجت عن بطل كمال الأجسام “سامي الحداد” واثنين آخرين، احتجزوا أثناء قيامهم برحلات صيد.

المنامة تستنكر إيقاف الدوحة بطل كمال أجسام وتعتبره "خرقا واضحا" للمصالحة الخليجية - RT Arabic

وذكرت وزارة الداخلية البحرينية، في بيان، أنها “تلقت إخطارا من وزارة الخارجية بأنه تم الإفراج عن المواطنين البحرينيين الذين تم القبض عليهم من قبل أمن السواحل والحدود القطري في عرض البحر، بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني 2021 أثناء قيامهم برحلة صيد بحري”.

وأشار البيان الذي نشرته وكالة الأنباء البحرينية (بنا) إلى أن سفارة المنامة في سلطة عمان أفادت بأنه تم وصول المواطنين البحرينيين إليها، حيث تم الاتصال بهم والاطمئنان عليهم.

وكان “نبيل الحمر” المستشار الإعلامي للعاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، اعتبر إيقاف “سامي الحداد” يعد “اختراقا واضحا” للمصالحة الخليجية التي شهدتها قمة العلا.

ورد العميد القطري المتقاعد شاهين السليطي على مستشار ملك البحرين قائلا: ”قمة المصالحة في العلا لم تعط صكاً على بياض لدولتك أو لبحارتكم باختراق الحدود البحرية لدولة قطر أو غيرها من الدول“.

 

فيما قال الكاتب والصحفي القطري أحمد علي: “أجزم ولا أزعم أن جهاز الإستخبارات في البحرين كلف (سامي الحداد)، بإيعاز من القيادة البحرينية للقيام برحلة الصيد البحري في مياهنا الإقليمية لجس النبض بعدالمصالحة، واختبار مدى يقظة أو تساهل سلطاتنا المعنية في تجاوز عملية الإختراق”.

دعوة مضللة

واستغرب مراقبون من التصعيد البحريني، لاسيما وأنه جاء بعد توجيه المنامة دعوة للدوحة، الإثنين الماضي، لإرسال وفد رسمي إلى البحرين، لبدء مباحثات ثنائية بين البلدين، لحل القضايا المعلقة بينهما.

ما بين نظامي البحرين وقطر.. قصّة ودّ انقلبت إلى اتهامات بالتواطؤ!! | منامة بوست

وجاء ذلك وفق ما نص عليه بيان قمة العلا الخليجية بالسعودية، والتي شهدت إعلان مصالحة خليجية بين رباعي الحصار السعودية والإمارات والبحرين ومصر، من ناحية، وقطر، من ناحية أخرى، بوساطة كويتية ومشاركة أمريكية.

 

ونصت الدعوة الموجهة من الخارجية البحرينية إلى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: ”تنفيذا لما نص عليه بيان العلا الصادر عن الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، التي عقدت في محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية، يسرني دعوة وزارتكم الموقرة لإرسال وفد رسمي إلى مملكة البحرين في أقرب وقت ممكن؛ لبدء المباحثات الثنائية بين الجانبين حيال القضايا والموضوعات المعلقة بين البلدين، تفعيلاً لما نص عليه بيان العلا، وصولاً للأهداف السامية التي نطمح إلى تحقيقها لما فيه الخير لمواطني البلدين الشقيقين، وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك”.

مؤامرة إماراتية بحرينية

ويرى مراقبون أن الممارسات البحرينية الأخيرة، تثبت أن الدعوة “مضللة وغير جدية”، فيما لم يستبعدوا وقوف أبوظبي وراء تصعيد المنامة ضد الدوحة، لاسيما وأنها وافقت على المصالحة بعد ضغوط أمريكية سعودية، وفق ما أكدت تقارير غربية.

ويرى الباحث في الشؤون الخليجية، جواد عبدالوهاب، أن البحرين “لم تكن راغبة في التصالح مع قطر”، مرجعاً ذلك إلى “ما أفرزته الأزمة من تعقيدات طوال السنوات الثلاث الماضية”.

ما هو الفرق بين علم قطر والبحرين - موسوعة

وقال عبدالوهاب إن سلطات البحرين حولت الاختلاف السياسي “إلى حالة عدائية مع قطر، وهو ما يمنع اليوم الرجوع إلى الأوضاع التي كانت عليها الحالة قبل الأزمة”.

 

ويعتقد أن “الأزمة بين قطر والبحرين تختلف عن الأزمة بين السعودية وقطر”، موضحا: “هناك تجذر للخلافات بين البلدين، خاصة المنامة التي وجهت اتهامات خطيرة للدوحة؛ من ضمنها دعم انقلاب كانت المعارضة البحرينية تخطط له، واتهام أحد رموز المعارضة بالتخابر مع قطر وحكمت عليه بالمؤبد”.

اقرأ أيضاً: البحرين على خطى الإمارات.. محاولات حثيثة لوأد مخرجات “قمة العلا”