تحدت دولة الاحتلال الصهيوني الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بإعلانها المصادقة على بناء 2572 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وذلك حسب بيان حركة “السلام الآن” الإسرائيلية اليسارية غير الحكومية، ويُفسر قرار رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو على أنه بمثابة تحد لبايدن، نظراً لرفض الأخير سياسة الاستيطان الإسرائيلية، على عكس الرئيس المنتهية ولايته ترامب.

في مقابل ذلك، نرى دولة الإمارات تستورد المنتجات المصنعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة (المستوطنات على وجه التحديد) ومكتوب عليها “صنع في إسرائيل”، وتسوق هذه المنتجات في أسواقها المحلية، في إشارة واضحة لدعم الموقف الاستيطاني لحكومة الاحتلال الإسرائيلي.
بايدن لنتنياهو: ملتزم بحماية أمن 'إسرائيل' | النهار العربي

وبحسب بيان منظمة “السلام الآن” العبرية، فإن الوحدات الاستيطانية الجديدة تشمل 2112 مستوطنة بأنحاء الضفة الغربية المحتلة، و460 في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ويذكر أنه في وقت لاحق أيدت هيئة الأراضي الإسرائيلية تلك المعلومات.

واتهمت الحركة حكومة نتنياهو “بالتدافع المجنون” لاستغلال الساعات الأخيرة لترامب في البيت الأبيض لتمرير مثل تلك القرارات، ومن الجدير بالذكر أن ترامب أول رئيس امريكي يقوم في عهده وزير خارجية واشنطن بزيارات متكررة للمستوطنات الإسرائيلية و”شرعنة” قيامها، كما قدمت إدارته دعما غير محدود للكيان الصهيوني.

كما اعتبرت المنظمة أيضاً أن نتنياهو “يبعث للرئيس جو بايدن رسالة مفادها أنّه لا ينوي بذل جهود على خط حلّ النزاع مع الفلسطينيين”.

وبهذا القرار الأخير تكون حكومة الاحتلال قد أصدرت في شهر يناير فقط ثلاثة قرارات مرتبطة ببناء وحدات استيطانية، حيث صدق الاحتلال، الأحد الماضي، على بناء 780 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، في خطوة لاقت معارضة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقبلها أعلن نتنياهو في يوم الأحد، الحادي عشر من هذا الشهر، الموافقة على بناء 800 وحدة استيطانية جديدة بالضفة الغربية.
لماذا ستستفيد الإمارات من السلام مع إسرائيل أكثر مما فعلت مصر؟ | الحرة

وهنا يجدر الذكر أن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية بموجب القانون الدولي، وذلك وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2334 الصادر في ديسمبر 2016، ويفيد القرار بأن على جميع الدول عدم تقديم أي نوع من انواع المساعدة لإسرائيل تستخدم بشكل خاص في النشاطات الاستيطانية.

والمستوطنات الإسرائيلية هي مستعمرات استيطانية لليهود فقط، وهي عبارة عن مجتمعات مدنية أسسها الصهاينة قبل عام 1948 بعقود، ثم أكملت إسرائيل بناءها على أراضي دولة فلسطين التاريخية، ويقدر عدد المستوطنين الإسرائيليين بقرابة 400 ألف مستوطن، وذلك وفقًا لتقديرات صدرت عام 2016.

  • ردود فعل إقليمية ودولية

وقد عارضت كل من تركيا والأردن القرار الاستيطاني الأخير، حيث أصدرت الخارجية التركية بياناً قالت فيه إنها تدين بشدة إصدار إسرائيل مناقصات لبناء ألفين و572 وحدة استيطانية جديدة في الضفة، بينها 460 في القدس الشرقية، معتبرة إياها “خطوة نحو بناء وحدات استيطانية إضافية غير قانونية”.

وأضاف البيان أن “تصعيد إسرائيل بمثل هذه الإجراءات وما شابهها لمنع إقامة دولة فلسطينية موحدة جغرافيا وتغيير وضع القدس يعكس عقلية انتهازية خطيرة”.

أما الأردن فقد قالت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها إن ” النشاطات الاستيطانية لا شرعية ولا قانونية، ومدانة ومرفوضة”.

ومن الناحية الدولية فقد “أدانت” باريس هذه الخطوة، داعية الفرقاء إلى “تجنّب اتّخاذ أي إجراء أحادي يعرّض حلّ (قيام) الدولتين على أسس القانون الدولي للخطر”.

وفي وقت سابق، وتعليقا على قرار بناء 780 وحدة استيطانية جديدة، أدانت العديد من الدول الأوروبية هذه القرارات ودعت إلى وقف البناء الاستيطاني على الفور، حيث عبرت الحكومة الألمانية عن “قلقها” إزاء سياسة بناء المستوطنات الإسرائيلية، فيما دعا الناطق الرسمي باسم مفوضية الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو، “إسرائيل” إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، كما أبدت بريطانيا هي الأخرى اعتراضها على النهج التوسعي للاستيطان الإسرائيلي.

  • الإمارات.. السباحة ضد التيار

وعلى عكس الدول العربية والأوروبية فيما يتعلق بمعارضة قرارات الاستيطان الصهيونية وعدم الاعتراف بالمستوطنات، تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في صف الداعمين لبناء المستوطنات الإسرائيلية عبر فتحها الباب لاستيراد المنتجات المصنعّة في المستوطنات المقامة على أراضي فلسطينية محتلة، وهو ما يعتبر عملية “شرعنة” لتلك المستوطنات الغاصبة لحقوق الشعب الفلسطيني.

حيث بدأت الإمارات مؤخرًا استيراد النبيذ والطحينة وزيت الزيتون والعسل من الكيان الصهيوني، وملصق عليها “صنع في إسرائيل” عليها، وترويجها وسط الأسواق المحلية، وتجدر الإشارة إلى أن دولًا عديدة -من ضمنها الاتحاد الأوروبي- ترفض معاملة بضائع المستوطنات على أنها منتجات إسرائيلية، ولكي يكون الأمر واضحا أمام المستهلك تقوم بوسمها بمكان تصنيعها، بدلًا من عبارة “صنع في إسرائيل”.

ووفقاً لموقع “واللا” الإسرائيلي فإنه من المتوقع أن يزور رئيس وزراء الاحتلال دولة الامارات العربية المتحدة في أوائل شهر فبراير القادم إذا لم يتم تأجيلها بسبب تمديد الاغلاق الصحي في دولة الاحتلال، ويشار إلى أن معظم الدول الاوروبية ترفض استيراد منتجات المستوطنات الاسرائيلية باعتبارها مستوطنات غير شرعية اقيمت على أرض محتلة.

في سياق متصل، واستمراراً لنهج الامارات التطبيعي على كافة المستويات مع الكيان الصهيوني، وقعت شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل “مصدر” و”أي دي اف رينوبلز – إسرائيل” التابعة لمجموعة “أ دي إف” الفرنسية، الخميس، اتفاقية للاستثمار بقطاع الطاقة المتجددة في “اسرائيل”، وسيكون من المستهدف أن تنتج دولة الاحتلال ما يقرب من 30٪ من طاقتها عبر وسائل متجددة بحلول عام 2030.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “مصدر” محمد جميل الرمحي إن الإمارات وإسرائيل تدخلان حقبة جديدة من التعاون في مجال الطاقة المتجددة، وما يرتبط بها من تقنيات، الأمر الذي يعود بالنفع على الدولتين، حسب تصريحاته.

  • الساكن الجديد بالبيت الأبيض وقضية الاستيطان

وفور تسلم الرئيس الأمريكي جو بايدن السلطة، هنأه نتنياهو ودعاه إلى تعزيز التحالف الأمريكي الإسرائيلي قائلًا: “أتطلع إلى العمل معكم لتعزيز التحالف الأمريكي الإسرائيلي ومواصلة توسيع نطاق السلام بين إسرائيل والعالم العربي ومواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها التهديد الذي تشكله إيران”

من جانبها طالبت السلطة الفلسطينية إدارة بايدن بوضع حد لبناء المستوطنات الاسرائيلية في المنطقة إذا أرادت تحقيق السلام، حيث صرح نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية لرويترز “ندعو الإدارة الأمريكية الجديدة لأخذ موقف واضح من السياسة الإسرائيلية الاستيطانية المنفلتة إذا أرادت تحقيق الأمن أو الاستقرار في المنطقة”.

وأكد ابو ردينة أن “الحكومة الاسرائيلية تعمل على قتل ما تبقى من أي إمكانية لحل الدولتين وتحاول وضع المزيد من العقبات والعراقيل أمام الإدارة الأمريكية الجديدة وأي جهد ستقوم به لاستئناف عملية السلام المتعثرة منذ سنوات”.

وسابقا كان قد صرح أنتوني بلينكن، مرشح الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لوزارة الخارجية، أن “ما يعرف بحل الدولتين هو السبيل لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية ومنح الفلسطينيين الدولة التي يحق لهم الحصول عليها”.

وتجدر الإشارة إلى أن بايدن لم يتردد سابقاً بالتعريف عن نفسه انه “صهيوني”، كما أنه تربطه علاقات شخصية بنتنياهو على مدى سنوات طويلة، إلا أنه في ذات الوقت يتخذ مواقف مغايرة في قضايا الاستيطان، ويعتبرها مقوضة لحل الدولتين.

وهو ما تدركه العديد من الأوساط الإسرائيلية بالمناسبة، حيث ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن إدارة بايدن ستتخذ موقفا حاسماً فيما يتعلق بقضية الاستيطان الإسرائيلي، حيث سترفض التوسع في عملية المستوطنات، على حد قول الصحيفة.