لم يكن الإفراج عن لجين الهذلول، بعد ما يقارب من ثلاث سنوات من الاعتقال، حدثاً مهماً لها ولعائلتها فقط، بل كان يوماً فاصلاً بالنسبة لمحمد بن سلمان -الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية- الذي قال الخبراء إن هذه الخطوة هي بمثابة عرض للسلام مقدم من جانب بن سلمان على إدارة بايدن لبدء عهد جديد من العلاقات الثنائية بين البلدين.

 وتعود قضية الهذلول إلى مايو/أيار 2018 حين تم القبض عليها مع ناشطات بارزات أخريات خلال حملة شرسة قادتها السلطات السعودية ضدهن لمطالباتهن بحق المرأة السعودية في قيادة السيارات، وهو الحظر الذي رفعه ولي العهد بعد أسابيع قليلة من اعتقالها.

كانت تلك الاعتقالات بداية قمع كامل لحركة الدفاع عن حقوق المرأة في البلاد، وكان يُنظر إليها على نطاق واسع محليًا على أنها محاولة لتجنب الشعور بأن الضغط السياسي قد أجبر على تقديم تنازلات كبيرة.

 وشملت التهم الموجهة للجين مشاركة معلومات حول حقوق المرأة في السعودية مع نشطاء سعوديين في الخارج ودبلوماسيين ومنظمات حقوقية، بالإضافة إلى ذلك، تم اتهامها بالتقدم لوظيفة في الأمم المتحدة.

 بحسب الخبراء والمحليين، فإن بن سلمان ينظر إلى قرار إطلاق سراح الناشطة في مجال حقوق المرأة على أنه محاولة لإنقاذ علاقته بالإدارة الجديدة في واشنطن، والتي تحدثت بنبرة شديدة الحدة حول عدم تهاونها فيما بعد فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان منذ الأسابيع الأولى من ولايتها، والتي أكدت خلالها بتصحيح أخطاء ترامب في علاقته بالرياض- في إشارة إلى دعمه اللامتناهي لبن سلمان.

 اعتقال لجين الهذلول، الذي دام 1001 يوماً، كان سبباً رئيسياً لتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية لسنوات، ما جعلها أحد القضايا التي اعتبرها بايدن وإدارته من أولولياتهم القصوى في تحديد مسار علاقتهم مع الرياض.

لم تكن الهذلول معتقلة عادية، كانت من أبرز المدافعات عن حقوق المرأة والمطالبين بالتغيير الاجتماعي في المملكة، ما جعلها تحصل على استحسان كبير من الأمريكيين خلال عهد أوباما، الذي لم يبد خليفته ترامب أي اهتماماً بها أو بمسألة اعتقالها التي تعامل بها بلا مبالاة شديدة.

 أما في عهد بايدن، فقد اختلفت الأمور تماماً، إذ بادر بايدن بالتعليق السريع على إطلاق سراح الهذلول، وقال يوم الأربعاء “كانت مدافعة قوية عن حقوق المرأة”، “وكان إطلاق سراحها هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.”

 بداية علاقة بايدن كرئيس بالرياض كانت كذلك مختلفة بعض الشيء، على مدار أسبوعين من توليه المنصب، لم يتصل بايدن مباشرة بالأمير محمد بن سلمان أو والده الملك سلمان، على عكس ولاية ترامب، الذي كانت زيارته الأولى خارج الولايات المتحدة للرياض، وهي الزيارة التي كان لها دور كبير في شكل العلاقات الأمريكية-السعودية خلال إدارة ترامب، والتي لم يعر ترامب أثنائها أي اهتمام يُذكر لحقوق الإنسان.

 حصل ترامب على أعلى وسام شرف للمملكة خلال زيارته المُشار إليها للرياض واستعاد ثقل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، بعد فترة من توتر العلاقات بين واشنطن والرياض في عهد أوباما، الذي كان يرى أن المزيد من التواصل مع إيران هو مفتاح لتهدئة التصعيد في منطقة أضرمتها الحرب والتمرد.

 في خطابه الأول للسياسة الخارجية، قال بايدن إنه ينهي الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن ويزيل جماعة الحوثي اليمنية من قائمة الإرهاب في محاولة لتسهيل التوصل إلى حل تفاوضي للصراع.

وفي ضربة أخرى للرياض، أوضح ]بايدن[أنه يعتزم العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، والذي من شأنه أن يقوض وضع الصديق الإقليمي الذي منحه ترامب للرياض ويعيد العلاقات الثنائية إلى أسس تقليدية أكثر تقوم على احترام القانون والاهتمام بحقوق الإنسان.

 كان الحكم المخفف على لجين الهذلول في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي بداية محاولات بن سلمان لشراء ود بايدن وكسب إدارته، وبعد الحكم، أكد مستشار الأمن القومي الجديد لبايدن، جيك سوليفان، أن الإدارة الجديدة ستجعل حقوق الإنسان شيء مركزي في تحديد موقفها تجاه الرياض.

وتعليقاً على ذلك كتب على تويتر: “لقد أكدنا على أهمية حرية التعبير والنشاط السلمي في المملكة العربية السعودية لأنه يعزز حقوق المرأة”… “نتطلع إلى إطلاق سراحها في عام 2021”.

ورغم أن الحكم كان مخففاً، إلا أن سوليفان قال “إن الحكم على الهذلول لمجرد ممارستها حقوقها العالمية ظالم ومقلق… كما قلنا، ستقف إدارة بايدن هاريس ضد انتهاكات حقوق الإنسان أينما وقعت “.

 من ناحية أخرى، يرى كبار المسؤولين السعوديين قرار الإفراج عن لجين الهذلول على أنه لفتة منخفضة المخاطر نسبيًا، والتي قد تؤكد لإدارة بايدن أن الرياض تمتلك نوايا حسنة للبدء من جديد.

ومع ذلك، رد بعض كبار مؤيدي الأمير محمد بقلق من أن الولايات المتحدة ستطالب بالمزيد من الخطوات المشابهة مع القليل من جهتها ]إدارة بايدن[ في المقابل.

  للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضًا: نيويورك تايمز تكشف شبكة تجسس إماراتية جديدة