في مقال بعنوان “تحت الضغط، أُجبرت السعودية على إطلاق سراح لجين الهذلول”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن الإفراج عن الناشطة النسوية، أثار حراكًا كبيرًا للمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، ومع وصول الرئيس جو بايدن على البيت الأبيض، أدى إلى إقناع المملكة العربية السعودية أخيرًا بإغلاق هذه القضية المحرجة.
وأضافت إن الناشطة، البالغة من العمر 31 عامًا، قضت في السجن أكثر من ألف يوم وليلة، وأفرج عنها الأربعاء 10 فبراير/ شباط، حيث أصبحت لجين الهذلول رمزا للمنعطف القمعي الذي اتخذه النظام الملكي في ظل حكم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورمزا للكفاح من أجل تحرير المرأة السعودية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ألقي القبض عل الهذلول في مايو/ أيار 2018، بسبب نشاطها على الشبكات الاجتماعية، بما في ذلك دعواتها لمنح المرأة الحق في قيادة السيارة، الذي دخل حيز التنفيذ بعد أيام قليلة، وفي ديسمبر/ كانون أول 2020، حكم عليها بالسجن خمس سنوات وثمانية أشهر، بتهمة “أنشطة يحظرها قانون مكافحة الإرهاب”.
ورأت “لوموند” أن إطلاق سراح هذه الشابة يأتي تتويجا لجهود المنظمات الحقوقية الدولية، كما يعكس حرص السلطة السعودية على استرضاء الإدارة الأمريكية الجديدة، التي تقول، على عكس الإدارة السابقة، إنها مصممة على جعل الدفاع عن حقوق الإنسان سمة مميزة لسياستها الخارجية.
“فعل صحيح”
ونوهت بأنه بعد ساعات من الإفراج عن لجين الهذلول من السجن، رحب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بالإفراج عن الهذلول قائلا “إن إطلاق سراحها كان الفعل الصحيح الذي ينبغي عمله”، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي الديموقراطي قبل وصوله للبيت الأبيض، وجه كلمات قاسية ضد “محمد بن سلمان” نجل الملك والرجل القوي، الذي تعتبره وكالة المخابرات المركزية وراء اغتيال الصحفي والمعارض جمال خاشقجي عام 2018.
ومن جهته رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بهذه الخطوة، حيث طالب ساكن قصر الإليزيه السعودية عام 2019 بالإفراج عن الناشطة الناطقة بالفرنسية، وهي طالبة سابقة في جامعة السوربون-أبوظبي.
أما آدم كوغل، نائب قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش فقال: “انتهى سجن لجين الهذلول الظالم، لكنها ما تزال غير حرّة. مع منعها من السفر وتهديدها بالسَّجن مجددا إذا لم تلتزم الصمت، تستمر محنتها المتمثلة في إجهاض صارخ للعدالة”.
وبحب الصحيفة الفرنسية ” فرغم إطلاق سراحها، لجين الهذلول لن تكون حرة في حركاتها وكلماتها، فالمعتقلة السابقة ممنوعة من مغادرة السعودية لمدة خمس سنوات، ومن المحتمل ألا تخاطر بالتحدث في وسائل الإعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعي، على الأقل خلال هذه الفترة، خوفًا من إعادتها إلى السجن على الفور.
“نتائج عكسية”
وأوضحت أنه عندما سُجنت هذه الشابة في 15 مايو/ أيار 2018، ألقيت معها عشرات النسويات الأخريات في السجن. وجاءت المداهمة عشية المرسوم الذي يسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، وهو إصلاح كان أُعلن عنه قبل ثمانية أشهر.
وذكرت “لوموند” أنه من خلال إسكات هؤلاء النساء الناشطات في ذلك الوقت، منع محمد بن سلمان أن ينسب هذا التقدم إلى أي شخص آخر غيره، وأشار إلى أن “تحول” المملكة العربية السعودية، الذي بدأ بتقليص صلاحيات الشرطة الدينية وإطلاق برنامج تنويع الاقتصاد، سيكون مستمر على وتيرته، كما قدم تعهدات للمحافظين المتطرفين الذين أزعجتهم هذه الإصلاحات، فيما وصفت الصحف حينها هؤلاء الناشطات بأنهم “خونة” يتلفون رواتب من سفارات أجنبية.
وتابعت “لكن هذا الخطأ، مثل المبادرات الأخرى المفاجئة لولي العهد، ولا سيما الحصار الذي فرضه على قطر في عام 2017، سرعان ما انقلب ضده. فعلى الصعيد الدولي، طغت قضية لجين الهذلول ورفاقها في الأسر على مساعي إصلاحات “محمد بن سلمان”، مثل إلغاء نظام حصول المرأة على موافقة “ولي أمرها” للسفر إلى الخارج.
وزادت النتائج العكسية مع الكشف في نوفمبر/ تشرين ثاني 2018 عن تعرض العديد من السجناء للجلد والتعذيب بالصدمات الكهربائية بالإضافة إلى تهديد لجين الهذلول بالاغتصاب.
وأكدت “لوموند” على أنه في وسائل الإعلام العالمية، تضررت بشدة صورة محمد بن سلمان، حتى أصبح استبداده يغطي على جانبه الإصلاحي، وأعاق هذا الإخفاق، الذي وصل إلى ذروته بسبب قضية خاشقجي، جهود المملكة لجذب الاستثمار الأجنبي، وهو شرط لا غنى عنه لخطة ولي العهد من أجل عدم اعتماد الاقتصاد على النفط بشكل كامل.
ولفتت إلى أن فوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية، أقنع أخيرًا الرجل الثاني في المملكة العربية السعودية بضرورة حل المشكلة. وبالأخص بعد اجتماع مجموعة العشرين في الرياض، نهاية نوفمبر/ تشرين ثاني 2020، بعدما حرمه وباء كوفيد -19 من العودة إلى الواجهة التي كان يحلم بها، أعاد محمد بن سلمان إطلاق محاكمة هذه الناشطة، بعد فترة وجيزة من افتتاحها في مارس/ آذار 2019.
ويرى آدم كوغل أنه تم ” ضبط حكم الناشطة السعودية بحيث يتزامن إطلاق سراحها بشكل أو بآخر مع تولي جو بايدن السلطة، وهكذا يأمل محمد بن سلمان أن يحفظ ماء وجه. “
ووفقًا لمنظمة حقوق الإنسان السعودية غير الحكومية “القسط”، فقد تم أيضًا إطلاق سراح المدونة نوف عبد العزيز، التي سُجنت في نفس الوقت تقريبًا مع لجين الهذلول. لكن العديد من النسويات ما زلن خلف القضبان حتى يومنا هذا، مثل سمر بدوي ونسيمة السادة، بالإضافة إلى العديد من السعوديين الآخرين الذين كان خطأهم الوحيد هو التعبير عن وجهة نظر تختلف عن الخط الرسمي للنظام.
ونقلت “لوموند” في ختام تقريرها عن مضاوي الرشيد، وهي معارضة تعيش في المنفى القول: إن إطلاق سراح ناشطة بارزة يجب ألا يصرف انتباه المجتمع الدولي عن حقيقة أن المملكة لا تزال تحتجز مئات من سجناء الرأي الآخرين”.
للإطلاع على المصدر الأصلي اضغط هنا
اقرأ أيضًا: هل يكفي إفراج بن سلمان عن “لجين الهذلول” لكسب ود إدارة بايدن؟
اضف تعليقا